من مدينة المتقاعدين إلى عاصمة الحياة

ليوطي شبهها بدوفيل الهادئة والحسن الثاني حولها إلى منصة عالمية للصناعة عندما وضع المقيم العام الفرنسي الماريشال ليوطي، مهندس سياسة التوسع الفرنسي في الهند الصينية والمغرب في 1913 لوحة نحاسية، لتشييد حديقة باسمه، أضحت تحمل اﻵن اسم بطل التحرير المغفور له محمد الخامس، ودون عليها بأحرف بارزة أنه اليوم يحط الرحال بالجديدة، وأنها شبيهة إلى حد كبير بمدينة دوفيل الفرنسية. رسم ليوطي لعاصمة دكالة مصير مدينة بدون صخب، وحكم عليها بأنها للمتقاعدين والراغبين في قضاء عطلة سنوية، بعيدا عن ضجيج المصانع وصخب الحياة، لم يكن يتوقع أبدا أنها ستكون عكس ذلك عاصمة لإقليم خرج سنة 1967 من صلب البيضاء، وخط لنفسه مسارا تنمويا آخر، وفي صمت رهيب، قبل أن يتحول إلى قطب اقتصادي كبير جنوب العاصمة الاقتصادية، يستحوذ حسب إحصائيات المركز الجهوي للاستثمار في 2020 على خمس استثمارات جهة البيضاء- سطات. الجديدة ليس كما رسم مصيرها ليوطي، لكن كما خطط لها المرحوم الحسن الثاني في نقطة تحول في 1984 بتشييد ميناء الجرف الأصفر، الذي نقلها بسرعة مكوكية من الوظيفتين الفلاحية والسياحية، إلى عاصمة إقليم بصخب اقتصادي إيجابي هو الرئة الصناعية للمغرب بمواصفات منصة عالمية لتصنيع الفوسفاط ومشتقاته، تخلق الثراء لفئات واسعة من السكان وأيضا للاقتصاد الوطني ككل. الجديدة هي اليوم بصخب المدينة الجامعية التي تحمل اسم "شعيب الدكالي"، واحد من العلماء الأجلاء الذين سارت بذكرهم الركبان، تحولت من محطة عبور سياحي إلى حلقة قوية في السياحة الثقافية، والتي تأسست على ما يزخر به الإقليم من موروث ثقافي متنوع، يجري وباستمرار تثمينه من خلال موسم الولي الصالح مولاي عبدالله أمغار، وأيضا من خلال تحويل الجديدة عاصمة للفرس والفروسية، فضلا عن بنية الإيواء التي تعززت بمنتجعات سياحية بمعايير دولية. وتواصل الجديدة نموها الاقتصادي بالمشاريع الملكية الرائدة التي خص بها الملك محمد السادس الجرف الأصفر، من خلال تهيئته في وجه العديد من الاستثمارات العالمية الضخمة، ما يؤكد أن هناك إرادة قوية لمواصلة النمو الصناعي بالإقليم، الذي يتوفر على كل مقومات النجاح والمناخ المواتي للاستثمار، وهو الذي يساعد على تجويد المعيش اليومي لفئات عريضة من المجتمع. وتتهيأ الجديدة أيضا لتفتح أحضانها لتوأم لها على بعد 9 كيلومترات، ويتعلق الأمر بمدينة جديدة في القطب الحضري "مازغان " على مساحة 1500 هكتار ، ينتظر أن تستقبل 134 ألف نسمة في أفق 2034 . هي واحدة من أهم المشاريع العقارية الضخمة التي ترسخ مسار المدن الخضراء ببلادنا، الكل يتحدث برجة إيجابية قوية في تدعيم المنظومة التعليمة بالإقليم، وأيضا الارتقاء بالعرض الخدماتي، الذي جعل سكان الجديدة يقلصون حتما من التنقل إلى البيضاء، لأنها الجديدة التي صنعت لنفسها هوية اقتصادية بتعددية وفق مؤهلات اجتمعت لها، وتفرقت في غيرها من المدن والأقاليم. هذه هي الجديدة كما أرادها الملوك العلويون، وليس كما أرادها البرتغاليون "مهدومة "، وكما أرادها ليوطي مدينة ميتة للمتقاعدين. عبدالله غيثومي (الجديدة)

من مدينة المتقاعدين إلى عاصمة الحياة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نخب جديدة في صلب التنمية المستدامة

الجديدة... قطب صناعي صاعد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات