حب المظاهر…”شحال عندك شحال تسوى”

شباب يرى في التجمل واتباع أحدث أنواع الموضة مقياسا للتفاضل في زمن الماديات "قوليا شحال عندك نقوليك شحال تسوى"، "بنادم ماكيشوفكش أش كليتي وواش من شهادة عندك كيشوف غير أش لبستي وواش مبوكص وفاش راكب وفين كتجلس" "المظاهر اللي ولات لاعبة فهاد الوقت"....من بين العبارات التي تلخص واقع حب المظاهر، التي صارت مسيطرة على الحياة اليومية للشباب المغربي. انفصال شباب اليوم عن القناعة والمثل، له صور متعددة في هذا الزمن الذي شاع فيه الزيف في كل شيء، إذ صار عدد من أبناء الحي الواحد يتنافسون في الانجراف نحو الماديات والانغماس في حب المظاهر وتحقيق المنافع الشخصية بدون أي حس إنساني، رغم أن الناس اليوم أصبحوا أكثر تفاخرا وتغنيا بمظاهر الجمال والسعادة التي يزعمون التوفر عليها ظاهريا، لكن في عمقهم وجوهرهم لا أثر لوجودها البتة، وهذا ما يدل على عدم اتساقهم مع ذواتهم، فما يهمهم هو إظهار الصورة التي يريدون أن يراها الآخرون عليهم على أنها واقعهم، مع أن خلفيات حياتهم تحمل مشاهد من البؤس والمعاناة والنقص العاطفي، التي يتم إخفاؤها بمساحيق التجميل واللباس والابتسامات المزيفة. وإذا كان جيل الستينات والسبعينات والثمانينات يرى أن اهتمام الشباب بالمظاهر الخارجية أكثر من الأخلاق والثقافة، ويسخرون من تسابق الشباب مع الفتيات على عمليات التجميل ومستحضرات العناية بالبشرة واقتناء أحدث الماركات العالمية الأنيقة، بل ارتداء بعض الملابس الغريبة والألوان الصارخة، أو تميز بصبغة شعر باللون البني مثلا وتسريحة شعر أغرب، والتقاط الصور لمشاركتها في "فيسبوك" و"انستغرام" لحصد النجومية المصنعة والإعجاب، فإن المعنيين بالانتقاد يردون أن مرد التسابق على المظاهر الخارجية والماديات وتطليق عالم المثل، يعود إلى رغبتهم في التحرر من المشاكل التي يعيشونها، مشيرين إلى أن المرء يسعى إلى الترويح عن النفس وترك "مشاكل الحياة" لأصحابها لأنه "ما كاينش معامن". وإذا كان الآباء والجيران وأشقاء الشباب المتهم بمظهره أكثر من اللازم، يرون أنه "جيل قيمش وبلا فايدة" فإن مختصين يعتبرونها أحكام قيمة، إذ ينفون وجود أي تمرد، وأن الأمر يتعلق باستلهامهم أسلوب حياة جديدا فرضته عليهم تطورات العصر، جعلتهم يتبنون مواقف معارضة للأكبر منهم سنا. نوفل، شاب يبلغ من العمر 19 سنة، اعترف بأن أغلب الشباب المغربي أصبح خارج التغطية، سواء في ميدان الثقافة أو السياسة، بل صار خارج طبيعة المجتمع المغربي وخصوصيته من ناحية الأخلاق والتربية والهوية، موضحا السبب في ذلك "الصراحة انطلاقا من نفسي يمكن القول إننا لم نعد قادرين على تحليل ما يجري من حولنا وغير قادرين على العيش بمنطق الرضا بما قسم لك، لأننا صرنا في مجتمع يصف المختلف معه بالمتخلف، والسبب في ذلك يعود إلى أن العولمة وتداعيات صيحات الموضة، التي لا يمكن التخلف عنها وإلا ستكون ضحية التنمر والسخرية في زمن الماديات". علي، 21 عاما، طالب بالجامعة واحد من الشباب الذي صار يواجه مشاكل عديدة ليس من قبل عائلته، وإنما من قبل أقرانه الذين لا يتفقون مع تشبثه بالقيم ونبذه للمظاهر الخداعة، يحكي "أصبح هناك هوس مفرط بالمظاهر من الجنسين في الأيام الأخيرة، وقد مر علي الكثير من الشباب، خاصة في الجامعة يتزين لدرجة بطريقة تحاكي الفتيات، وأرى السبب ضعف الثقة بالنفس وعدم تقبل الذات، ولا ننسى تأثير الإعلام وبرامج التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها لوصول الفتيان والفتيات إلى هذا المدى من الجنون بالمظهر". وأضاف الشاب الذي أصبح يتعجب من سلوكات أقرانه، "الاهتمام بالمظاهر والأمور الكمالية لم يعد يعكس المستوى المادي الذي تعيشه بعض الأسر، ولكنه أصبح الثقافة الرائجة في حياة كثير من مسلمي اليوم، لا بل صار مرضا اجتماعيا لا يُبتلى به أصحاب المال والثروات فحسب، بل نلاحظه بشكل أكثر استفحالا لدى الكثير من متوسطي الحال ومحدودي الدخل، إلى درجة أصبح الشاب العادي متخلفا مثل حالي، إذ تتم مخاطبتي في كثير من الأحيان ب"مالك معقد وقديم راك فزمن الموضة والتطور". ونبه عبد الرحيم عنبي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن زهر بأكادير، إلى أن نهل المعرفة من مصادر جديدة، يعمق الصراع بين الأجيال، سواء على المستوى الفكري أو الأوصاف، إذ نجد مثلا أن كبار السن يعتبرون الشباب ما زالوا صغارا في السن، ويرفضون سلوكاتهم وممارساتهم، إذ يعتبرونها غير ناضجة، رغم أنهم بدورهم كانوا عرضة للنقد لما كانوا في سنهم، من قبل جيل آبائهم، كما الأمر لجيل السبعينات، الذي كان متشبعا بالظاهرة الغيوانية والفكر الماركسي، إذ كان ينظر إليهم من قبل الكبار وقتها أنهم متمردون على المجتمع والقيم والدين، لهذا، يؤكد أستاذ علم الاجتماع، في كل زمان نسمع عبارة "بكري كان لحيا والعفة"، في إشارة إلى أن لكل جيل له "بكري" خاص به. محمد بها

حب المظاهر…”شحال عندك شحال تسوى”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الزهو إن دا بلايس"...حرية مطلقة

غموض يلف فتح الأحياء الجامعية والداخليات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات