قرارات “طلع تاكل الكرموص”

السلطات لجأت إلى إغلاق قطاعات متضررة من الأزمة وسمحت بأنشطة أخرى لا تقل خطورة لا أحد يفهم كيف تتوصل السلطات إلى قرارها بإغلاق أماكن دون غيرها، في إطار تشديد الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس "كورونا"، وبناء على أي معطيات علمية يتم ذلك؟ لا أحد يناقش طبعا أهمية قرار الإغلاق والتشديد، في ظل الارتفاع في عدد الإصابات بالفيروس في الأسابيع الأخيرة، والذي كان متوقعا بالنظر إلى فتح الحدود والسماح بالتنقلات بين البلدان والمدن، وبإقامة الأعراس والجنائز والتجمعات، وتمديد ساعات حظر التجول الليلي إلى الحادية عشرة ليلا وغيرها من إجراءات التخفيف على المواطنين. لكن التساؤل الكبير المطروح، والذي من حق الجميع أن يتساءله، هو، لماذا تختار السلطات قطاعات معينة دون غيرها لإغلاقها وقطع أرزاقها، في حين تسمح باستئناف أنشطة قطاعات أخرى، رغم أنها لا تقل خطورة عنها في نشر الفيروس. أسئلة أخرى تطرح نفسها بقوة أمام القرار الأخير، الذي أصدرته السلطات بمنع التجول ابتداء من التاسعة مساء وإغلاق المقاهي والمطاعم في التوقيت نفسه، إضافة إلى إغلاق القاعات الرياضية والحمامات. لماذا لم يشمل قرار الإغلاق المتاجر التي تسجل إقبالا كبيرا للمواطنين يتجاوز طاقتها الاستيعابية، وفي غياب أي نوع من التباعد، خاصة في موسم "الصولد" الذي بدأ قبل أيام؟ وماذا عن محطات "الطرامواي" التي تكاد تختنق من كثرة الراكبين؟ لماذا تم السماح باحتفالات عيد الأضحى، بكل ما تكتسيه من خطورة، لإسهامها في انتشار الفيروس، وهو الخطأ الذي تكرر للسنة الثانية على التوالي، بعد أن فجر نسبة الإصابات بالفيروس السنة الماضية؟ ما هي الحقائق والمعطيات العلمية التي اعتمدت عليها السلطة من أجل إغلاق الحمام وقاعة الرياضة؟ هل ثبت مثلا أن هذه الفضاءات تساهم في نقل الفيروس أكثر من غيرها؟ من حق السلطات ومدبري الشأن العام اتخاذ القرارات، التي يرتأون أنها مناسبة من أجل السيطرة على الوضعية الوبائية ببلادنا، لكن من حق المواطنين أيضا، الحصول على توضيحات وشروحات منطقية تبرر هذه القرارات، التي ينطبق عليها المثل المغربي الدارج "طلع تاكل الكرموص نزل شكون قالها ليك". ثم، ألم تأخذ السلطات بعين الاعتبار، قبل تخفيف القيود على المواطنين، إمكانية ارتفاع حالات الإصابة بين صفوفهم، خاصة بعد دخول أبناء الجالية المغربية من الخارج؟ ألم يكن انتشار "دلتا" متوقعا والانتشار السريع للعدوى أيضا؟ وإذا كانت السلطات تعرف جيدا أن المغربي بطبعه لا يمكن أن يلتزم بالإجراءات الوقائية، فلماذا لم تلجأ إلى الصرامة في تطبيقها، واشتركت معه في التراخي نفسه؟ ألم يكن فرض القانون وتشديد العقوبات على غير الملتزمين، سواء في الشارع، أو في المقاهي والمطاعم، أو في الحفلات والأعراس، سيجنبنا شر الإغلاق؟ ثم ما ذنب الأشخاص الملقحين، والذين تصل نسبتهم إلى 30 في المائة، كي يدفعوا ثمن "الكلاخ" المتفشي في صفوف الرافضين للتلقيح، والذين توجد نسبة كبيرة منهم اليوم في قاعات الإنعاش وتحت أجهزة التنفس الصناعي وفي المقابر؟ إنها التساؤلات التي يطرحها المواطنون اليوم، دون أن يجدوا لها أجوبة مقنعة. وطرحها لا يعني أبدا تبخيس المجهودات التي تقوم بها السلطات ومدبرو الشأن العام في بلادنا، من أجل إنقاذ الأرواح والتحكم في انتشار الفيروس. إنها فقط محاولة لفهم واستيعاب بعض القرارات التي تضر بمصالح المواطنين وتمسهم في لقمة عيشهم، خاصة أن الإغلاق لا تقابله أي تعويضات مناسبة للمتضررين. ختاما، نقولها لكم، من هذا المنبر: "سدو علينا كاملين... غير عطيونا الفلوس باش نعيشو". نورا الفواري

قرارات “طلع تاكل الكرموص”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحت الدف

"ماكاينش بحالنا" في عرض جديد

مقالات ذات صلة