عبد العزيز الطاهري... أيقونة المسرح والمجموعات الغنائية، إذ شهد تأسيس أشهر فرقة في تاريخ المغرب "ناس الغيوان" وساهم فيه، والتحق في 1974 بجيل جيلالة... كتب أجمل أغاني المجموعتين...، لكن تواضعه يجعله يفضل الصمت. هو ممثل مسرحي لمع في بطولة مسرحية "الحراز" في 1968، واشتغل في تجربة فرقة "مسرح اليوم"، مع الراحلة ثريا جبران، التي نشرت أعمال الطاهري الشعرية في ديوان استثنائي صدر في 2009، هذا إلى جانب اهتمامه بفنون "الحلقة" و"الحضرة" و«"الرباعيات"، وحفظه للتراث الشعري الصوفي والديني، ليبقى مولاي عبد العزيز الطاهري ديوان المغاربة وذاكرتهم الشعرية الشعبية الحية. في السلسلة التالية يفتح الطاهري قلبه لقراء "الصباح" ليروي جزءا من ذاكرته الغنية، بدءا من طفولته في دروب مراكش، وعلاقته برواد المسرح إلى تفاصيل علاقاته ببعض الفنانين. خالد العطاوي رحلة الرباط التقى بأساتذة كبار في مجالات الفن أمثال بن بريك والعلج وعفيفي "كنتُ سعيدا جدا بالانتقال إلى الرباط"، يقول الطاهري في بوحه لـ "الصباح"، وكأن القدر رسم طريقه، فتجربة الرباط فتحت أمامه عالما آخر، وجعلت عينيه تنفتحان على شخصيات فنية وتشكيلية وإعلامية وجامعية، إضافة إلى المثقفين، والأهم أن الطاهري بدأ مسارا جديدا مليئا بالنجاح. كان سبب رحلة الطاهري الرغبة في الالتحاق بالأخ الذي كان مسؤولا عن مؤسسة للتعاون الوطني، وسريعا اندمج مع أجواء العاصمة، فالمؤسسة كانت تستقبل، آنذاك، القاطنين في المؤسسات الخيرية، وتقيم لهم أنشطة فنية، بما فيها العروض المسرحية أو الموسيقية أو ورشات للفن الكلاسيكي والعصري. لعبت مؤسسة التعاون الوطني، في تلك الفترة، دورا كبيرا في التكافل الاجتماعي، وساهمت في إدماج عدد من نزلاء المؤسسات الخيرية، وكان الفن أحد الطرق الناجعة في الإدماج، لذلك وجد الطاهري نفسه يشاركهم في عروض في مختلف المجالات الفنية، ما أغنى تجربته. في 1963 التحق الطاهري بالمعهد الوطني للموسيقى والرقص والفن المسرحي بالرباط الذي كان يشرف على تسييره الفنان والموسيقي عبد الوهاب أكومي، ويعتبر من الموسيقيين المغاربة الأوائل الذين أحرزوا على أعلى تكوين موسيقي في بداية الخمسينات من القرن العشرين، بعد دراسة الموسيقى في القاهرة وباريس وإسبانيا، وهو صاحب التوزيع الموسيقي للنشيد الوطني للمملكة. "لن أنسى أبدا اللحظات الممتعة التي قضيتها في المعهد الوطني"، هكذا يلخص الطاهري دراسته في المعهد، إذ التقى بأساتذة كبار في جميع مجالات الفن، منهم فريد بن بريك، والطيب العلج، ومحمد عفيفي. يتذكر الطاهري أن أساتذة المعهد كانوا يترصدون مواهب الطلبة الجدد، وبعد عدة اختبارات اتفقوا على أسماء من يعتبرونهم نخبا فنية، ولحسن الحظ كنت من بينهم، وهنا بدأ مسار جديد من التحصيل العلمي المتخصص على يد كبار الرواد. خصص لـ "النخبة الفنية" الجديدة برنامج دقيق في التحصيل العلمي، إذ يتلقون دروسا أكثر من غيرهم، فنال الطاهري حصته من دروس معمقة في المسرح والموسيقى والرقص، ثم واصل طريقه في المعهد، إلى حين تلقيه خبر عودة الشقيق إلى مراكش، مجددا، ما كان يعني العودة إلى مدينة القلب محملا بالتجربة والتحصيل العلمي. التحق الطاهري في مراكش بفرقة الشبيبة الحمراء التي كانت تضم أفرادا من أبناء حومته المتفوقين، ثم سرعان ما وجد ذاته في الفرقة المسرحية التي فازت بجوائز في المهرجانات، وكانت من أولى الفرق التي وظفت الغناء في المسرح منها الطرف الأخير من أغنية "نرجاك أنا" والتي تقول "آش بغيت أنا بهاد العالم"، وهي الأغنية التي تغنت بها الغيوان في ما بعد، من تلك الأعمال المسرحية ما كتبه شهرمان وما كتبه مولاي عبد العزيز وغيرهما. الحلقة الثانية