اقتصاد صاعد ودبلوماسية قوية

نقطة قال إن مغرب ما بعد 2000 تغيرت ملامحه وزاد إشعاعه في شتى المجالات اعتبر أمين نقطة الباحث المتخصص في الأنظمة الاقتصادية للدول الهشة، أن المقاربة المندمجة مكنت مغرب محمد السادس من تسريع وتيرة صعوده الاقتصادي، بالتزامن مع تحرك دبلوماسي أعاد رسم خارطة تحالفاته بترجيح كفة العودة إلى جذوره القارية و الثقافية، ما جعل كلمته مسموعة أكثر في محيطه الإقليمي و على الصعيد الدولي. وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار ياسين قُطيب > تعددت مجالات نهضة المغرب في عهد محمد السادس، ما هي قراءتكم لأهم منجزات 22 عاما من الحكم ؟ > شهد مغرب ما بعد سنة 2000 قفزة نوعية غيرت ملامح البلاد في مجالات شتى وتنوعت امتداداتها بين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وبما أن الاقتصاد هو المحرك الأول لكل التغيرات المجتمعية، يمكن القول بأن البلاد عرفت طيلة 22 سنة طفرة في المشاريع، إذ أعطى الملك بعد سنوات قليلة من توليه العرش، انطلاقة أول مشروع عملاق، وهو ميناء طنجة المتوسط في 2003، ليدخل إلى حيز العمل في سنة 2007، ومعه بدأ التغير الأكبر في الاقتصاد المغربي تلاه قطار «التيجيفي» الذي جعل المغرب البلد الافريقي الوحيد الذي يمتلك قطارا فائق السرعة والثامن عالميا من حيث السرعة، فضلا عن تدشين مصنع «رونو نيسان» بضواحي طنجة، والذي جعل قطاع السيارات يدخل في إطار الصادرات المغربية نحو الخارج، والتي أصبحت تفوق صادرات المغرب من الفوسفاط، إلى جانب مشروع مخطط المغرب الأخضر سنة 2008، الرامي إلى عصرنة وتحديث القطاع الفلاحي المغربي وتحسين جودة منتوجاته، ورفع صادراته نحو أوربا والعالم. كما أن مشروع طنجة الكبرى، الذي أطلقه الملك في 2013 من أجل تخفيف الضغط عن البيضاء الكبرى، غير وجه طنجة بشكل كبير وجعلها قطبا صناعيا وسياحيا مهما. > ما هي إضافة التوجه نحو إفريقيا ؟ > في خضم سنوات النهضة الاقتصادية، كانت أنظار المغرب تتجه نحو إفريقيا سنة بعد أخرى، ليبدأ الملك جولات طويلة للقارة من أجل الزيادة في حجم الاستثمارات المغربية بإفريقيا تحت شعار «رابح رابح»، مما أثمر اتفاقية مهمة بين المغرب ونيجريا في سنة 2016 بإنجاز خط أنبوب الغاز يربط نيجيريا بغرب افريقيا وصولا إلى المغرب، كما تكلل الانفتاح المغربي نحو إفريقيا، أيضا، سنة 2017 بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وبالتالي التوقيع على العديد من الاتفاقيات الاقتصادية مع عدد من البلدان الإفريقية، ليصبح المغرب أحد أبرز البلدان حضورا في إفريقيا من حيث الاستثمارات حاليا. كما أن التوجه المغربي نحو القارة السمراء تمليه متطلبات اقتصادية ملحة في ظل أزمة اقتصادية، تعيشها أوروبا الشريك الأساس للقارة، إلى جانب ضرورة رجوع المغرب لإفريقيته ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، إضافة لمشكل الصحراء في افق تحقيق تقارب في الرؤى واتفاق حول حل سياسي لقضيتنا الوطنية. > هل أثرت وطأة الجائحة على وتيرة المنحى التصاعدي للمغرب ؟ > عرت الجائحة واقع جميع الدول، لكن المغرب عبر عن علو كعبه وحنكته في مواجهة تداعيات هذه الجائحة، إذ عمد، بتوجيهات ملكية، إلى اتخاذ عدة قرارات وإجراءات صحية واجتماعية واقتصادية استباقية وإنسانية، أهمها القرار الحكيم والوجيه لجلالته بإحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا، وتعميم التغطية الصحية، فضلا عن اعتماد التصنيع المحلي لإنعاش الاقتصاد، إذ حققت البلاد اكتفاء ذاتيا من الأقنعة الواقية المصنعة محلياً كما تصدر كميات منها. > تميزت 2021 بتحرك دبلوماسي مغربي غير مسبوق، كيف تقيمون نتائجه؟ > حقق المغرب انتصارات ديبلوماسية مهمة، أبرزها اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالسيادة الكاملة للمملكة المغربية على الصحراء، واعتمادها «خريطة رسمية جديدة» للمغرب تضم منطقة الصحراء المغربية، خلال مراسم أقيمت في السفارة الأمريكية في الرباط، ثم إعلانها عن افتتاح قنصليتها في الداخلة، والتي سبقتها إلى ذلك 17 قنصلية (10 في مدينة العيون و8 في مدينة الداخلة)، إلى جانب تحرير معبر الكركرات عقب تدخل الجيش المغربي ميدانياً، وبطريقة سلمية، والذي سبقه تضامن دولي واسع. > هل تمكن المغرب من وضع لمسته على الاتحاد الإفريقي بعد العودة ؟ > إن الملك، بصفته رائدا للهجرة في الاتحاد الإفريقي، قدم في يناير 2018 بمناسبة القمة الثلاثين للاتحاد الإفريقي أجندة إفريقية للهجرة تقوم على تصور إفريقي موحد يجعل من الهجرة عاملا مساهما في التنمية عن طريق التدبير الجيد لها، وشرع جلالته في تفعيلها على أرض الواقع عن طريق إحداث مرصد إفريقي للهجرة تابع للاتحاد الإفريقي بالرباط سنة 2020 لتوفير قاعدة معطيات لدول الاتحاد الإفريقي تمكنها من بلورة السياسات المثلى للهجرة، لجعلها عامل قوة وازدهار وتنمية لقارتنا الإفريقية، وتغيير الصورة النمطية التي تجعل «الهجرة» مرادفة للمشاكل والاضطرابات. وأصبح المغرب يساهم في النقاشات ليس على المستوى القاري فحسب، بل على المستوى العالمي، إذ شهدت مراكش سنة 2018 ولادة الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والنظامية والمنتظمة، المعروف بميثاق مراكش.

اقتصاد صاعد ودبلوماسية قوية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إستراتيجيات قطاعية لتسريع التنمية

احتفاء بالرياضة والرياضيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات