حين حاربنا العزوف بـ”فردتي بلغة”

فكرة جهنمية رفعت نسبة المشاركة في الانتخابات وحيرت أجهزة إدريس البصري سنحتاج إلى عبقري جديد في المغرب، تشع في مخيلته فكرة جهنمية لإقناع الناس بالذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم التصويت، كما فعل صاحب فكرة «فردة بلغة» قبل التصويت، والثانية بعد تسليم أوراق المترشحين المنافسين كاملة غير منقوصة. فلا أحد يعرف صاحب هذه الفكرة الرهيبة التي قلبت موازين الانتخابات في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي رأسا على عقب، وأحدثت انقلابا في أجهزة وزارة الداخلية، وحيرت الوزير الأقوى، الذي لم يستوعب كيف يمكن لزوجي "بلغة" من جلد ماعز عطن مطلية بلون أصفر لا يتجاوز ثمنها 50 درهما، أن تعطي نتائج باهرة وترفع أسهم المغرب ضمن الدول التي تتجاوز فيها نسبة المشاركة 70 في المائة. فلعدة سنوات، ظلت أجهزة إدريس البصري تتأمل هذا "السهل الممتنع" وغير المكلف من الأفكار، بعد أن حققت "فردة قبل، وفردة بعد" من النتائج الباهرة، ما لم تحققه "مجتمعة" كل المخططات والبرامج والدعوات وحملات التعبئة وملايين الدعم المالي للأحزاب وتجييش القياد والشيوخ والمقدمين لدفع المواطنين للذهاب إلى صناديق الاقتراع. ولو كان صاحب الفكرة في بلد آخر يحترم نوابغه وصناع الأفكار «الكبيرة»، لنحت له تمثال ووضعت نسخ منه أمام مقرات الجماعات الترابية ومجلسي البرلمان، حتى يتذكر الفائزون بالمقاعد أفضال هذا العبقري عليهم، الذي لولاه لهجر المغاربة الانتخابات إلى غير رجعة. الفكرة كانت رائدة في بساطتها، إذ لا يمكن لرجل، أو امرأة أن يرتدي فردة واحدة من «بلغة»، أو «شربيل»، وإلا تحول إلى موضوع تهكم بين الناس، لذلك سيكون عليه أن ينخرط في "اللعبة" إلى نهايتها، حتى يظفر بالفردة الثانية. والواقع أن نمط الانتخاب الفردي الذي كان المعمول به في التجارب السابقة، لم يكن ليكتمل إلا بوجود طريقة تصويت تشبهه في المفهوم والسياق والنتائج، أي "فردة بلغة قبل وفردة بعد" التي لم تكن تتطلب أي عناء، غير مساعدين يضعون أمامهم حزما من بلاغي و"شرابيل» بالألوان ومقاسات مختلفة، يسلمون الفردة الأولى، ويحتفظون بالثانية، حتى يغادر المصوت مقر التصويت، ثم يسلمونه الثانية، بعد التأكد أنه صوت لفائدة مرشحهم. وأكاد أجزم أن تغيير نمط الاقتراع من الفردي إلى اللائحي النسبي، جاء لوأد هذه الفكرة، بعد أن استشعر البعض خطرها عليهم وعلى أحزابهم، خصوصا في الأوساط الحضرية، حيث كان يصعب إغراء ناخب بزوجي «بلغة». ورغم أن النمط الجديد، ابتدع لنفسه طرقا جديدة للتحكم في اختيارات الناخبين أثناء التصويت، خصوصا في ظل التطور التكنولوجي ودخول الهواتف المحمولة إلى غرف العزل، فإنها لم تعط النتائج الدقيقة نفسها، بسبب تزوير الوقائع والاستعمال المفرط للصور والفيديوهات المركبة بتقنية "فوطوشوب». لذلك، مازال المترشحون الراسخون في "علم" الانتخابات في المغرب يتذكرون «فردة قبل وفردة بعد" بكثير من الحنين والحسرة، مرددين "يا ليت البلغة تعود يوما، حتى نحكي لها ما فعل البورطابل». يوسف الساكت

حين حاربنا العزوف بـ”فردتي بلغة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الباحثون يرفضون بلقنة الجامعة

العثور على جثة أجنبية بعين حرودة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات