فئات من المجتمع تقبلته نسبيا إلا أن العديدين يصنفونه في خانة الزنا والفساد رغم أن المجتمع بدأ يطبع نسبيا مع المساكنة، إلا أنها مرفوضة ومنبوذة لدى شريحة واسعة من المغاربة، الذين يصنفونها في حكم الزنا، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وفي إطار الفساد الذي يجرمه القانون. ورغم أن العديد من "الكوبلات» أصبح يلجأ إليها في ظل تغير العقليات، والرغبة في التحرر من قيود الزواج، خاصة في أوساط الشباب، إلا أن غالبية الأسر ترفض أن يعيش أبناؤها خارج القفص الذهبي، وبالتالي خارج سلطة العائلة والمجتمع والقوانين، التي تنظم الحياة داخله. ولأن الغالبية الكبرى في مجتمعاتنا تمنح مؤسسة الزواج قدسية خاصة، فإن علاقات المساكنة "ما كا تدخلش ليها فعقلها". فعقد "النكاح"، ضروري وأساسي، من أجل توثيق العلاقة الجنسية وترسيمها، وضمان حقوق الزوجة والأبناء في المستقبل، (المهر، النفقة، المتعة، مؤخر الصداق، الإرث... )، وهي كلها عوامل وأسباب مادية تمنح لوثيقة الزواج أهميتها القصوى وتحول دون أن يتهرب الزوج/الرجل من مسؤوليته في الإنفاق والاعتراف بالبنوة. أما العيش تحت سقف واحد بدون زواج، فلا معنى له في مجتمع لا يؤمن بالحب والانسجام والتفاهم والحق في الاختيار. ورغم أن العلاقات الإنسانية يجب أن تكون مؤطرة بعقد الالتزام الأخلاقي، الذي يحتاج إلى ضمير حي أكثر مما يحتاج إلى وثيقة، إلا أن أغلبية المغاربة يربطون الأخلاق ب"لبيض فلكحل"، لذلك قلة قليلة منهم من يحترم علاقة "الكونكوبيناج» بين اثنين، بل يستغربها أحيانا كثيرة، ويرفقها دائما بعبارة «الله يستر وليداتنا»، لذلك غالبا ما يلجأ «الكوبل» المتساكن، إلى الكذب أمام الجيران وادعاء الزواج، ليسلم من شر الألسن، ومن شر بعض القلوب الحاقدة، التي قد تلجأ إلى "البوليس" ليجد الحبيبان نفسيهما معتقلين بموجب الفصل 490، الذي يجرم العلاقات الجنسية خارج الزواج، حتى لو كانت رضائية وبين شخصين بالغين. في الملف التالي، محاولة لرصد مختلف جوانب علاقات المساكنة في مجتمعنا، من خلال شهادات بعض من عاش التجربة ومن سمع عنها فقط، ومن وجهة نظر علم الاجتماع ووجهة نظر حقوقية وقانونية. نورا الفواري المعاشرة بعيدا عن الزواج البحث عن شريك جنسي ومالي دون عقد ملزم ومشاكل العائلة دفعت العزاب والعوانس لتبنيها إذا كانت المساكنة «الكونكيبناج»، مرفوضة من قبل المجتمع المغربي، بل ومحظورة شرعا وقانونا، فإن الواقع شيء آخر، إذ تحتضن عدد من الشقق بالمدن الكبرى امرأة ورجلا تحت سقف واحد، بدون عقد زواج يربط بينهما. بأحد أحياء العاصمة الاقتصادية الراقية يعيش جميل (اسم مستعار) والبالغ من العمر 45 سنة مع صديقته نوال في بيت واحد منذ خمس سنوات، وحتى وإن كانا يخطوان خطواتهما نحو الكبر إلا أنهما يرفضان فكرة الزواج. وأوضح جميل أنه غير مستعد للارتباط بعقد رسمي، فبالنسبة إليه وشريكته، ف»الكونكيبناج»، أفضل حل، لأن مؤسسة الزواج تتطلب حقوقا وواجبات، وهو غير قادر على تلبيته. وأوضح المتحدث نفسه في تصريح ل"الصباح"، أن هناك بعض الشركاء يفضلون التهرب من المشاكل المرتبطة بالزواج، من بينها تربية الأطفال والعناية بهم وتكاليف التطبيب والتمدرس والمأكل والملبس. ومن الأسباب التي دفعت جميل إلى تبني "الكونكيبناج»، أنه وشريكته لا يرغبان في استقبال أفراد العائلة داخل بيتهما، وما ينجم عنها من سلوكات تتطور إلى مشاكل، تهدد علاقتهما، من قبيل طلبات الاقتراض والمساعدات المالية والإدارية وكثرة القيل والقال وطلبات العمل والوساطة في العمل والإدارات. وفي ما يتعلق بأن "الكونكيبناج" حل لإشباع النزوات الجنسية فقط، أوضح جميل أن المساكنة توافق بين الشريكين، إلا أنه يبقى غير مضمن بعقد رسمي، مشيرا إلى أنه من الناحية النفسية أفضل، إذ حينما يقع انفصال بين الطرفين لا تنجم عنه أداء النفقة بالنسبة للرجل أو مسؤولية تربية الأبناء، لأن العيش تحت سقف واحد دون زواج في المغرب يختلف عن أوربا التي تبيح إنجاب الأطفال. ورغم أن ظاهرة المساكنة مرفوضة جملة وتفصيلا في المجتمع المغربي "المحافظ"، إلا أنها أصبحت متبناة، من قبل بعض الشباب وكذا من النساء اللواتي لا يؤمن بالزواج، أو من وصلن سنا معينة دون زواج وعشن تجارب فاشلة، أوضح جميل أن انفتاح المغاربة ثقافيا وانتقالهم إلى السكن في العمارات، شجع إلى حد ما هذا التعايش، الذي فرضته نوعية السكن لتفادي "التبركيك». وإذا كان بعض الرجال والنساء يجدون حرجا في الإفصاح عن تبينهم لنموذج «المساكنة»، فإن هناك نوعا آخر، يجهرون بها وسط عائلته، خاصة الرجال الذين يساكنون نساء ثريات.ومن النماذج، مراد شاب عشريني لا يتجاوز 23 سنة، كان يقطن مع صديقته الأربعينية، التي تكبره ب17 سنة، لمدة ثلاث سنوات، إذ أكد أنه لا يواجه أي مشكل مع عائلته، التي يقول إنها متفتحة. ورغم العشق الممنوع الذي يجمع بين الشاب والمرأة، نظرا لفارق السن الكبير بينهما ونظرة المجتمع، التي تحتقر هذا النوع من العلاقة، قرر تتويج علاقته بها بتبني النموذج الغربي، الذي يمنح العشيقين الحرية الكاملة في العيش تحت سقف واحد دون عقد زواج، مفضلا التمرد على العادات والتقاليد المغربية والقطع مع عبارة "عيب وحشومة»، التي تنظر بازدراء إلى هذا النوع من العلاقة، وفي الوقت نفسه تحدي القانون المغربي الذي يمنع هذا السلوك، غير أنه قرر إنهاء التجربة بعد خلافات، سببها كثرة التحكم في تحركاته والتجسس على هاتفه المحمول وعلى حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق "واتساب»، التي أججت نار الغيرة بداخلها، والتي كانت تسيطر على شريكته. وإذا كان مراد لا يجد حرجا في تبني المساكنة بسبب تقبل عائلته وطمعها، فإن عزيز خوفا من عائلته وردة فعل جيرانه في الأحياء الشعبية، وجد مشكلة في إيجاد شقة للإيجار للاستمتاع ب"الكونكيبناج»، واضطر للبحث في الأحياء الراقية، التي رغم أن ثمن الإيجار فيها مرتفع، إلا أنها تمنح أصحاب المساكنة حرية أكبر في العيش تحت سقف واحد دون الحاجة إلى إثبات الزواج، الذي حسب اعتقاده صار صعبا في الوقت الحالي، الذي يتطلب ضرورة وجود سكن وسيارة وعمل قار بأجر مهم. محمد بها