تحول السلفيين إلى أحزاب…الحساب والكلفة

تساؤلات حول استعداد السلفيين للتنازل عن إطلاقية الدعوة لصالح نسبية السياسة بعد النهضة والفضيلة، تتواصل مجهودات تنظيمات سياسية محسوبة على الصف الإسلامي استقطاب وجوه معروفة من التيار السلفي بالمغرب وأتباعها، في إطار مشروع لإعادة ترتيب البيت الداخلي لإسلاميي المغرب وتذويب بعض الحساسيات المغالية لديهم، استثمارا للتداعيات العامة التي أفرزتها موجة الربيع العربي التي حملت إلى كراسي الحكم عددا من الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس والمغرب على الخصوص. في جزء ثان من التحليل، تندرج عملية الاستقطاب في إطار سابق احتواء هؤلاء السلفيين لما لهم من شعبية جارفة وسط أتباع التيار، ويتعلق الأمر بمن أُطلِق سراحهم بعد استنفادهم العقوبات الحبسية الصادرة في حقهم، أو من ينتظر الإفراج عنهم مستقبلا، بناء على الوعد الذي قدمته الدولة، في شخص وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، بطي الملف بشكل نهائي وعقد مصالحة وطنية.ومؤكد أن هذه الدعوات التي انطلقت منذ مغادرة شيوخ السلفية، المحكوم عليهم في إطار أحداث 16 ماي، أسوار السجن، تخفي وراءها رغبة في تجميع الجهد السلفي واستثمار تراكماته الفكرية والسياسية والعقدية في إطار تنظيم حزبي، في إطار ما يسميه أحد الباحثين باحتمالات الاستفادة من «الغنيمة الانتخابية»، مادام أن الديمقراطية أصبحت تتحدد في منظور الكثير من القوى الإسلامية بصناديق الاقتراع والتي تعتقد بأن نتائج هذه الصناديق لن تكون إلا في صالحها في إطار مجتمعات محافظة.وفي هذا الصدد يقول محمد ضريف، الباحث في الإسلام السياسي، في دراسة شاملة حول الموضوع، إن انخراط السلفيين في العمل السياسي المباشر كما حدث في مصر، أو الرغبة في الانخراط فيه كما تعكس ذلك حالتا تونس والمغرب، تدفعان إلى إعادة طرح السؤال المتعلق بالإضافة التي يمكن أن تقدمها أحزاب سياسية ذات مرجعية سلفية إلى المشهد السياسي، وهل هذا الانخراط سيفضي إلى تحجيم كل ما هو دعوي لفائدة النزعة الحزبية، وهل بإمكان الدولة العميقة أن تتعايش مع وجود أحزاب بمثل هذه المرجعية؟وانطلاقا من هذه الأسئلة التأسيسية يقول ضريف إن الملاحظات التي سجلت على ما قدمه بعض السلفيين لتبرير انخراطهم في العمل السياسي المباشر لم تنصب على حقهم في تأسيس أحزاب سياسية، وإنما انصبت على طبيعة الأحزاب السياسية التي يرغبون في تأسيسها بمبررات تبدو كأنها ترغب في ممارسة «الدعوة» من خلال أحزاب سياسية بدل ممارسة «السياسة» من خلال جماعات دعوية، فالتأصيل للانخراط في العمل السياسي المباشر يستند إجمالا إلى تصور للسياسة مستقى من تأويل معين للموروث الإسلامي يجعله في نهاية المطاف تصورا لا يمكنه إلا أن يصطدم مع التصورات السائدة للسياسة في ظل الدولة الحديثة.انتقال السلفيين إلى العمل ضمن أحزاب سياسية يطرح سؤال ثمن هذا التحول وما الذي سيقدمه السلفيون قربانا مقابل ذلك وهنا يجيب الباحث محمد ضريف « في جميع الأحوال سيجد التيار السلفي الذي يرغب في الانخراط في العمل السياسي المباشر نفسه أمام حالتين لا ثالثة لهما: تتمثل الحالة الأولى في نفي الذات والقضاء على الهوية، إذ يتحول «الداعية» إلى «سياسي» محكوم بإكراهات الممارسة السياسية وما تقتضيه من نزوع إلى «البراغماتية» و»النسبية»، مقابل ما تستلزمه مقتضيات ممارسة «الدعوة» من نزوع إلى «المبدئية» و»الإطلاقية».وتتجلى الحالة الثانية في إفراغ العمل الحزبي من مضمونه، إذ يستمر السلفي في القيام بممارساته الدعوية، من خلال إطارات تنظيمية تعتبر سياسية شكلا ودعوية مضمونا، ولعل كلفة هذا التحول نحو الانخراط في العمل السياسي المباشر هو الذي قسم مكونات التيار السلفي، بحيث إذا كان جزء منها يدعو إلى تأسيس أحزاب سياسية فإن الجزء الآخر يبدي العديد من التحفظات، ويفضل العمل من خلال جمعيات تمنحه إمكانيات العمل وفق معتقداته، بدل حشر نفسه في العمل الحزبي الضيق. جبهة الإصلاح...أول حزب سلفي مغاربيا بات «حزب جبهة الإصلاح» أول حزب سلفي بدول المغرب العربي، بعد أن استفاد من ترخيص قانوني، قبل أشهر، من السلطات التونسية يسمح بتأسيسه.ويدعو «حزب جبهة الإصلاح» الذي يعرف نفسه بأنه «حزب سياسي أساسه الإسلام ومرجعه في الإصلاح القرآن والسنة بفهم سلف الأمة» إلى إقامة دولة إسلامية تحكم وفقا للشريعة.وينص حزب جبهة الإصلاح في عريضة مبادئه على أنه حزب قائم على منهج أهل السنة والجماعة بفهم سلف الأمة الصالح، على المستوى العقدي، حسب تصريحات نوفل ساسي، أحد قيادييه ومؤسسيه.أما سياسيا، فهو حزب معتدل يؤمن بآليات العمل الديمقراطي والدولة المدنية وخيارات الشعب الانتخابية، حسب ساسي، الذي شدد على أن الجبهة ليست جديدة على مستوى العمل السياسي، وإنما هي امتداد لتاريخ طويل من النضال والنشاط السري ضد نظام بن علي وخاصة منذ الثمانينات حيث صدر بيان الجبهة التأسيسي الأول والذي تضمن رفضا واضحا لحكم بن علي للبلاد. يوسف الساكت

تحول السلفيين إلى أحزاب…الحساب والكلفة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضريف: انضمام سلفيين إلى حزب النهضة والفضيلة انتصار لأطروحة الدولة

السلفيون مستعدون للحكم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات