ضريف: انضمام سلفيين إلى حزب النهضة والفضيلة انتصار لأطروحة الدولة

اعتبر محمد ضريف، المختص في الحركات الإسلامية أن انضمام بعض الرموز المحسوبة على التيار السلفي إلى العمل السياسي المباشر من خلال انخراطها في حزب النهضة والفضيلة انتصار لأطروحة الدولة التي سمحت من خلالها للراغبين من السلفيين أو الإسلاميين بالانضمام إلى أحزاب قائمة ومنعهم في المقابل من تأسيس أحزاب خاصة بمقتضى قانوني وسياسي. وفيما نبه إلى المراجعات التي قام بها السلفيون على مستوى الأفكار والسلوك، اعتبر أن التحدي الأبرز الذي يواجههم اليوم هو قدرتهم على الملاءمة بين مبادئهم المتصفة في الغالب بالمثالية وإكراهات العمل السياسي المحكوم بالبراغماتية. تفاصيل أكثر في الحوار التالي: برأيك، لماذا أحدث انضمام سلفيين إلى المعترك السياسي كل هذه الضجة؟ أعتقد أن هذه الضجة مبالغ فيها، وسببها أن الأضواء سلطت بقوة على التيار السلفي بالمغرب الذي ظل حاضرا في الخطاب الإعلامي منذ سنة 2002 مع بداية اعتقال الخلايا المحسوبة عليه. أقول إنها ضجة مبالغ فيها باعتبار أن من فوجئوا بمثل هذا القرار لم يأخذوا بعين الاعتبار المتغيرات الجديدة لمواقف التيار السلفي بشكل عام. وعلينا أن نستحضر في هذا الصدد عنصرين أساسيين، أولهما أن الدولة بشكل من الأشكال أحدثت انفراجا في علاقتها برموز التيار السلفي، عندما استفاد بعضهم من العفو الملكي، وهنا نستحضر مبادرة 14 أبريل 2011 عندما غادر محمد الفيزازي وعبد الكريم الشاذلي وآخرون أسوار السجن، واستفاد ثلاثة من رموز التيار السلفي من العفو الملكي في بداية 2012، وهم أبو حفص وحسن الكتاني وعمر الحدوشي. وأما العنصر الثاني الذي يجب استحضاره هو أن السلفيين بشكل عام عبروا عن مواقف تتعلق برغبتهم في التعاطي مع العمل السياسي المباشر، وكان منهم من سعى إلى تأسيس حزب سياسي مثل محمد الفيزازي، ومنهم من بادر إلى تأسيس جمعيات مثل الحركة السلفية المغربية من أجل الإصلاح التي أسست في مارس 2011 والتي كانت تدعو إلى إقامة الدولة المدنية واحترام حقوق الإنسان وتكريس الحريات بما في ذلك الحريات الدينية. وبالتالي نحن أمام عنصرين ينبغي أن نستحضرهما للربط بين التحولات التي يعرفها الفاعل السياسي. الأكيد أن هناك من يعتقد أن السلفيين سيجدون صعوبات في التكيف مع الأوضاع العامة، وهناك من يستسغل ربما تصريحات بعض السلفيين التي توصف بأنها متشددة، التي أعتقد أنها هي ما دفعت البعض إلى إبداء استغرابهم لفتح أبواب حزب النهضة والفضيلة في وجه بعض الرموز السلفية.وينبغي أن نذكر هنا بأن الأمر لا يتعلق بالتحاق التيار السلفي بحزب النهضة والفضيلة، بقدر ما يتعلق الأمر بالتحاق فعاليات سلفية، ولا تمثل في جميع الأحوال التيار السلفي بمختلف ألوانه في الساحة المغربية. هل كان متوقعا أن يخوض السلفيون تجربة السياسة بعدما كانوا يحرمونها؟ينبغي أن نتعاطي مع المغيرات الجديدة في سلوك ومواقف السلفيين بشكل عام، فالأمر لا يتعلق فقط بالمغرب، فنحن بصدد تجربة يعيشها العالم العربي في خضم ما عرف بربيع الاحتجاجات سنة 2011، بدءا بمصر، التي كان فيها التيار السلفي يبتعد عن العمل السياسي المباشر، ليؤسس الآن العديد من الأحزاب السياسية مثل حزب النور وحزب الأصالة وحزب البناء والتنمية، وفوجئ الجميع خلال الاستحقاقات التشريعية أن حزب النور السلفي احتل الرتبة الثانية في نتائج الانتخابات. وفي تونس أيضا تسعى فعاليات سلفية إلى تأسيس أحزاب سياسية والموقف لا يختلف في المغرب، إذ أن السلفيين بذلوا جهدا في تبرير تعاطيهم للعمل السياسي المباشر من خلال إصدار بعض الأدبيات، ونذكر هنا بالورقة التي نشرها محمد الفيزازي على موقعه، وهو يفسر لماذا يحتاج السلفيون إلى حزب سياسي، وأيضا الورقة التي نشرتها الحركة السلفية المغربية من أجل الإصلاح التي تدافع فيها عن ضرورة أن يتصالح السلفيون مع العمل السياسي المباشر. لذا لا ينبغي أن نتعامل مع مواقف التيار السلفي باعتبار أنها مواقف ثابتة لا تتغير، بل يقوم التيار السلفي بمراجعة بعض الأفكار والمواقف باستمرار وفق سياقات تفرضها الظرفية، والأكيد أن ما بعد 2011 فرض على التيار السلفي إعادة النظر في حساباته والتأصيل لضرورة الانخراط في العمل المباشر. ألا تعتقد أن دخول سلفيين إلى أحزاب سياسية سيجعل التيار السلفي في المغرب يعيش المراجعات التي عرفتها الحركات الإسلامية في اتجاه الانفتاح أكثر على العمل السياسي والتطبيع معه وفق الشروط والقواعد المتعارف عليها؟ علينا أن نذكر بحقيقة أساسية، هو أن التحاق بعض الفعاليات والأسماء المحسوبة على التيار السلفي بحزب النهضة والفضيلة، انتصار للأطروحة التي تبنتها الدولة وما تزال متشبثة بها، القائلة إن من حق الإسلاميين أو السلفيين الالتحاق بأحزاب سياسية قائمة كمواطنين إذا ما رغبوا في العمل السياسي، في المقابل لها موقف رافض لقيام سلفيين ّأو إسلاميين بتأسيس حزب خاص بهم، وهو ما طبق في حالة إسلاميي حركة التوحيد والإصلاح، إذ علينا أن نتذكر أنه في سنة 1992 قام من يسمى بالإسلاميين المعتدلين بتأسيس حزب التجديد الوطني، لكن السلطات رفضت الترخيص لهم وأقنعتهم بضرورة الالتحاق بحزب سياسي قائم، وبالفعل التحقوا بحزب الدكتور الخطيب، وهي الأطروحة التي تفرض نفسها الآن وتنتصر.والأكيد أنه عندما تلتحق فعاليات سلفية بأحزاب سياسية، ستكون مضطرة إلى إعادة النظر في العديد من المواقف ومراجعة العديد من الأفكار، باعتبار أن الأفكار السلفية محكومة بمبادئ تتسم في الغالب بطابع مثالي، في حين أن العمل السياسي المباشر أو الحزبي محكوم بإكراهات ويجعل صاحبه متصفا بنوع من البراغماتية. بمعنى آخر، التحدي الذي يطرح الآن على الفعاليات السلفية وهي تلتحق بحزب النهضة والفضيلة، مدى قدرتها على التوفيق بين مبادئها وإكراهات العمل الحزبي المباشر. محمد ضريف, أستاذ في العلوم السياسية مختص في الحركات الإسلامية أجرت الحوار: هجر المغلي

ضريف: انضمام سلفيين إلى حزب النهضة والفضيلة انتصار لأطروحة الدولة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حمى الأحزاب السلفية تصل المغرب

تحول السلفيين إلى أحزاب...الحساب والكلفة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات