سلفيو تونس يواجهون مد الربيع العربي

أعلنوا وجودهم بالصلاة في الشارع ليتحولوا إلى العنف في الجامعات والحانات إذا كان السلفيون في مصر وافقوا على المشاركة في اللعبة الديمقراطية بعد سقوط نظام مبارك، وتمكنوا من حصد أصوات كثيرة في الانتخابات المصرية جعلت منهم قوة هامة لا يستهان بها في المشهد السياسي المصري، فإن "إخوانهم" في تونس، ورغم التحركات العنيفة التي يقومون بها لإثبات قوتهم على الساحة السياسية في الشقيقة تونس، إلا أنهم يواجهون بقمع السلطات، وبرفض حزب النهضة الإسلامي الحاكم، في إطار حكومة ائتلافية، والذي دعمه السلفيون أنفسهم في الانتخابات، اقتسام السلطة معهم، خاصة حين رفضت حركة النهضة أن يكون الإسلام المصدر الأساسي للتشريع في الدستور التونسي الجديد، وهو ما اعتبره السلفيون خيانة لهم. ومنذ نجاح "ثورة الياسمين" ضد نظام بن علي، بدأ السلفيون في تونس يفرضون حضورهم على الساحة، باحتشام في البداية، قبل أن يقرروا الخروج إلى المواجهة الصريحة التي أثارت مخاوف التونسيين، خاصة العلمانيين منهم. إذ بعد أداءئهم الصلاة جماعة في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس أمام أنظار الأمن وخوضهم الاعتصامات والاحتجاجات العنيفة مع البوليس، مثلهم في ذلك مثل باقي المواطنين التونسيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية، قرروا فجأة نقل "معركتهم" نحو الجامعات، وبدؤوا ب"المرأة"، هذا الكائن "المثير للغرائز والشهوات"، و"الحيط القصير" الذي يسهل القفز عليه، فحاولوا فرض النقاب على الطالبات بكلية الآداب بسوسة ثم بمنوبة، قبل أن يخرجوا إلى العنف مباشرة من خلال الهجوم على مقرات بعض الأحزاب اليسارية والقنوات التلفزيونية وبعض المعارض الفنية والفضاءات الثقافية والحانات والمطاعم، خاصة بعد الدعوة التي وجهها إليهم أيمن الظواهري، زعيم تنظيم "القاعدة" وطالبهم من خلالها ب"الدفاع عن تطبيق الشريعة في تونس". ويتخوف مراقبون من لجوء السلفيين في تونس إلى قوة السلاح لفرض مفاهيمهم على المجتمع التونسي المعروف بوسطيته واعتداله، خاصة بعد عملية الاغتيال التي تعرض لها القيادي اليساري شكري بلعيد، وتوجيه أصابع الاتهام إلى ما يعرف بتيار «السلفية الجهادية» الذي سبق أن قام بعمليات عنف قبل سقوط النظام، كان أبرزها تفجير إحدى الكنائس في جربة سنة 2003. وإذا كان بعض المحللين السياسيين يتحدثون عن صراع خفي بين إسلاميي «النهضة» والسلفيين التونسيين، لاختلاف المرجعيات وطرق الاشتغال، فإن آخرين يذهبون إلى وجود تحالف حقيقي سري قائم بينهما يتم بموجبه التغاضي عن كل ما يقومون به من أعمال عنف، بل إن روب برانس، المحاضر الأمريكي والباحث في الشؤون الدولية، سبق أن نشر بأحد المواقع مقالا تحدث فيه عن «تقسيم مهام» بين التيارين، موضحا أن «النهضة» تتكفل بالنظام السياسي والقانوني، في حين يعتمد السلفيون تكتيكات لدعم حضورها في المساجد والمدارس، معتبرا في الوقت نفسه أن السلفيين في تونس يخدمون أجندة الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعمهم من خلال حلفائها السعودية وقطر اللذين يعملان على حماية مصالح «العم سام» في المنطقة، ومذكرا أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ارتبطتا منذ زمن بعلاقات وثيقة بالإسلاميين المتطرفين كانت توظفها لمحاربة الحركات القومية والعلمانية في الشرق الأوسط. كما أكد برانس، في المقال نفسه، أن «النهضة تتقارب مع أشقائها السلفيين لتحييد الربيع العربي في تونس ومنعه من التحول إلى أي شيء يمكن أن يهدد الاقتصاد الليبرالي الجديد في البلاد أو تحالفاتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة»، مضيفا أن واشنطن «تتابع الوضع دون أي انتقاد، في وقت يتضاعف فيه حجم السلفيين في تونس، الذين يحصلون على الدعم الأمريكي السياسي والمالي عبر قطر والسعودية اللذين لا يمكنهما تحريك ساكن دون مباركة أمريكية». نورا الفواري

سلفيو تونس يواجهون مد الربيع العربي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الكتاني... الشيخ الكافر بالعمل السياسي

حمى الأحزاب السلفية تصل المغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات