مستشفى مولاي يوسف … تحدي الفيروس

يستقبل 120 مخالطا ومشتبها فيهم ويخضعون لنظام صارم في إجراء التحاليل يحمل ممرض في المستشفى الميداني مولاي يوسف بالبيضاء المخصص لإجراء تحاليل الكشف عن كورونا، أكياسا بيضاء بداخلها قارورات ملولبة، وبطاقات التعريف الوطنية، ويقف وسط قاعة فسيحة، فتشرئب إليه عشرات الأعناق التي تنتظر دورها في الكراسي، ثم يسود صمت غريب... يتكرر المشهد نفسه، كل يوم، فمنذ بناء المستشفى الميداني، أصبح قبلة لكل الراغبين في إجراء تحاليل الكشف عن كورونا، فالإحصائيات تشير إلى أنه يستقبل، في المتوسط، 120 أغلبهم من المخالطين أو الذين تظهر عليهم أعراض كورونا، ويشرف على التحاليل طاقم من الممرضين وطبيبة مكلفة باستقبال الحالات. للوصول إلى المستشفى الميداني لابد من الخضوع إلى عدة إجراءات وتدابير هدفها تنظيم استقبال عشرات الراغبين في إجراء التحاليل، وتنطلق بتقديم بطاقة التعريف الوطنية إلى ممرضين مكلفين بالاستقبال، حيث يتم إدراج أسمائهم بالحاسوب، ويمنحون أرقاما تسهل عملية الاتصال بهم في ما بعد، ثم يلجون إلى فضاء المستشفى في انتظار دورهم. عشرات الأطر الطبية لا تتوقف عن الحركة، وتتفادى الاحتكاك بالغاضبين، لكن كيف يتعايش الممرضون مع الفيروس ؟ لا أحد يملك الجواب، إلا أن تجربتهم علمتهم أن الحالة النفسية للراغب في إجراء التحاليل تجعلهم متوترين إلى أقصى الحدود، خاصة إن مدة انتظار إجراء التحاليل تطول، فيطول معها الترقب والخوف. يتوجه ممرض من مركز الاستقبال إلى الفناء الشاسع، حيث ينتظر الراغبون في إجراء التحاليل، ثم ينادى على أسماء المنتظرين، فيهرول بعضهم، رغبة في التخلص من عبء ثقيل، أو يتجمد آخرون في أماكنهم لأن أرجلهم لا تقوى على رهبة اللحظة، والخوف من إمكانية الإصابة بالفيروس. يتجه المنتظر إلى غرفة ضيقة جدا، كتبت على جدرانها أرقام بشكل تصاعدي، ومنذ تلك اللحظة لن تصبح الحياة إلا أرقاما، سواء الرقم السري في مطبوع التحاليل المخبرية، أو رقم الهاتف، لحظة التوصل بنتائج التحاليل. يحول رجل مقنع بلباس أبيض، دون ولوج الغرفة الضيقة، إلا بعد الخضوع للتعقيم، فيحمل أنبوبا ضخما، ثم يبدأ في رش الجسم كله، فتصاب الأذن برنين آلته، وتغلق العين، وينتقل المنتظرون إلى "عالم آخر" من التوجس والخوف والأمل. لحظات قاسية جدا، فالوسواس، يحتل أوصال الجسد، مهما تجلد، حين تظهر الممرضة بلون لباسها الأخضر الفاقع تحمل كيسا بلاستيكيا، فتنظر إليه بحسرة وفضول، معلنة انطلاق عملية أخذ العينات. تستخرج الممرضة من القنينة عودا بلاستيكيا صغيرا، ثم تدسه في المنخار الأول، فيشعر المنتظر أن الحياة توقفت فجأة، ثم يصعد العود أكثر فيتألم، فلا مكان للتراجع، حتى ولو أراد، حتى يصل إلى الأعلى، فيشعر بالألم، وتسري في الدماغ تيارات كهربائية غريبة، محاولا فهم ما يجري، ثم تنطلق الممرضة في العملية نفسها بالمنخار الثاني. يعيد الممرضون عشرات المرات الطريقة نفسها لإجراء التحاليل، وما إن تدق الساعة الثانية والنصف، حتى تتسلم الأطر وجبة غذاء بسيطة، في انتظار عودتها مجددا لتحدي الموت. خالد العطاوي

مستشفى مولاي يوسف … تحدي الفيروس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرصاص لإيقاف جانح بطنجة

المسيرة الخضراء ... رحلة في عقل الحسن الثاني

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات