سماوات العرب غيربعيدة عن نيازك “الأورال”

سقطت فوق عشرات المباني في مدينة روسية وتسبّبت في جرح أكثر من 1450 شخصا «إنها نهاية العالم.. أجل نهاية العالم.. مَن ينقذنا؟.. يا إلهي، وحدك الذي ينقذنا من سقوط السماء على الأرض.»بهذه الكلمات صرخت السيّدة الروسية كاترينا سفريتنايا، ابنة مدينة تشيليابينسك في منطقة الأورال جنوب روسيا، عندما شاهدت «رعدة» حزمة أضواء أحد النيازك تقتحم أرض المنطقة، محدثة انفجارات هائلة، وأصواتاً مرعبة، يتّصل بعضها ببعض، وعلى نحو يوحي فعلاً بحدوث «كارثة كونية كبرى»، وخصوصاً أن زخّات قطع النيزك المشتعل، كانت قد سقطت فوق عشرات المباني، والمواقع الرياضية في المدينة، محطمةً زجاجها بالكامل، ومتسبّبة بجرح أكثر من 1450 ضحية، بينهم 370 طفلاً.. أوردت تقارير لاحقة أن 10 من بينهم، (أي الأطفال) لقوا حتفهم.فور حدوث «رسائل السماء النارية» هذه (في 15 فبراير الجاري)، استنفرت الدولة الروسية بكامل أجهزتها المعنيّة، لتدارك ما يمكن تداركه، وأمر الرئيس فلاديمير بوتين، بتقدير حجم الأضرار، وتقديم المساعدات العاجلة لجميع المتضرّرين.وحسب المعلومات الرسمية الروسية، أن النيزك يصل قطره إلى ما يزيد على 8 أمتار، وسرعة حركته تصل الى 54 ألف كلم في الساعة، ووزنه 10 أطنان، ظهر في البدء على شكل كرة نارية ضخمة، تحركت من جهة الشمال نحو الجنوب، يرافقها صوت انفجار عال.. وتحوّلت، (أي الكرة النارية) إلى أجزاء صغيرة نتيجة احتكاكها بطبقات الغلاف الغازي للأرض، وسقطت بعد ذلك فوق البيوت، وعلى مساحات أخرى شاسعة، لحسن الحظ أنها غير مأهولة، لكنها اقتربت من منطقة تحتوي مصانع للطاقة النووية، من بينها محطة لتوليد الكهرباء، ومصنع للتخلّص من النفايات النووية، ومعالجتها. وهو الذي جعل مسؤولاً روسياً كبيراً يصرّح: «الحمدلله نجونا من تشرنوبيل آخر، هو بالتأكيد أخطر وأكثر تدميراً من سابقه.»جدير بالذكر، أن هذا النيزك هو الثاني، من حيث الضخامة، الذي يغزو البلاد الروسية، إذ سبقه نيزك ضخم ضرب غابة سيبيريا، (وتحديداً في حوض نهر تونغوسكا)، منذ مائة عام. وأحدث اصطدامه انفجاراً ضخماً، ظهر على شكل كرة نار في السماء، دار دويّها حول الأرض مرّتين، مشعلاً مساحة من الغابة تقدّر بحوالى 2000 كيلومتر مربع. ورافق الاصطدام ارتفاع كبير في درجة الحرارة، عمّ منطقة الاصطدام ذاتها. وروى شهود عيان أن قوّة الانفجار قذفت بهم من داخل سكنهم لأمتارٍ عدّة في الغابة المحترقة. كما قضى الاصطدام الناري على جميع الحيوانات التي كانت تتحرك في محيط منطقة الاصطدام. المنطقة العربية غير آمنة علمياً، تابع فلكيّون عرب هجمة النيزك الأخير، الذي ضرب منطقة الأورال في روسيا، وعلّقوا عليه، فقال أحدهم، وهو الدكتور عبدالله حسن شقير، الخبير بدراسة مواقع الأجسام ومتغيّراتها في الفضاء «كنت أتوقّع هجمة هذا النيزك، أو ما هو شبيه له (لا فرق) بعد 6 أشهر من الآن، وكان يفترض أن يكون حجمه، أكبر بأضعاف من حجم نظيره، الذي سقط مفتّتاً فوق منطقة الأورال». ويضيف شقير قائلاً لنشرتنا «أفق»: «إن صاحب هذه النظرية/المعلومة، هو صديقي العالم الروسي بالشهب والنيازك: سرفار مجدييف، الذي يستند بكلامه العلمي هذا إلى دوائر تكنولوجية عسكرية روسية، تعمل في حقل اختراق المجال الجوّي للأرض، من خلال محطات مراقبة فائقة الدقة، برصدها لمحيط كوكبنا، وعلاقته بكلّ ما يتّجه من أجسامٍ صوب الأرض، وذلك في مدّة أقصاها 5 سنوات على الأقل.»... وأن هذا الخبر، كما يردف شقير «كنت أعلم به منذ 3 سنوات فائتة... وفترة الأشهر الستة، قبل أو بعد، سقوط نيزك الأورال، ليست بالبعيدة بالقياس العلمي الفضائي حتى الآن.. وتظلّ المسألة غير مهمّة بقدر أهمية رصد الروس للنيزك خارج المجال الجوّي، والتمكّن من قسمته بواسطة أشعة مجهولة قذفت بها مختبراتهم العسكرية. وعلى ما يبدو، ستظلّ سباقة على غيرها من مختبرات عسكرية أمريكية، في مجال الدفاع عن الكوكب ككلّ.»من جهة أخرى، وتعليقاً على نيزك هجمة الأورال، أوضح رئيس «الجمعية الفلكية في جدّة»، المهندس ماجد أبو زاهرة «أن النيازك ترصد في كلّ ليلة، فقد يُرى واحدٌ أو اثنان منها في كلّ ليلة تقريباً. ففي كلّ يوم يدخل جوّنا آلاف الملايين من النيازك.. وتكاد تكون كلّها تقريباً في حجم حبة الحمص. ونحن لا نرى إلا عدداً قليلاً منها، لأن غالبيتها تظلّ صغيرة جداً، ولا تترك إلا خطاً ضئيلاً من الضوء عندما تسخن وتحترق.».ويتابع المهندس أبو زاهرة قائلاً: «ولكن قلما يصل نيزك إلى حدود 40 ميلاً من الأرض، ولكن يحدث بين فترة طويلة وأخرى، أن يصطدم حجر نيزكي كبير بالغلاف الجوّي للأرض، ويواصل اندفاعته، بحيث يرى في وضح النهار من شدّة توهجه، كما الأخير الذي رصد في روسيا. ومثل هذا الصخر النيزكي يخترق، وهو مشتعل، وغالباً ما ينفجر في الجوّ محدثاً دويا هائلا، ويتفتّت أشلاء.. ولا يتبقّى منه سوى أحجار، أو معادن نيزكية تتناثر على مساحات واسعة من الأرض... ولو أن هذا النيزك ظلّ متماسكاً وسقط في كتلة واحدة، لكانت الخسائر جرّاءه، أكبر، وأشدّ فتكاً وتدميراً».على أن أخطر النيازك التي ارتطمت بأرض عربية، كان النيزك الذي سقط في الربع الخالي في المملكة العربية السعودية منذ قرون أربعة تقريباً، والذي كان اكتشفه الرحالة المستشرق كيم فيلبي في العام 1932. وقد سمّي هذا النيزك بـ»نيزك الوبر». وقد خلّف موقعه ثلاث فوهات رئيسية هذه مقاييسها: 116، 64، 11 متراً. أما حوافّها، فقد كان ارتفاعها في العام 1932 حوالى 12 متراً، ثم 8 أمتار في العام 1961، ثم 3 أمتار في العام 1982.ويقدّر وزن «نيزك الوبر» بحوالى 3.5 أطنان، وسرعته لدى دخوله الغلاف الجوّي للأرض بلغت 2500 كيلومتر في الساعة... ونظراً للحراك الرملي الضخم، والمستمر في الربع الخالي، فقد امتلأت الفوهات الثلاث بالرمل، في السنوات القليلة الماضية.وكذلك ثمة نيزك كبير جداً، وقديم جداً، كان ارتطم بأرض شرق مدينة تبوك السعودية، يقدر قطره بحوالى 5 أمتار، والمعلومات العلمية عن هذا النيزك لا تزال شحيحة حتى الآن، والبعض يذهب للقول بأن هذا النيزك قد لا يكون قد اكتُشف علمياً حتى اللحظة.ومن السعودية إلى مصر، حيث تفيد المعلومات، بأن ثمة نيزكاً كان قد ارتطم بالقرب من مدينة الإسكندرية المصرية يوم 28 يونيو من العام 1911 وتسبّب في مقتل كلب شارد.أما أقدم وأخطر نيزك، غزا الأرض بإطلاق، فهو «نيزك تشكسيولب» في جنوب المكسيك. كان ذلك في العصر الطباشيري، أي منذ 65 مليون سنة.. بحيث إن ثلثي مختلف أنواع الحيوانات والنباتات قد اختفت من على وجه ذاك الجزء من اليابسة، الذي سمّي لاحقاً: أمريكا الوسطى، بفعل هذا النيزك العملاق، والذي بلغ قطر الحفرة الناتجة عنه نحو 200 كيلم. يذكر المتخصّص الألماني بعلم الكون، البروفيسور بيتر شولته، أنه لدى سقوط نيزك تشكسيولب، أطلق طاقة تبلغ مليار ضعف الطاقة الناتجة عن القنبلة النووية التي ألقت بها الولايات المتّحدة على مدينة هيروشيما اليابانية. وقد تسبّبت الطاقة المنبعثة منه في القضاء على مختلف المخلوقات الحيّة في محيط قدره 1500 كيلومتر تقريباً، بسبب الحرارة وموجات التسونامي الناتجة عن ارتطامه في الأرض.وتفيد معلومات تقرير البروفيسور شولته، إن الشيء المميت الذي أدّى إلى هذا الموت الجماعي، تمثّل في كميات الغبار الهائلة الناتجة عن سقوط النيزك، وكذلك كميات السخام التي تسبّب فيها النيزك، والتي وصلت إلى الطبقات العليا من الجوّ. كما أطلق النيزك صخوراً مشتعلة من باطن الأرض. الجواهر الفضائية هي الأغلى النيازك الساقطة من السماء على الأرض، هي على العموم ثلاثة أنواع رئيسية: أولاها النيازك الصخرية.. وشكلها شبه كروي إجمالاً. وتتكوّن من صخور تؤاخي بالشكل نظيراتها التي على الأرض.ثانيها، النيازك الصخر/حديدية: وهي تتكوّن من مزيج من معدني، الحديد والنيكل..وكيمياء معادن أخرى غامضة.ثالثها، النيازك الحديدية، وهي تتكوّن من معدن الحديد بنسبة عالية جداً منها، يمازجها معدن النيكل، ولكن المصفّى كلياً هذه المرّة.ولقد تحوّلت النيازك بأنواعها وأحجامها المختلفة إلى بضاعة تباع في سوق الجواهر العالمية بأسعار أغلى من أسعار الذهب والفضة. يبلغ مثلاً، ثمن الغرام الواحد من النيزك المكوّن من الصخور 8 دولارات، وغرام النيزك المكوّن من الحديد 18 دولاراً. أحمد فرحات, عن مؤسسة فكر

سماوات العرب غيربعيدة عن نيازك “الأورال”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فرصة للرجاء لتعزيز الصدارة

دراسة في القانون: تصورات حول نجاعة العدالة الجنائية (الحلقة الثالثة)

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات