مدن في جلباب البوادي … “مستعمرات” خارج القانون

سوق «شطيبة» بسيدي عثمان أصبح «محمية» ممنوعة على المارة والسيارات يكفي القيام بجولة سريعة في سوق «شطيبة» بسيدي عثمان بالبيضاء، للوقوف على مشاهد الفوضى التي حولت مجمعات حضرية إلى قرية تنعدم فيها أبسط مقومات العيش الكريم. زائر سيدي عثمان قد يتهيأ له في الوهلة الأولى أنه وسط تجمع عمراني حضري، لكن سرعان ما يفضح التوغل داخل أزقتها معالم البادية ونمط العيش، العائد لدور الصفيح، بسبب انتشار العربات المجرورة المسخرة لنقل البضائع والإنسان وتربية الدواجن والحمير والكلاب. «الداخل ليها مفقود والخارج منها مولود"، مثل يصلح إسقاطه على سوق «شطيبة» الذي أقيم على أنقاض أحياء سكنية بحي مبروكة تحولت إلى سوق مغلق، إذ تكفي زيارة السوق العشوائي للتأكد من صورة البؤس التي تعيش فيها المنطقة، فالأزقة والشوارع أُغلقت وتحولت إلى مراحيض ومكان للقمامات، وهو السوق الذي تعرض فيه اللحوم والأطعمة في ظروف غير صحية. ويتميز السوق بتحوله إلى مطرح عشوائي يتم فيه تفريغ مخلفات بيع الأسماك والخضر ولحم الدجاج والبيض الفاسد، وهو ما جعل الروائح النتنة تزكم أنوف السكان الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بمجموعة من الباعة الذين لا يعترفون بحق السكن اللائق واحترام حقوق الآخرين. زائر سوق «شطيبة» الذي صار سوقا قائما بذاته ضدا على القانون رغم صرخات سكان سيدي عثمان الذين تحولت حياتهم اليومية إلى جحيم لا يُطاق، لا بد أن يصعق بما تشاهده عيناه، كيف لا والمنطقة تفتقد إلى أبسط مقومات العيش الكريم. عشوائية وتحرش ساهم توسع السوق العشوائي في انعدام المساحات الخضراء وتحويل المنطقة إلى مطرح عشوائي، إضافة إلى الضجيج الذي يعيش على إيقاعه السكان. وليس هذا فحسب، إذ يعاني سكان الحي الموجود وسط السوق العشوائي، تعرض النساء لتحرشات جنسية يومية وهي السلوكات التي تنتهي بحوادث تبادل الضرب والجرح بعد احتجاج المتحرش بها وإشعار أقاربها الذين لا يتقبلون ما يحصل لها، إضافة إلى اعتداءات السرقة، وتجمع المنحرفين الذي يهدد الناشئة بإغرائهم بالمخدرات وتلقينهم دروس البلية عوض استفادتهم من دور الشباب وملاعب القرب. السلطات...موقف المتفرج رغم مظاهر الفوضى والمشاكل الناجمة عن مظاهر الترييف، فإن السلطات بالمنطقة تقف موقف المتفرج دون أن تحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها، وهو ما يجعل من الروائح النتنة للحمير والأحصنة المرابضة خلف أبواب المنازل والعمارات والعربات المجرورة والأزبال التي يخلفها الباعة الذين نصبوا خيامهم وركنوا عرباتهم، الطابع المسيطر على الحياة اليومية لحي حضري لا تربطه بالمدينة سوى الاسم. وتساءل عدد من السكان المجاورين للسوق العشوائي، عن سر صمت المنتخبين والسلطات إزاء مظاهر «العروبية ورائحة الدوار" والفوضى التي حولت الحلم بالعيش الكريم في عالم المدينة، وما تعنيه من الحضارة والرقي إلى كابوس يطارد الأسر، التي بدأت مجموعة منها في طرق أبواب سماسرة لعرض منازلهم للبيع بأبخس الأثمان، طمعا في النجاة من فتوات لا يعترفون بالقانون. محمد بها

مدن في جلباب البوادي … “مستعمرات” خارج القانون

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البداوة في المدن ... التاريخ يعيد نفسه

1875 عقارا "مسروقا" بالبيضاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات