الكلفة الجيوستراتيجية للحرب في مالي

الرباط رتبت ديبلوماسيا للتدخل العسكري وتداعياته تكشف العلاقة بين التنظيمات الإرهابية والجزائر وبوليساريو جعلت الدبلوماسية المغربية من قضية حسم التدخل العسكري في مالي لتحرير أراضيها من الحركات الإرهابية، نقطة أساسية ضمن أجندة تحرك الرباط على رأس مجلس الأمن خلال الدورة الحالية. حصلت فرنسا على دعم أعضاء مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، لقرار تدخلها العسكري الذي بدأته الجمعة الماضي في مالي، للتصدي للجماعات الإسلامية المسلحة، وأبلغت باريس مجلس الأمن أن عملياتها العسكرية لدعم الجيش المالي ضد المتمردين الإسلاميين ستستمر مادامت هناك حاجة إليها، ودعت أيضا إلى الإسراع بنشر قوة بقيادة إفريقية لدعم الجيش المالي تماشيا مع قرار مجلس الأمن . بالمقابل، لعب المغرب دورا دبلوماسية كبيرا لاستصدار القرار، حفاظا على وحدة الأراضي المالية، ولإدراك الرباط المسبق، أن الحرب ضد الجماعات الإرهابية في الساحل، سيكون الدور "القذر" الذي تلعبه الجزائر في صناعة ودعم هذه المجموعات. فالجزائر سعت إلى قطع الطريق أمام تدخل عسكري، أعلنت إغلاق حدودها البرية مع مالي، في حال انطلقت العملية العسكرية، بينما المغرب تحرك لأجل حشد الدعم الغربي لحسم المعركة العسكرية ميدانيا، لأن من شأن ذلك أن يعيد البناء الجيوستراتيجي للمنطقة، بعد أن ظلت لسنوات طويلة منطقة نفوذ للمخابرات الجزائرية، تستغل "الطوارق" في منطقة تمنارست، جنوب الجزائر لمراقبة عمق الدول المجاورة لها.وتأسيسا على هذه القراءة يرى بعض الباحثين في الشؤون الإستراتيجية، أن تدخل فرنسا في مالي يسحب من الجزائر الورقة التي ظلت تلعب بها في علاقاتها الدولية مع الغرب، ويتعلق الأمر بورقة مكافحة الإرهاب. في حين تشير الكثير من التقارير الأمنية الفرنسية، ومنها تصريحات سابقة لمدير جهاز مراقبة التراب الفرنسي، أن الجزائر تقف وراء تشكيل مجموعة من الألوية الإرهابية، تقوم بتمويلها وتأطيرها وتجنيدها للقتال بالمنطقة، وخلخلة الاستقرار، حتى يتسنى للجزائر تقديم نفسها على أن قادرة على حماية منطقة الساحل والصحراء، من المد الإرهابي حتى لا يعبر إلى دول أوربية. من الوقائع التاريخية التي تثبت وقوف الجزائر وراء تجنيد هذه الحركات، علاقتها بنظام القذافي وتسهيل تهريب الأسلحة إلى التراب الليبي، رغم معرفتها مسبقا أن هذه الأسلحة سوف تقع في أيادي المقاتلين بالصحراء، وبالتالي فإنها تضمن تسليحا غير مباشر لهذه الحركات، التي تتحكم في رجالاتها وتعرف عقيدة كل واحدة منها.سيكون للحرب على مالي تأثير على المغرب العربي، فبهده المستجدات الجيوستراتيجية فإنها ستكون مدخلاً للصراع الممتد من مالي إلى مناطق كثيرة جداً متوترة في المنطقة، ويمكن أن ينتقل إلى صحراء تندوف، على اعتبار أن ثمة ترابطاً ما بين الحركات التي تسمى إرهابية والحركات الانفصالية كجبهة بوليساريو، وهي علاقة كشفتها مجموعة من التقارير الأمنية التي تحدثت عن تجنيد مجموعة من سكان المخيمات، جنوب الجزائر، للقتال في صفوف التنظيمات الجهادية بشمال مالي. كما أن تعيين جندي سابق في صفوف قوات بوليساريو، أميرا للتنظيم الجهادي «التوحيد والجهاد»، بشمال مالي، يدعى أبو الوليد الصحراوي، يسهل عملية استقطاب المقاتلين الصحراويين، من شباب مخيمات بوليساريو، وتجنيدهم في صفوف ألوية التنظيمات الإرهابية التي تنشط بين تندوف والحدود المالية الموريتانية. بوليساريو و"ماكينة" تجنيد المقاتلين العلاقة بين بوليساريو، بجنوب الجزائر، والتنظيمات الإرهابية التي تنشط بالمنطقة، ليست جديدة. فقد حذرت تقارير أمنية أوربية، من مخاطر تورط عناصر من بوليساريو في نسج علاقات مع تنظيمات إرهابية مسلحة تقوم بعمليات اختطاف داخل تندوف، كما نبهت إلى تصاعد التهديدات الإرهابية القادمة من هذه المنطقة بسبب اختراقها للمخيمات. وكشف تقرير المركز الأوربي للدراسات الاستراتيجية، الذي صدر ببروكسيل، أن هناك علاقة بين تفكك جبهة بوليساريو وتطور الإرهاب في منطقة الساحل، إذ حذر من أن انهيار هذه الحركة يغذي نشاط تنظيم القاعدة، مثيرا الانتباه إلى أن «أعضاء نشيطين من الحركة يبحثون عن عائدات إضافية، على غرار المرتزقة، الذين يسعون إلى تصريف تجربتهم السابقة داخل الهياكل العسكرية للحركة الانفصالية الصحراوية، بإمكانهم الانخراط في الإرهاب، بعد ممارستهم مختلف أشكال التهريب». إحسان الحافظي

الكلفة الجيوستراتيجية للحرب في مالي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أبو حفص: لم أدع إلى الانضمام إلى أي طرف

3 أسئلة :عبد الرحمان المكاوي : حرب مالي تهدد بلادنا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات