بعض سكانها ملتزمون بالحجر وآخرون يخرقونه والبحث عن الكمامات وأموال الدعم هاجس أغلبهم إنجاز: الصديق بوكزول بعض المواطنين انضبطوا للتعليمات وبقوا في منازلهم خوفا من الفيروس القاتل، ومجموعة أخرى، وهي قليلة، ما زالت تعيش حياة ما قبل كورونا، تمشي في الأسواق والطرقات غير آبهة بمحنة البلد وبمعاناة الأطباء والممرضين ورجال الأمن والسلطة والوقاية المدنية الذين يعانون في صمت. الصباح تنقل بعضا من مشاهد مدن كورونا، خاصة بالبيضاء والرباط... في مدن كورونا لا صوت يعلو على منبهات سيارات الإسعاف، التي تسمع من بعيد بسبب قلة حركة السير، متجهة نحو أحد الأحياء، من أجل نقل مشتبه في إصابته بالفيروس القاتل إلى أحد المستشفيات المخصصة لاستقبال مرضى كوفيد 19. بعض المواطنين ألفوا الصوت بعد أن تعايشوا معه قرابة شهر، في حين أن آخرين ما زال يرعبهم، وكلما اقترب كلما شعروا أن الفيروس قريب منهم ويمكن أن يعصف بهم في أي لحظة. في مدن كورونا تبدو بعض شوارع المدن الكبرى، خاصة البيضاء والرباط، مهجورة بسبب التزام المواطنين بحالة الطوارئ، ولاعتقادهم الراسخ أن الطريقة الوحيدة لمحاربة الفيروس، هي البقاء في المنازل وتجنب الاختلاط، حتى لا تنتقل إليهم العدوى، بينما تعج أحياء وشوارع أخرى بمواطنين غير مبالين بالفيروس، بعضهم يتوجه كل صباح إلى السوق من أجل اقتناء حاجياته، كما أن شباب بعض الأحياء يتجمعون حول لفافات حشيش أحيانا أو لتبادل أطراف الحديث، وعينهم على رجال السلطة، الذين قد يباغتونهم في أي لحظة، ليدخلوا معهم في لعبة القط والفأر. فئة ثالثة تبحث في كل مكان عن الكمامات، التي رفض البعض بيعها، مثل بعض الصيدليات، التي وضعت لافتات في مدخلها كتب عليها "هنا لا تباع كمامات"، بسبب عدم توفرها، ولعدم رغبة بعض الصيدليات في بيعها من الأصل، بسبب غياب هامش الربح. تجمعات حول الشبابيك الأوتوماتيكية لعشرات الأشخاص جاؤوا لتسلم أموال الدعم، التي خصصتها الحكومة لكل من فقد عمله، أو حامل لبطاقة راميد. الجهل والأمية يكسران كل قواعد الحجر الصحي، فبعضهم يصطحب معه ابنه أو ابن الجيران لينوب عنه في إدخال أرقام البطاقة الوطنية والرقم السري، من أجل الحصول على المبلغ المعلوم، فيما تطوع بعض الشباب للقيام بالمهمة مجانا أو مقابل بضعة دراهم. في مدن كورونا "باراجات" رجال الأمن في مداخل مجموعة من الشوارع الكبرى يدققون في وجوه السائقين، التي تخفيها كمامات بألوان مختلفة، وفي رخص التنقل المعلقة في زجاج السيارات، قبل أن يأذنوا للسائق بمواصلة طريقه، أو إيقاف البعض من أجل القيام بالإجراءات اللازمة، بسبب عدم التوفر على رخصة التنقل. في مدن كورونا حركة دؤوبة ليل نهار بالمستشفيات، العمل بها مستمر، فالمصابون يتقاطرون عليها من كل الأحياء، وكلما مر يوم كلما تزايد عددهم، الأطباء والممرضون ورجال الوقاية المدنية مجندون لمواجهة الفيروس، نسوا أبناءهم وأزواجهم وكرسوا كل وقتهم لتحدي كوفيد 19، يشتغلون وسط ضغط رهيب تحد من تأثيراته، حالات المتعافين، التي تسجل كل يوم، ليتقاسموا معهم لحظة فرح، قبل أن يعودوا لمواجهة الفيروس القاتل.