"الطوندوز والزيزوار" يعوضان الحلاقين بعد قرار إغلاق الصالونات "الحاجة أم الاختراع"، مثل قديم طالما استشهد به الناس عند الحديث عن الحيل والطرق التي يلجؤون إليها لتدارك نقص ما أو للخروج من مشكل كيفما كان، وهو المثل الذي ينطبق على ظاهرة الحلاقة بالمنازل التي غزت أغلب البيوت المغربية في زمن الحجر الصحي، تحت شعار "حسن ليا ونحسن ليك" وسط الأسر، وبعض الأصدقاء الذين اختاروا تعلم المهنة في رؤوس رفاقهم وأشقائهم. عوامل عديدة ساهمت في بروز ظاهرة "الحلاقة المنزلية" التي أصبحت مشهدا مألوفا في العاصمة الاقتصادية وفي أنحاء مختلفة من المغرب، بل أمرا لا يمكن الاستغناء عنه في ظل عدم توفر البديل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه التخلص من "الغوفالة" ومن بين هذه العوامل طول مدة الحجر الصحي التي جعلت شعر الرجال، أطفالا وشبابا وشيبا، يتكاثف، وكذا قلة التكلفة، فثمن "التقراع" أرخص بكثير من مما يُدفع عادة للحلاق، إذ لا يتجاوز موس حلاقة بخمسة دراهم أو آلة للحلاقة يطلق عليها "الطوندوز" تتوفر عليها أغلب العائلات بالبيوت. هناك من الناس من لجأ إلى اقتنائها باعتبارها حلا مؤقتا وناجعا في انتظار رفع الحجر الصحي، الذي أغلقت معه صالونات الحلاقة والتجميل. وليس هذا فحسب فالإيجابيات التي أتت بها هذه الظاهرة، حسب المقبلين عليها تتجلى في المساواة بين الناس في ما يتعلق ب"الحسانة العوجة"، باعتبار أنه لم يعد باستطاعة المنتشين بآخر صيحات الموضة في الحلاقة، السخرية ممن هم أقل منهم وسامة أو في شكل تسريحة الشعر، وهو ما جعل عددا من الشباب الذين تحدثوا ل"الصباح" يعلقون بالقول "اليوم ما بقاش فرق بين حسانتي واعرة عليك أو جيت مبوكص عليك، فالأهم هو إزالة الغوفالة". زكرياء طالب جامعي التقت به "الصباح"، وهو متجه عند بقال الحي بالألفة لاقتناء ما يخص عائلته، ظهر وهو أصلع، دون اكتراث، قبل أن يعلق على فعلته "قبل ما تجي كورونا كنت أشد حرصا على أن تكون تسريحة شعري شبيهة لنجوم هوليود، لكني اليوم لم أعد أكترث لتعليقات الآخرين سواء كانوا إناثا أو ذكورا، حيت كلنا ولينا سواسية فالحسانة، ولأنه إذا عمت هانت". "تشالنج الحلاقة" ولا تقتصر ظاهرة الحلاقة بالبيوت على الأحياء الشعبية في البيضاء، بل تمتد حتى للأحياء الراقية، على غرار شارع أنفا، والمعاريف، ففي جولة لطاقم "الصباح"، ظهر عدد من الشباب والرجال الذين كانوا متجهين إلى عملهم في الإدارات أو الذين ينتمون إلى فئة سكان الثالوث الذهبي بالعاصمة الاقتصادية، وهم محلقون رؤوسهم بشكل عشوائي يكشف أنها من صنع أيديهم وليست من قبل حلاق ماهر. وكشف عدد من سكان شارع أنفا أنهم لجؤوا إلى حلق رؤوسهم، إما اعتمادا على أنفسهم أو عن طريق مساعدة أحد أفراد العائلة، مشيرين إلى أنهم اختاروا الانخراط في موضة "سمايطة" أو "التقراع"، بعد تأثرهم بالتحدي الذي غزا مواقع التواصل الاجتماعي، تحت مسمى "تشالنج حسن فدارك بلا حلاق". إقبال على آلات الحلاقة كل من يريد الاستفادة من هذا النوع من الخدمات ما عليه سوى التوجه لاقتناء آلة حلاقة "طوندوز" أو شفرة "زيزوار"، وهو ما أدى إلى تزايد الإقبال عليها للشروع في حلق الرأس والوجه في انتظار عودة الحياة إلى طبيعتها بعد انتهاء الطوارئ الصحية التي أقرتها السلطات بسبب الحرص على حياة وسلامة المواطنين. وأدى الإقبال المنقطع النظير على اقتناء آلات الحلاقة إلى ارتفاع ثمنها بعد أن اختفت في عدد من المحلات التجارية، وكذا بسبب تحولها إلى وسيلة للربح السريع من قبل عاطلين أو مضاربين اختاروا اقتناءها بثمن بخس وإعادة بيعها للباحثين عنها بثمن يتجاوز 250 درهما للتي كان ثمنها لا يتعدى 120. محمد بها