أزمة التعليم … عقود من الفشل

اليوسفي: مشاريع الإصلاح ظلت على الورق والخطر الرهان على القطاع الخاص يجمع المتتبعون للشأن التعليمي أن كل مشاريع الإصلاح التي همت المنظومة التربوية من قبل مختلف الحكومات منذ الاستقلال إلى اليوم، لم تنجح في بلورة استراتيجيتها التربوية بشكل شمولي، بما يحقق الأهداف المنتظرة من المدرسة والجامعة المغربيتين. ورغم إنفاق الدولة آلاف الملايير لتمويل حلقات الإصلاح، طيلة العقود الماضية، ظل الفشل يلاحق جميع أوراش الإصلاح، ليتحول التلاميذ والأساتذة إلى فئران تجارب جربت فيها جميع الوصفات دون التأكد من فعاليتها وانعكاساتها الجانبية، وكانت الحصيلة هدر اعتمادات ضخمة، دون أن يتحقق الإصلاح المنشود. ويرى عبد اللطيف اليوسفي، الخبير في قضايا التربية والتكوين، أن معضلة التعليم تظل إحدى أهم المعضلات الاجتماعية التي تواجه المغرب، مؤكدا أن جميع ما سمي بمحاولات الإصلاح، انتهت إلى الفشل، مشيرا إلى أن النصوص التي تم إنتاجها منذ 1999، إلى اليوم، كانت رؤيتها جيدة ووضعت اليد على مكامن الخلل، وفتحت آفاقا للتطور في مقاربة موضوع الإصلاح. وأوضح اليوسفي، العضو السابق في اللجنة الوطنية لإصلاح التعليم، أنه رغم التشخيص الجيد لأزمة المنظومة التربوية، إلا أن ذلك لم يلامس في الجوهر التلميذ والعملية التربوية، وظلت كل الإصلاحات مشاريع على الورق، ولم تجد طريقها للتنفيذ، بسبب ضعف الإرادة السياسية في توفير الشروط اللازمة في اللحظة الحاسمة، ليظل ميثاق التربية والتكوين شعارا كبيرا، دون آليات للتنزيل، من قبيل اللامركزية وحل مشكل التمويل. وأكد اليوسفي أن محاولات الإصلاح تواصلت إلى 2009، حيث جرى توفير إمكانيات مالية لا بأس بها خصصت للبرنامج الاستعجالي، لكن سرعان ما توقف، مع حراك 20 فبراير، ليتم تحويل جزء من الأموال المرصودة إلى أغراض وسياسات أخرى، ما يعني أن إرادة الإصلاح لم تكن كافية، والدليل على ذلك، يضيف اليوسفي، هو مشكل وحدة الإشراف من قبل عقل واحد يدبر القطاع بجميع مستوياته، والحال أننا منذ 1999 تعدى عدد الوزراء الذين تناوبوا على تدبير حقائب التربية ثلاثين وزيرا وكاتب دولة. ومن بين أعطاب الإصلاح الذي لم يتحقق، مشكل تكوين الأطر، إذ في عز خطابات الإصلاح، يقول اليوسفي، فقدت المدرسة المغربية خيرة أطرها ، من خلال المغادرة الطوعية التي شكلت ضربة موجعة للمدرسة والجامعة، على حد سواء،ما حرمها من الأطر الجيدة ، وجعلها تضطر إلى اللجوء إلى التوظيف المباشر أو عن طريق التعاقد، في غياب أي تكوين يضمن الجودة المطلوبة، ناهيك عن غياب شيء اسمه التكوين المستمر في المنظومة التربوية. إن إصلاح منظومة التربية والتكوين، هو عمل متكامل لا يقبل التجزئة ولا البتر، ويتطلب مجهودا طويل النفس، في إطار مخطط شمولي تحكمه رؤية موحدة تمكن من استعادة المدرسة والجامعة العموميتين موقعهما في أي مشروع جدي للإصلاح. إن الإشكال الذي تعانيه المنظومة، لن يحل بفتح الطرق السيارة أمام التعليم الخصوصي، وتشجيعه بكل الإمكانيات، لأنه سيساهم فقط في التفرقة والابتعاد أكثر عن وظيفة المدرسة في تحقيق الاندماج الاجتماعي، الذي توفره المدرسة العمومية. تنامي البعثات حذر اليوسفي من الرهان أكثر على التعليم الخاص، في مقاربة أزمة التعليم، مؤكدا أن المدرسة العمومية تبقى هي القادرة على تحقيق التآلف والاندماج، وتكوين أجيال برؤية وطنية موحدة، مشيرا إلى ظاهرة خطيرة تثير الكثير من التساؤل وهي ظاهرة البعثات الأجنبية من جميع الجنسيات، التي ازداد انتشارها، والتي تهدد بضرب قيم المجتمع، وإنتاج قيم أخرى موالية للأوطان التي تتحدر منها. وإذا كان التعدد محمودا، يقول اليوسفي، فإن الخطر الذي يمكن أن ينجم عن تنامي ظاهرة البعثات على المدى المتوسط والبعيد، هو القيم المستوردة من أوطان أخرى، والتي لن تساهم إلا في ضرب وحدة الانتماء إلى الوطن، وتكوين أجيال منفصلة عن المجتمع والقيم الوطنية التي يجب أن تساهم المدرسة المغربية الحديثة في نشرها، وتوفير تعليم مندمج مع محيطه، منفتح على العصر دون تنكر للمقومات الحضارية والهوية المغربية الغنية بشتى روافدها. إن مطمح إصلاح المنظومة ليس مسألة ظرفية، أو قضية أهواء أو مزايدات، يقول اليوسفي، لأن نتائج الإخفاق المتواصل لإصلاحات المنظومة التربوية وخيمة ومدمرة. برحو بوزياني

أزمة التعليم … عقود من الفشل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصحة والتعليم ... الضـلعــان الأعــوجــان

أزمة القطاعات الاجتماعية ... قصوري: في الحاجة إلى المسؤولية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات