فشل التلفزيون… مسؤولون ومنتجون في قفص الاتهام

غياب معايير واضحة في التعامل مع المنتجين وسطوة بعض المسؤولين وتهميش الكفاءات تتنوع شركات الإنتاج التلفزيوني التي يتعامل معها القطب العمومي، بين شركات وطنية وأخرى أجنبية متخصصة في الانتاج والتوزيع والدبلجة، والمتتبع للمنتوج الوطني، يجد أن من الشركات التي تتعامل معها الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، من تحظى بالعناية، وهي شركات معدودة على أصابع اليد، وأعمالها تجد طريقها إلى المتفرج دون عناء، فيما الشركات الأخرى تجد نفسها مجبرة على دخول مساطر معقدة وإن تم العطف عليها في السنة بإنتاج وحيد فإن فواتيرها لا ترى النور إلا بعد عناء آخر يضاهي الذي سبق حين التقدم بالمنتوج. معايير غائبةمصادر «الصباح» التي فضلتن عدم كشف هويتها تخوفا من ما قد يطولها من تصفية حسابات، تشير إلى المنعم عليهم بصفقة إنتاج العشرات من الأفلام، والتي أنفقت فيها ميزانيات طائلة، إذ مرت الصفقة إلى مخرج محظوظ يسير شركة إنتاج معروفة بأسلوب يسمى في اللسان الدارج «الصوبا». وتم صنع سيناريوات على المقاس ومنح متطفلين فرصة «إخراج» هذه الأفلام، لتنسب إلى الشركة، وتطرح نقاشا واسعا بين المتنافسين وتساؤلات عريضة حول حق الأفضلية هذا.بالنسبة إلى القناة الاولى، فإن المعايير التي تتعامل بها المصالح المختصة، معايير خاصة وغير محددة المعالم، إذ بالنسبة إلى الإنتاج الوطني، فإن المسطرة المتبعة عادة تكون بتقديم العمل إلى مديرية الإنتاج، ليمر بعد ذلك على لجنة القراءة والأخيرة تعمل على دراسة العمل الفني، وهي لجنة تتكون من أشخاص أحرار مرتبطين مع التلفزيون وينبغي أن تتوفر فيهم شروط من بينها أن يكونوا أبناء الميدان، أي أنهم يفقهون كل صغيرة وكبيرة في جنس العمل المقدم لهم، إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الباب هو كيف يتم انتقاء هذه اللجنة، وما هي المعايير التي تسير وفقها؟ وهل تتعامل مع المنتوج من حيث مضمونه وما يحمله النص من دلالات وأيضا من حيث الشكل الفني المقدم وفقه، أم أنها تتعامل مع الأسماء؟وقد طرحت استفهامات عريضة حول بعض المنتمين إلى لجنة القراءة، سيما ان بعضهم له علاقات وارتباطات فنية بالتلفزيون، إما كتابة أو إنتاجا. الرداءة ليست صدفةبعد ان تستكمل اللجنة عملها وتقيم العمل الفني المقدم لها تعطي قرارها بالقبول أو الرفض، والغريب في الأمر أن الرفض لا يتم تعليله، إذ أنه يتم الحكم على عمل مكتوب على الورق، أي أنه مازال جامدا وتغيب عنه التصورات الفنية والرؤية الإخراجية التي لا تستقيم إلا عند استنطاق النصوص وتشخيصها.الجمهور هو الحكم الحقيقي، ويعطي أحكامه بالانصراف عن القناة والتوجه إلى باقات القنوات الأخرى، ليبحث عن ضالته، وكم من سلسلة تم قبولها ومنحت الضوء الأخضر وبدت عند تقديمها إلى الجمهور هزيلة، إن من حيث الإخراج أو التقنيات المعتمدة فيها، كما ظهر فقرها وتحدث المتتبعون عن المبالغ المالية التي رصدت لها مقارنة مع التقديرات التي أنفقت عليها، إذ يتم اقتصاد كل شيء وتغيير الفضاءات، بالتركيز أكثر على المشاهد الداخلية وضعف الديكور إن لم نقل انعدامه ناهيك عن البحث عن ممثلين خارج الضوء أو أشخاص لا علاقة لهم بالتمثيل، إذ المهم بالنسبة إلى المنتجين، هو التقليص أكثر من التكلفة حتى يكون الربح أكبر. أكثر من هذا يتم الاعتماد على تقنينن يشتغلون في التلفزيون. عدم القدرة على المنافسةالتساؤل الذي يفرض نفسه بإلحاح، سيما أن المغرب بدأ البت التلفزيوني قبل دول كثيرة، هو لماذا لا تجد أعمالنا التلفزيونية طريقها نحو القنوات العربية؟ ولماذا نستقبل كما هائلا من إنتاجات هذه الدول، عبر موزعين أجانب، ولا نقايضهم بتسويق منتوجاتنا؟العارفون بخبايا ما يجري في التلفزيون يدركون جيدا أن أعمالنا الفنية التلفزيونية محرومة من جواز السفر، ليس لأنها كلها رديئة وتنعدم فيها المواصفات الفنية والتقنية، وليس أيضا لأن لهجتنا لا تفهم كما يتم التذرع، بل على العكس من ذلك هناك أشرطة تلفزيونية ومسلسلات ذات جودة يمكنها أن تجد طريقها إلى المتفرج الأجنبي وتشق طريق التنافسية، وذلك عن طريق فرضها بأساليب الماركوتينغ والمقايضة، فكيف نقبل من موزعين معروفين أكوام الأفلام التي يأتون بها ونتعاقد معهم دون أن نشترط في التعامل أن يتم توزيع حصة من الإنتاج المغربي؟ وحتى إن كان العائق الذي يتم التذرع به هو اللغة أو اللهجة التي تتهم عبثا بالصعبة وغير المفهومة، فإننا نستقبل مئات الأشرطة والمسلسلات بلغات أكثر صعوبة ويتم تبديد هذا العائق بالدبلجة والترجمة المكتوبة، (SOUS TITRAGE). فلماذا لم تخلق خلية بيع المنتوج المغربي والتفاوض عليه للحضور في المهرجانات الدولية؟ببساطة الجواب عن هذا الإشكال يكمن في القائمين على مصالح التلفزيون من مديرية التلفزة والبرمجة والمسؤولة عن رقابة البرامج وخلية الماركوتينغ التي تتحكم في رقاب القنوات التلفزيونية التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وأيضا المدير المالي والإداري.وإذا انتبهنا إلى التخصصات والديبلومات التي يتوفر عليها بعض هؤلاء، فإنه سيتم فهم سبب فشل التلفزيون وأيضا السبب في خروج المنتوج الوطني رديئا. فمنهم من لا شهادة له في المجالات التي أنيطت به، بل منهم من لم يتابع تعليما فنيا أو تقنيا، فمن مهندس في الأشغال العمومية إلى مصلحة في التلفزيون، وبمستويات دراسية محدودة تسير مصلحة من الأهمية بما كان، تتحكم في ما يشاهد المتفرج المغربي، مصلحة اقتناء (الأفلام) وهلم جرا من باقي الذين وجدوا أنفسهم على رأس المسؤوليات بعد نزولهم بمظلات سياسية وأخرى تمتح من القرابة إلى بلاط الإدارة، ليفرضوا نظرتهم وتصورهم بشكل استبدادي، لا يجد العاملون في قنوات باقة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون إلى الرضوخ له، وإلا كان المصير التهميش المطلق الذي يؤدي إلى «الهروب» بصيغة من الصيغ. المصطفى صفر

فشل التلفزيون… مسؤولون ومنتجون في قفص الاتهام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كلنا مسؤولون عما تقدمه دار البريهي

شركات الإنتاج... الطريق السهل نحو كعكة التلفزيون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات