تقرير: أوضاع مزرية بمستشفى الأمراض العقلية بتطوان

جناح النساء بدون قاعة علاجات وحمامات بدون سخانات وفوضى في تدبير النظافة والأكل لم تنجح التغييرات البنيوية التي طرأت على مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية، في إخماد نيران الاحتقان والغليان الاجتماعي الذي كان يعيشه قبل أن يسمع داخله هدير آلات التجديد. إذ مازال الموظفون يشيرون إلى "الظروف اللامهنية" التي يعيشونها وتنعكس على المرضى. ومازالت لائحة النواقص تصعب عملية العلاج، وتجعلها أحيانا مستحيلة.وكشف تقرير أعدته سابقا جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان الخلل الكبير الذي عرفته عملية إعادة الهيكلة، بإقصاء جناح النساء غير الصالح لاستقبال المريضات وتوفير ظروف علاجهن المناسبة. ووقف التقرير ذاته على عدة مشاكل، من أبرزها، استمرار إغلاق هذا الجناح وعدم إدخال أي إصلاحات عليه، إذ أوضحت مصادر طبية من المستشفى أن "إقصاء جناح النساء من إعادة الهيكلة يجعله غير صالح لاستقبال المريضات اللواتي يعانين أمراضا نفسية"، مشيرة إلى أن عزل الجناح يجعل عملية الولوج إليه صعبة، هذا الجناح منعزل ويصعب الولوج إليه، إضافة إلى أنه مفتوح أمام أنظار السكان المجاورين للمستشفى، و"لا يتورع بعضهم عن التطفل على حميمية المريضات وجعلهن فرجة لهم، مما يجعل العاملين بالجناح يدخلون معهم في مشادة دائمة، خاصة أن بعض السكان يقذفون المريضات بالحجارة".وأهملت عملية التجديد الذي عرفه المستشفى وضع سخانات للماء بالمراحيض والحمامات، ما يحرم المرضى من الماء الساخن ويحول دون استحمامهم، ويعرضهم لأمراض أخرى نتيجة غياب النظافة. مشكل عدم استكمال بعض المرافق الحيوية والضرورية بالمستشفى، يزيد في ثقل العبء المهني، مثل عدم توفر جناح النساء على قاعة للعلاجات وانعدام الماء في جناح بقاعات العلاج بجناح الرجال، إضافة إلى عدم تزويد المستشفى بوحدة "للتصبين"، وصعوبة نقل المريضات إلى مصالح أخرى كالمستشفى المدني.ومن المشاكل التي ترخي بظلالها على المستشفى أيضا عدم تزويده بسيارة إسعاف مما ينعكس سلبا على سيرورة علاج المرضى وما يسببه من قلق مستمر للأطر العاملة، خاصة في حالة تدهور الحالة الصحية لأحد المرضى والذي يستوجب نقله على وجه السرعة إلى قسم المستعجلات، إذ يضطر العاملون في مثل هذه الوضعية إلى انتظار وصول سيارة إسعاف من مستشفى آخر ما ينعكس سلبا على صحة المرضى وتأخر التشخيص والتدخل الطبي في الوقت المناسب.ومن أهم المشاكل التي تقلق العاملين بمستشفى الرازي بتطوان انعدام وحدة خاصة بالمرضى العدوانيين، وأخرى خاصة بالمرضى المتابعين قضائيا، وانعدام حراسة أمنية خاصة بهم، مما يزيد عبء المسؤولية على الأطر العاملة، وهو ما يتناقض مع القانون 53 من القانون الداخلي للمستشفيات والذي ينص على ضرورة قبول المعتقل كلما كان ذلك ممكنا، إما في غرف مهيأة خصيصا لهذا الغرض إن كانت موجودة، وإما في أسرة يمكن فيها القيام بحراسة المعتقل بدون عرقلة السير العادي للمصلحة، وفي كل الأحوال فإن مسؤولية حراسة المعتقلين يلقى بالأساس على عاتق المؤسسة السجنية طبقا للمادة 137 من القانون رقم 23-98، حسب ما أكد التقرير ذاته وزكته مصادر متطابقة.إهمال تشييد سور أو سياج يحيط المستشفى، يسهل إدخال المخدرات والمواد الحادة وولاعات السجائر للمرضى، كما ذكر تقرير الجمعية الحقوقية، مشيرا إلى أن إعادة الهيكلة أسقطت المعاقين من حساباتها، إذ رغم الأشغال الذي شهدها المستشفى أهمل المقاولون إدراج ولوجيات خاصة بالمعاقين جسديا.ومن الانشغالات الأخرى التي رصدها التقرير الحقوقي الفوضى العارمة في الخدمات التي تقدمها شركات التدبير المفوض العاملة في مجال النظافة والتغذية وتدبير النفايات الطبية، والتهاون الكبير لإدارة المستشفى في مراقبة عملها، مما ينتج عنه تقديم خدمات رديئة على مستوى الكم والكيف سواء للمرضى أو المهنيين.وأكد تقرير جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان أن الميزانية الضخمة التي ناهزت 14.6 مليون درهم، لم تعكس ما كان يرجى من عملية إعادة الهيكلة للمستشفى الجهوي الذي يقدم خدمات لنحو 2.5 مليون شخص. وأشار تقرير صادر عن الجامعة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل فرع ولاية تطوان، إلى أن المشاكل التي يعانيها المستشفى قديمة وليست وليدة اللحظة، إذ كان العاملون بالمستشفى يأملون إيجاد حل لها، أو التخفيف من حدتها بعد تدشين المستشفى إثر إعادة هيكلته، بيد أنه تبين أن الوضع ازداد سوءا، وظروف العمل تقهقرت إلى الوراء رغم النداءات والاحتجاجات المتكررة التي رفعت إلى المندوب الإقليمي للصحة بالمدينة.موضوع آخر يشغل بال العاملين والمرضى بالمستشفى، ويتعلق بالنقص الحاد في الموارد البشرية، إذ كشفت مصادر نقابية مطلعة أنه تم التغاضي عن التعيينات المؤقتة التي تمت السنة الماضية في ظروف غير مفهومة، عدم تعيين ممرضين متخصصين في الأمراض العقلية بالمستشفى، وإلحاقهم بمراكز صحية أخرى، دون أن يتدخل المندوب لحل المشكل رغم تقديم وعود في هذا الصدد.هذه القضايا والانشغالات كانت مثار نقاش حاد لتمثيليات نقابية وجمعيات حقوقية بتطوان أجمعت في أكثر من مرة على ضرورة إيجاد حل سريع لها، وسبق لها أن راسلت عدة جهات على مستوى المحلي والجهوي والمركزي، ومن ضمن مطالبها، إحداث نظام الطوارئ والمراقبة للمرضى، وتوفير المعدات الأساسية لتتبعهم وصون كرامتهم وحقوقهم، والفصل بين مستشفى الأمراض العقلية ومستشفى بن قريش التابع إلى المستشفى المدني مع إحداث نظام معلوماتي موحد لتدبير الشؤون الإدارية، وفتح مركز سيدي طلحة لمعالجة المدمنين وأخيرا، خلق وحدة خاصة للمرضى العدوانيين وإتمام بعض المرافق الحيوية والضرورية في المستشفى. وأجرت "الصباح" عدة اتصالات هاتفية بالمندوب الإقليمي للصحة، غير أنه لم يتسن لنا أخذ وجهة نظره حول ما أثير من قضايا وانشغالات التي أثارتها هيآت نقابية وحقوقية. يوسف الجوهري (تطوان)

تقرير: أوضاع مزرية بمستشفى الأمراض العقلية بتطوان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عشرات المختلين يجوبون شوارع وجدة

اكتظاظ وسوء تغذية وقلة أدوية بالجناح 36

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات