إجوكاك …تدبير ضعيف لكارثة كبرى

عمليات إنقاذ بدائية طرحت تساؤلات عن مصير آليات متطورة يراها المغاربة فقط في الاستعراضات السنوية من خلال طريقة التعامل مع فاجعة إجوكاك بإقليم الحوز، التي ذهب ضحيتها 15 قتيلا من مختلف الأجناس والأعمار، وصعوبة عملية الإنقاذ التي تداخلت فيها عوامل طبيعية وتقنية بالدرجة الأولى، فإنه يمكن القول إن تدبير الأزمات والكوارث بالمغرب مازال يتسم بطريقة بدائية على المستوى اللوجيستيكي والعنصر البشري المؤهل لمثل هذه التحديات. إنجاز: محمد بها - تصوير : عبد الحق خليفة (موفدا «الصباح» إلى إجوكاك) في الخامسة مساء تفاجأ مستعملو الطريق على مستوى دوار «توك الخير»، دائرة أسني، بمشهد مرعب تمثل في انهيار جبل ليهوى على سيارة النقل المزدوج، واستمرت الأمطار في الهطول، وهو ما جعل الأتربة تغمر الناقلة إلى أن طمرتها بعلو مرتفع. ورغم إسراع ركاب السيارات التي كانت متوقفة لانتشال الضحايا وإزالة مخلفات الانهيار عنهم، إلا أنهم تفاجؤوا باختفائهم، بعد أن تحولت الحجارة والأتربة إلى ركام يصعب إزالته. إنقاذ تقليدي كشفت "الكبيرة" إحدى نساء دوار «توك الخير»، والتي تعتبر من بين السكان الذين حضروا إلى مسرح الحادث، بعد انتشار خبر طمر سيارة بركابها، أن عملية الإنقاذ كانت بشكل تقليدي جدا، ولم تكن بحجم الكارثة، فبعد أن علمت السلطات بالفاجعة استنفرت عناصرها، لكن الغريب أنها استعانت في البداية بمعدات بسيطة تتمثل في بضع جرافات صغيرة الحجم، والتي لا يمكن لها النفاذ إلى عمق التراب والصخور والأوحال التي غطت السيارة المتضررة بالكامل. وكشفت المتحدثة نفسها أنه رغم حضور عناصر الدرك الملكي ورجال السلطة وأعوانها، فإنهم لم يستطيعوا السيطرة على الوضع لأن حضورهم لم يتعد الجانب التنظيمي المتمثل في إغلاق الطرق المؤدية إلى موقع الحادث، حتى لا تتكرر المأساة في حال انهيار جبال أخرى. فرق متخصصة وأضافت المرأة وهي تحكي لطاقم «الصباح» بصوت متقطع لهول ما رأته عيناها من مشهد مرعب، «العنصر البشري لم يكن في مستوى التحديات المطروحة، فرغم نكران الذات والتضحية التي أبان عنها رجال الدرك والقوات المساعدة في محاولة الإنقاذ وتنظيم الطرق، إلا أنها لم تكن كافية نظرا لحاجة الكارثة المأساوية لمتخصصين في تدبير الكوارث وعمليات الإنقاذ، كما أن الجرافات التي تم استقدامها لم تكن كافية، لأنها لم تكن قادرة على النفاذ إلى أعماق الأوحال والأتربة التي تجاوز علوها 20 مترا تقريبا». وأفادت المتحدثة أن قدوم سيارات الإسعاف والجرافات الصغيرة ورجال الوقاية المدنية لم يشكل أي إضافة نوعية، لأن الفاجعة كانت تستوجب حلول فرق إنقاذ متخصصة، ولو تطلب استقدامها على متن مروحيات من مراكش والمدن المجاورة عوض انتظار نتائج الحفر بالجرافات التي لم تسمح لها أحوال الطقس بالاشتغال كما يجب في ظل تساقط الأمطار وانجراف التربة. نقطة الصفر أكدت المرأة أن فريق الإنقاذ رغم بساطته إلا أنه لم يدخر جهدا في مهامه النبيلة، مخاطرا بحياته من أجل العثور على السيارة، لكن الوسائل التي كان يعتمد عليها خانته، بسبب ظروف العمل غير المواتية «بينما استمرت عملية إزالة الأتربة والصخور بالجرافات الصغيرة وبعدما كاد رجال الوقاية المدنية وفريق العمل يصل إلى السيارة لانتشالها ذهبت مجهوداتهم سدى، بعدما تساقطت الأمطار من جديد وتطايرت الأحجار وتهاوت الأتربة، وهو ما دفع بفريق الإنقاذ إلى الفرار للنفاذ بجلده في ظل الخطر الذي كان قائما، وظل الفريق مرابطا بمكان مقابل، إلى أن زال الخطر وعادت عملية الحفر إلى الصفر وسط الظلام الدامس وتساقط الأمطار، وهو ما جعل عملية الإنقاذ مستحيلة، وأصبح التفكير في انتشال الجثث الخيار الثاني، وهو ما حتم الاستعانة بالكلاب المدربة التي تم استقدامها في ظل صعوبة العثور على الضحايا». مسؤولية المنتخبين بدوره كشف عبد الله أحد السائقين الذين داوموا على نقل الركاب من تاليوين إلى مراكش أن صعوبة عملية الإنقاذ التي لم تستخدم فيها الآليات المتطورة، مرده إلى الطرق الوعرة وغير الصالحة للاستعمال بسبب إهمالها من قبل رئيس الجماعة والمنتخبين، متسائلا «كيف يمكن إحضار المعدات المتطورة والكبيرة والطرق وعرة ولا تصلح للاستعمال؟». وفي ما يتعلق بخطة الإنقاذ، كشف السائق أنه بمجرد إشعار السلطات بوقوع الفاجعة، حلت مختلف الأجهزة الأمنية ومصالح الوقاية المدنية بمسرح الحادث، إذ حرصت مصالح الدرك الملكي والقوات المساعدة على تنظيم حركة السير بإعلام السائقين بضرورة العودة لسلوك منفذ آخر، لأن الطريق كانت مغلقة بمخلفات انهيار الأتربة والصخور والأوحال التي كانت على شكل جبل عال، وهو الأمر الذي يعتبر إجراء روتينيا لتفادي وقوع ضحايا آخرين ولتسهيل عملية الإنقاذ التي يقوم بها الفريق الذي حل بإجوكاك، في الوقت نفسه. الآليات المتطورة وفي ما يتعلق بالآليات المتطورة التي تم استقدامها، تساءل المتحدث نفسه «عن أي وسائل إنقاذ متطورة تتحدث؟ داكشي ما كان منو والو، اكتفى فريق الإنقاذ في البداية باستقدام جرافات صغيرة لا يمكن لها تحقيق نتيجة متقدمة في إزالة الأوحال والصخور بسرعة وانتشال السيارة المطمورة تحت علو يفوق 15 مترا. للأسف لم تتفتق عبقرية فريق الإنقاذ للاستعانة بجرافات كبيرة من نوع «دي 8» التي تتوفر على آليات تساعدها على البقاء ثابتة بشكل سليم وتعمل في تحد للصعوبات على إزالة الصخور والأجسام الكبيرة». وأضاف أن «جرافات دي 8 لم يتم استقدامها إلا في اليوم الموالي من وقوع الحادث المأساوي، بعد أن تأكد لفريق الإنقاذ استحالة إنجاز مهامه في العثور على السيارة المطمورة، كما أن الكلاب المدربة المساعدة على اكتشاف مكان الضحايا لم تتم الاستعانة بها إلا في اليوم الثاني، إذ اكتفى فريق الإنقاذ بوسائل تقليدية، لا يمكن أن يُعول عليها في ظل سقوط بقايا الجبل المنهار». أسئلة حارقة تساءل عدد من سكان دوار «توك الخير» القريب من موقع الحادث بحسرة «لماذا لم يتم استقدام تلك الأجهزة الحديثة وآخر صيحات التكنولوجيا المتطورة في مجال الإنقاذ لاستخراج السيارة المطمورة في مدة زمنية قصيرة، وهو ما يعني إنقاذ أراوح الركاب؟ لماذا لم نر تلك الآليات والوسائل والجرافات والشاحنات المتخصصة في تدبير الأزمات والمخاطر الطبيعية التي يتم عرضها في فقط في وسائل الإعلام في مناسبات سنوية وكذا في مناسبة كبرى آخرها مؤتمر الأطراف العالمية «كوب 22»؟ لماذا لم تتم الاستعانة بمروحيات لنقل فريق متخصص في الإنقاذ من مدينة مراكش والمدن المجاورة حتى لو استدعى الأمر استقدامها من البيضاء والرباط، فما قيمة تلك الوسائل التي يتم اقتناؤها إذا لم تُستخدم في خدمة المواطنين المغاربة؟». تلك صرخة سكان إجوكاك وهم يحكون عن فاجعة قلبت عليهم المواجع.

إجوكاك …تدبير ضعيف لكارثة كبرى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

صناديق فارغة للوقاية من المخاطر

النصب باسم المخابرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات