3 أسئلة: “الترمضينة” حالة نفسية سببها تغير الإيقاع اليومي  

كيف تنظرون إلى "الترمضينة" التي تطبع سلوك عدد مهم من المغاربة خلال شهر رمضان؟ وهل يمكن أن نطلق عليها اسم "ظاهرة موسمية"؟ أعتقد بأن هذا السلوك يخص فئة قليلة من الأفراد، ولا أعتقد أن له علاقة مباشرة بشهر رمضان، ولا يمكن اعتباره في كل حال من الأحوال ظاهرة اجتماعية، بل هي حالة نفسية تكون لدى بعض الأفراد يربطونها بالصيام. كل ما في الأمر أننا نلاحظ خاصة في الأيام الأولى من شهر رمضان بعض الشجارات والمواقف التي تبدو ظاهريا أنها ذات علاقة بالصيام. صحيح إذا استحضرنا منطق العلم فالمدخنون مثلا والمدمنون عامة يعانون كثيرا في فترات الصيام ويستثارون بسهولة، وقد تصدر عنهم تصرفات عنيفة أو غير مقبولة لدى عامة الأفراد، ويصعب عليهم ضبط أعصابهم طيلة اليوم بفعل النيكوتين، وبالتالي يكون من السهل إخراجهم عن طوعهم، هذا أيضا إذا استحضرنا أن من سمات المغاربة حتى في الحالات العادية، رد الفعل العنيف أمام أي موقف قد يعترضهم، حتى في المواقف البسيطة التي لا تستدعي مثل هذا الرد، وهذا ينطبق على كافة الشهور وليس فقط رمضان لوحده... هل هناك أسباب واضحة في نظركم لهذه الحالة النفسية؟ الإيقاع اليومي المعروف لدى الشخص يتغير في شهر رمضان، وهذا شيء يجب أن نوليه أهمية كبرى خاصة أن الأفراد لا يستطيعون التكيف بسهولة مع هذا التغير الذي يمس كل الجوانب المرتبطة بالعادات الغذائية وأوقات النوم والاستيقاظ، والذهاب إلى المقهى وإيقاع العمل،... وهذا يؤثر بلا شك على درجة تحمل بعض الأفراد الذين لا يستطيعون التأقلم مع الإيقاع الجديد الذي يفرضه هذا الشهر، فيبدؤون يومهم بالتذمر والشكوى، وأحيانا البحث عن أي سبب لعدم انجاز أي عمل، فلا غرابة أن نجد الكثير من الأشخاص الذين لا يشتغلون بالمطلق خلال شهر رمضان. يلاحظ خلال هذا الشهر تكاثر في نسبة العنف والإجرام. بماذا تفسرون ذلك وهل لظاهرة "الترمضينة " علاقة به؟ الملاحظ أن ظاهرة العنف في المجتمع المغربي تزداد يوما بعد يوم، كما هو الشأن أيضا بالنسبة إلى الظاهرة الإجرامية عموما، وتقف وراءها عوامل متعددة منها على الخصوص استفحال البطالة، قلة فرص الشغل بالنسبة إلى الشباب، الانقطاع المبكر عن الدراسة وغلاء المعيشة، زيادة على استهلاك المخدرات بقوة، الذي يعتبر أحد أهم المحفزات على ارتكاب الفعل الإجرامي، مع الإشارة بالطبع إلى التغير القيمي الذي طال المجتمع المغربي في العقود الأخيرة، والذي هدد بشكل أساسي التضامن والأمن الاجتماعي الذي كان معروفا في المجتمع المغربي.أما بخصوص ما يعرفه شهر رمضان من زيادة في حوادث الإجرام والعنف بصفة خاصة، فلحد الآن لا نتوفر على دراسات تفسيرية لهذه الظاهرة، وبالتالي ما سأقدمه هنا هو عبارة عن ملاحظات ليس إلا، أولها، وكما سبق أن قلت، أن الكل يعرف العلاقة بين الإدمان على التدخين أو المخدرات وبين رد الفعل العنيف، "فالمنقطعون" عن التدخين يصعب عليهم ضبط أعصابهم خلال فترة الصيام، زيادة على أن رد الفعل العنيف من المميزات السلوكية التي تسم مجتمعنا كما أوضحنا ذلك من قبل.والملاحظة الثانية، هي أن شهر رمضان يعرف خلال فترات يومية قلة في الحركة في الشوارع والأزقة خاصة أثناء النهار، ما قد يشجع المجرمين على اصطياد ضحاياهم بسهولة في هذه الأماكن، زيادة على أن الأشخاص الصائمين تكون حركتهم بطيئة نتيجة نقصان نسبة السكر في الدم وقدرتهم على رد الفعل جد ضعيفة، وهذه نقطة هامة ينتبه إليها المجرمون خاصة إذا استحضرنا أنهم لا يصومون.كما أنه في شهر رمضان وبناء على المعطيات المتوفرة يكثر استهلاك المخدرات بكل أنواعها عكس ما هو متوقع، بل حتى استهلاك التبغ بالنسبة إلى الأشخاص العاديين يتضاعف، وقد يعود ذلك في اعتقادي في الحالة الأولى إلى محاولة التغلب على هاجس الصيام بالنسبة إلى المجرمين خاصة، والذين يتعاطون المخدرات بصفة عامة، إذ يشكل اللجوء للمخدرات نوعا من التهرب من الطقوس الرمضانية فيكثرون منها، والإكثار من المخدرات سيما تلك التي تحفز على الجريمة (كالحبوب المهلوسة) هو في حد ذاته زيادة في معدل الإجرام خلال هذا الشهر الكريم. أجرت الحوار: هجر المغليعبد اللطيف كيداي, عبد اللطيف كيداي: أستاذ علم الاجتماع

3 أسئلة: “الترمضينة” حالة نفسية سببها تغير الإيقاع اليومي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عدوى "الترمضينة" تنتشر في الشوارع والطرقات

"الترمضينة" تحتد بين ركاب القطارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات