امتهنت طالبات الدعارة لأسباب مختلفة حسب السياق الذي لجأن فيه لذلك، إذ تعددت الأسباب والدعارة فعل واحد، يتم عبر استخدام الجسد ومنحه لشخص آخر باتفاق مسبق معه، أو بعد ذلك، مقابل أجر مادي أكثر منه استمتاع نفسي، بل إن ممتهنات الجنس في الأماكن الخاصة بهن، مثل الملاهي والعلب الليلية وفي الشوارع، انتفضن ضد ولوج فئة الطالبات لعالم الدعارة، منذ بداية تسعينات القرن الماضي. واعتبرت ممتهنات الدعارة المتأتيات من أحزمة الفقر، المطلقات منهن والعازبات والمتزوجات اللواتي فرض عليهن القهر والهشاشة والأمية اللجوء إلى الطريقة السهلة لكسب القوت اليومي لتلبية حاجيات الأسرة كبيرة العدد، أن ولوج الطالبات لمهنة الدعارة، تنافس “غير شريف” لأن الرجال أصحاب المال والباحثين عن اللذة المؤقتة، يحبذون استغلال جسد الطالبات عوض الآتيات من أحزمة الفقر، خاصة أصحاب المهن الحرة، الأميين، الذين يعتبرون أن قضاء ليلة حمراء مع طالبة يرجع لهم “هيبتهم الضائعة” بسبب أميتهم وجهلهم، إذ أنهم ينتقمون نفسيا من جسد الطالبات، بمقابل مادي سخي. وحينما تسأل أي طالبة عن سبب امتهانها بيع جسدها، تسمع حكايات كثيرة حسب سياق اللقاء، يتداخل فيها الخيال بالواقع، لكن كلما تناولت كؤوس خمر، وارتفعت درجة الحرارة وتشابكت الأحداث، تروي القصة الحقيقية، إذ أن أغلبهن تابعن دراستهن بعيدا عن أعين أسرهن الفقيرة القاطنة في البوادي والجبال، ما يجعلهن يحاولن تقليد "بنات لمدينة”. وبذلك تغري الطالبة التي ترتدي لباسا عصريا، وتستعمل أحدث أنواع الماكياج، وتأكل في المطاعم ألذ الأكلات، الأخريات اللواتي لم يتذوقن في حياتهن طعم الأطعمة السريعة أو عصير الفواكه حتى. لذلك يصبح الحجاب أو "فولار الرأس” ثقيلا بعد تحصيل أول مدخول خاص يصرف جزء منه في تصفيف الشعر والباقي على اللباس والعطور، إذ تستغل الطالبات غياب رقابة الأسرة والسكن بعيدا عنها لمعانقة الحرية من بابها الواسع. والحديث هنا عن الدعارة وليس عن علاقة حب قد تجمع بين طالبة وطالب، تتوج بزواج أو بعملية لإسقاط جنين، أو بمشاكل تحول دون استمرارها. لكن هناك بعض الآباء، سامحهم الله، يلتمسون من بناتهم إرسال جزء من مال المنحة الجامعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، خاصة حينما يعلمون أن فلذات أكبادهم، يقطن في الأحياء الجامعية، ب40 درهما في الشهر ويتناولن وجبات الأكل بدرهم ونصف للوجبة الواحدة، ومعنى ذلك أن الفتاة ستجد التشجيع "باش دبر على راسها وعلى العائلة”. فيما أخريات تعرضن للاغتصاب مهما كان نوعه وولجن الدعارة، مع صديقهن أو أحد أفراد أسرتهن، أو في حادث عابر أو من خلال إغراء المدرس الذي يفرض “ النقط مقابل الجنس” أو صاحب السيارة الذي يقف أمام باب الحي الجامعي، باستعمال المال للتأثير، أو الذي يعلم الفتاة تدخين أول سيجارة، أو تدخين أول لفافة حشيش، أو تناول أول مخدر الإكستازي، الذي روجوه في الملاهي وعلب الليل، بدعوى أنه يشجع على “النشاط” فيما هو يخرب العقل لتأثير المواد الكيماوية الموجودة فيه على الذهن، أو الذي قدم لها أول كأس لشربه، فتصبح ضحية إدمان مخدرات وسجائر ومخدرات وقنينات خمر وجعة، لا تقوى على شرائها وبذلك تدخل عالم الدعارة من بابه الواسع، وتتعرف على العوالم السفلى للرجال، خاصة الذين ينفقون الملايين في هذا المجال. وتمكنت طالبات امتهن الدعارة من الاستفادة من درس الحياة، قبل الجامعة، مفاده أن المال يضمن تلبية الحاجيات ويحمي من المجهول، فتمكن من مراكمة المال واستثماره في العقار أو في مشروع مدر للأرباح، أو الزواج برجل ثري يقتني لهن كل ما يطلبنه، فيما الأخريات واصلن مسارهن، بعضهن جربن السجن، والبعض الآخر تغيرت حياتهن نحو الاستقرار العائلي، وأخريات لم يحالفهن الحظ، وما زلن مشتغلات في هذه المهنة، لتلبية الضروري من الحاجيات، خاصة اللواتي طحنتهن طاحونة الزمن والفقر والشيخوخة، وأصبحن مهملات، بعدما كن متحكمات في رقاب الرجال. أحمد الأرقام