سماسرة المحاكم … أشجار تخفي الفساد

تواطؤ مع المفسدين وآليات المحاربة عاجزة عن التطهير "السمسار بحال المنشار طالع نازل واكل" عنوان لقصص حقيقية، اعتاد المواطنون تداولها بشكل شيق عند الحديث عن عمليات إجرامية أبطالها نساء وشباب ورجال من مختلف المشارب، لعبوا فيها دور البطولة بعد النصب على متقاضين وثقوا في قدراتهم المزعومة، بعدما آمنوا بوعود كشف الواقع أنها كانت مجرد طعم صيد للإيقاع بالضحايا. ومن خلال حالات النصب على المتقاضين التي سلطت "الصباح"، الضوء عليها، يتبين أن الظاهرة تحتاج إلى دراسة عميقة للخروج بحلول تنهي فوضى أشخاص يتربصون في المحاكم بضحايا لا ذنب لهم سوى أنهم يجهلون القانون وملوا من بطء المساطر القضائية. وبعكس الرؤية السطحية لدى عامة الناس، فإن الباحثين كشفوا أن ما يميز هذه الجريمة عن باقي جرائم النصب، هي أن المتقاضي في العديد من الأحيان يجهل القانون، وبالتالي يكون فريسة سهلة للسماسرة الذين يترددون على محيط المحاكم والمقاهي، فيستدرجون المتقاضين لإقناعهم بألا حاجة لهم بتنصيب المحامي المؤهل قانونيا. ويقدم سماسرة المحاكم خدمات وهمية تتجلى في إيهام ضحاياهم بقدرتهم على حل مشاكلهم بالاتصال بالمسؤولين القضائيين مباشرة، أو لقائهم في أماكن بعيدة عن الأعين. وأصبح هؤلاء السماسرة يرتادون المحاكم دون حسيب ولا رقيب بسبب اعتمادهم شبكات متداخلة يصعب اختراقها، إلا إذا ما قاوم الضحية الخوف وقرر الكشف عن أحد أفرادها بتقديم شكاية للمصالح المختصة. محمد بها استغلال معطيات الاختراق للإقناع مشبوهون خبروا المحاكم والمساطر وآخرون يتخفون في جمعيات كشفت قضايا اعتقال متورطين في النصب على مرتفقي المحاكم والمتقاضين، أن المشبوهين، يتوفرون على خبرة في المساطر ودراية بأقسام بناية المحاكم التي ينشطون فيها، وكذا معرفتهم الجيدة لأسماء القضاة والتخصصات المسندة إليهم. ومن خلال استقراء محاضر الضحايا، يتبين أن المتهمين نهجوا أساليب احتيالية وماكرة، إذ أن هناك من يطالب فريسته بتحرير طلب سراح مؤقت، ويمده بالنموذج الذي ينبغي عليه اتباعه، موهما إياه أن القاضي الفلاني هو من طالب بذلك، وملحا على كتمان الأمر وبقائه سرا، فيما آخرون استعملوا أسماء قضاة بالادعاء أن لهم علاقات بهم من أجل بسط السيطرة على عقل الضحية ودفعه لارتكاب الخطأ بدفع أموال، مقابل الوعود التي تساق أمامه. ورغم أن المسؤولين يضعون نصب أعينهم مهمة تطهير المحاكم التي يديرونها من السماسرة ومختلف الفضوليين، إلا أن وقائع الاحتيال على المتقاضين تطورت بدورها، ولم تعد تقتصر على أشخاص يجمعون صفات تمكنهم من إتقان الأدوار الاحتيالية، بل ظهرت في الأونة الأخيرة نماذج اختفت في جمعيات، تورط أصحابها في القيام بأعمال تتنافى والأدوار المنوطة بهذه الهيآت التي تستمد شرعيتها من ظهير الحريات العامة، ويمنع عليها الخوض في المسائل القضائية، التي تبقى شأنا مستقلا، مهمته منوطة بالقضاء وأسرة الدفاع وباقي المتدخلين، الذين فوض إليهم القانون مهامهم. ورغم أن القوانين كلها بما فيها الدستور، تشير إلى أن المواطنين سواسية أمام القضاء، إلا أن وضع شكايات من قبل جمعيات وتعامل النيابات العامة معها فتح الباب أمام سماسرة ومحتالين، لركوب موجة الدفاع عن الحقوق في سبيل تحقيق أهداف وامتيازات خاصة، وهو ما ظهر في مجموعة من النوازل، آخرها تلك التي أدين فيها مهاجر ووسيط، لم تنجح مخططاتهما فلجآ إلى الضغط عن طريق قذف القضاة واتهامهم بجملة من الصفات، وهو النهج نفسه الذي نهجاه مع محامين وعدول وموثقين وغيرهم. وأدين المتهمان، أحدهما معتقل والثاني يوجد خارج أرض الوطن بالحبس النافذ، بعد سلسلة من الشكايات التي فضحت سلوكاتهما، إذ تخصصا في تبني الشكايات والترويج لها عبر "فيسبوك" وتوجيــه التهم إلى قضــاة بالاســم، وأثناء إلقاء القبض على المتهم المعتقل حجزت الضابطة القضائية حاسوبا به مجموعة من الفيديوهات، كما عثر داخله على شكايات كثيرة، كان المتهم يوقعها بنفسه لفائدة أشخاص آخرين ويختم عليها بخاتم الجمعية، ويضعها في مختلف المؤسسات العمومية أو يرفعها أمام النيابة العامة بإيعاز من أشخاص آخرين، قبل أن ينبري إلى تسجيل فيديوهات للضغط على القضاء لدفعهم إلى تحريك المتابعات الكيدية. وتوبع المتهمان من قبل النيابة العامة بالنصب وإهانة رجال القضاء وموظفين عموميين ومحامين وهيآت منظمة والمشاركة في صنع شهادات وإقرارات تتضمن وقائع غير صحيحة والمشاركة في انتحال واستعمال صفة حددت السلطات العامــة شــروط اكتسابها، والمشاركة في مباشرة بصفة اعتيادية مساطر قضائية لفائدة الغير دون أن يكون مخولا لذلك، والسب والقذف. ومن شأن المتابعة الجديدة، أن تدفع النيابات العامة إلى الاقتداء بما سارت عليه المحكمة الابتدائية لبركان، لإيقاف نزيف المس بالاستقلالية الذي تنهجه جمعيات تدافع عن مصالح ضيقة وتدار من قبل أشخاص ليسوا محامين ولا قضاة سابقين ولا من ذوي المهنة المنظمة، ومستوياتهم التعليمية في غالب الأحيان لا تتجاوز الإعدادي أو الثانوي. المصطفى صفر

سماسرة المحاكم … أشجار تخفي الفساد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سيطرة مطلقة لسماسرة محاكم طنجة

الصوفي: نصابون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات