شباب طنجة يعلنون إفلاس مشاريعهم

عبر عدد من الشباب الحاملين للمشاريع بمدينة طنجة عن خيبة أملهم من برنامج «مقاولتي»، الذي أطلقته وكالة «لانابيك» منذ خمس سنوات، واعتبروه مشروعا «فاشلا وغير منتج»، لأنه استنفد حماس الشباب وتسبب للكثير منهم في إحباط كبير بعد أن صرفوا وقتا طويلا ومجهودات مضنية قابلتها تماطلات وتعقيدات مرتبطة بالمساطر الإدارية. وأوضح جل الشباب الذين التقت بهم «الصباح»، أن هذا البرنامج الحكومي، الذي يجمع فاعلين ومتدخلين من قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية وقطاع بنكي وغرف مهنية، أضحى نقمة على جل الشباب المنخرطين فيه، بسبب غياب أي استراتيجية حقيقية وتخطيط مسبق لخلق مقاولات منتجة وقادرة على مواجهة التحديات الكبرى، خاصة على صعيد محاربة آفة البطالة والفقر وإنعاش الاقتصاد الوطني.واستغربت المصادر نفسها استمرار الدولة في تمويل مشروع لم يحقق الحد الأدنى من أهدافه الأساسية، التي كانت تروم خلق 30 ألف مقاولة مع متم سنة 2008، مؤكدة أن العدد لم يتجاوز لحد الآن ثلاثة آلاف مقاولة صغيرة، أي بنسبة نجاح لا تتعدى 10 في المائة، رغم أن الدولة رصدت له ميزانية ضخمة، مبرزة أن الأرقام الرسمية غير صحيحة، لأنها اعتمدت مشاريع أنجزت بتمويل ذاتي من طرف عدد من الشباب، وبالتالي، تقول المصادر، «لا يجوز تصنيفها ضمن برنامج «مقاولتي».كما دق عدد من الشاب ناقوس الخطر جراء الوضع المختل لمشاريعهم المعرضة للإفلاس، وطالبوا بإيقاف المتابعات في حق مسيري المقاولات التي وجدت صعوبات كبيرة في التحليق، والبحث عن حلول مناسبة لمشاكلهم العالقة عبر حوار جدي والفعال من أجل إنقاذهم من هذا البرنامج المفلس، الذي أصيب، بحسب تعبيرهم، بـ»السكتة القلبية» ويستوجب إعادة النظر في شروطه وطريقة اشتغاله، مع تخصيص دعم مالي ومعنوي لبعث روح جديدة في ذوي التوجه المقاولاتي حتى يتسنى لشباب المستقبل الاقتداء بهم.وفي هذا السياق، ذكر شاب أوشكت مقاولته على الإفلاس، أنه أصبح يعيش حالة من الرعب بسبب عدم قدرته على تسديد أقساط الدين الذي مازال في ذمته، إذ أصبح يمثل كابوسا يطارده في النوم واليقظة، خاصة أن عددا من زملائه في مدن أخرى صدرت في حقهم أحكام بالسجن.وأوضح المقاول المفلس أن هذا البرنامج الغامض لم يقدم للشباب إلا المعاناة تلو المعاناة، نتيجة ارتفاع معدل فائدة القروض البنكية التي تصل إلى 14 في المائة، في حين كان مقررا ألا تتعدى نسبة 5 في المائة، وأن يبتدئ الأداء بعد سنتين من انطلاق المشروع، إلا أن البنوك، يضيف المصدر، فرضت على المقاولين الشباب الأداء مباشرة بعد انطلاق أغلب المشاريع، ما جعله يندم على ركوب هذه المغامرة، التي من المحتمل جدا أن تقوده إلى المحاكم ومنها إلى السجن.شاب آخر لم يحالفه الحظ في الحصول على قرض لتمويل مشروعه قال لـ «الصباح» إن «مشروعي تم انتقاؤه من بين المشاريع التي اعترفت لجنة الانتقاء بجديته وضمت نجاحه، إلا أنني فوجئت وللأسف الشديد بعد أربعة أشهر من الانتظار برد جاء فيه بالحرف «طلب مرفوض»، وذلك بدون أي مبرر، علما أن هذا المشروع جاء بناء على دراسة تؤكد أنه الأول من نوعه في المدينة، ما جعلني أقوم بإجراءات التأسيس التي أخذت مني وقتا طويلا ومبالغ مالية مهمة، إذ منذ تلك اللحظة التاريخية تأكدت أن أصحاب القرار في هذا البلد السعيد لن يتخلوا أبدا عن مبدأ «هذا ديالي، وهذا باه صاحبي». من جهتها، ذكرت مرزاق ليلى، الكاتب العام لجمعية مقاولتي طنجة، أن عددا كبيرا من الشباب تضرروا من برنامج مقاولتي نتيجة المشاكل الكبيرة التي عرفها هذا البرنامج منذ البداية، والمتمثلة في عدم انسجام طريقة تمويل المشاريع مع مقتضيات قانون «مقاولتي»، وتعقيد مسطرة الإفراج عن القروض من طرف البنوك، موضحة أن بعض ملفات المشاريع ظلت لدى البنوك لمدة سنة، وكانت النتيجة أن قيمة القرض لم تعد تتوافق مع المشروع، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية. وقالت ليلى، صاحبة مشروع «سيكودو» للنظافة والصيانة، إنه «أصبح من الضروري إيجاد حلول فعالة ومنصفة لضمان استمرارية هذه المشاريع وازدهار المناخ المقاولاتي، وذلك يتجلى في ثلاثة شروط أساسية تتعلق بتحسن بيئة ومناخ الاستثمار، وكذا توفر الطاقات البشرية المؤهلة، زيادة على تأهيل المنافسة البناءة وتمكين حاملي المشاريع من الاستفادة من الصفقات العمومية وتفادي المحسوبية والزبونية».من جهة أخرى، قال محمد يجو، مسؤول عن شباك «مقاولتي» بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بطنجة، إن برنامج «مقاولتي» أحيط في بدايته بشتى أسباب النجاح، من خلال توفير الدعم المالي والمعنوي لتحفيز الشباب على الإقبال والانخراط فيه، إذ حاولنا مراعاة السرعة في انجاز عملية انتقاء المقاولات المستوفية لشروط الأهلية، من أجل عرضها على القطاع البنكي المفوض له بمنح ضمانات القروض، إذ استطاع بعض الشباب أن ينجحوا في تقديم مشروعاتهم التي تم قبلت بامتياز، بل بدؤوا العمل فعلا، وأنشؤوا مقاولات شخصية هي الآن سائرة في طريق النجاح».ولم يخف يجو المشاكل الكثيرة التي اعترضت تحقيق برنامج «مقاولتي»، وعزا السبب إلى المنظومة المعلوماتية التي عرفت منذ البداية ثغرات كبيرة عرقلت تسجيل المرشحين للمشاركة في لجن الانتقاء، وذكر أن التأخر في الإخبار والتنسيق مع الجهات المانحة سبب في تراكم الملفات لدى البنوك، وأدى إلى تأجيل الرد على الطلبات، بالإضافة إلى الإشكالية الكبرى التي واجهت حاملي المشاريع، وتتمثل في مطالبة البنوك بعقد الكراء أو وعد بالكراء لقبول دراسة المشروع، وهي نقطة بالغة الصعوبة، خاصة في مدينة طنجة التي تعرف ندرة في المحلات التجارية المعدة للكراء وكذا غلاء أثمانها.واختتم المسؤول حديثه مع «الصباح» بالقول إن «الحلول الناجعة لمواجهة الإشكاليات المطروحة تتجلى أساسا في تصحيح مسار برنامج «مقاولتي» وإعادة النظر في جميع مراحله، وخاصة الشروط الأساسية لمنح القروض، مع ضرورة تسطير برامج لمواكبة الشباب ذوي التوجه المقاولاتي، وتنظيم دورات تكوينية في التسويق والتسيير الإداري، خاصة في المراحل الأولى التي تعد أصعب مرحلة في حياة المقاولة. المختار الرمشي (طنجة)

شباب طنجة يعلنون إفلاس مشاريعهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

3 ملايين مقاولة صغيرة جدا غير مهيكلة

إكـراهـات المقـاولات الصغــرى بسـوس تتضــاعــف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات