الغيطة والكالة والمعجون … الثلاثي التقليدي

نباتات وحلويات ميزت جلسات السمر في السابق عدلت لتصبح مخدرات بتأثير أقوى ابتدع القرويون وسائل كثيرة لتعديل الأمزجة، وهي وسائل تقليدية تستعمل فيها مواد أو نباتات مسكرة تحقق الهدف، كما أنها تتحول في بعض الحالات إلى مقلب لخلق الفرجة في التجمعات وأثناء الاحتفالات والأعراس، لكنها لا تخلو من تبعات صحية سلبية بسبب ما تحدثه للبعض جراء عدم القدرة على تحملها، أو لإحداثها تسمما وغيره من الآثار غير المرغوب فيها. ومن نماذج النشوة التقليدية أو "الدوخة"، استعمال عشبة يطلق عليها باللسان الدراج "الغيطة"، وهي مخدر متاح يتم إفراغه في الشاي حتى يطهى ويفرز ما يحتويه من مواد، تعطي بعد ذلك مفعولها لكل من شرب منها، إذ أن خلطها في مشروب الشاي يبعد الشبهة ويحقق الهدف المنشود، كما أنه في أحيان كثيرة يسقط آخرين في مقلب، إذ يتناولون المخدر دون شعور. وهناك أعشاب أخرى تشابه عشبة الغيطة في تحقيق النشوة، وهي في الأصل أعشاب مخدرة، تستعمل أيضا في صناعة "البنج". وبخلاف الغيطة التي تخلط بالشاي، فهناك مخدر آخر يحقق النشوة، بل إن متعاطيه يتحول إلى مدمن عليه، تماما كالإدمان على الشيرا والكوكايين وغيره من المخدرات، ويطلق عليه الكالة، وشاع استعماله في الشرق، لأنه استورد من عادات الجارة الجزائر، إذ يطلق عليه هناك "الشمة"، ويوضع المخلوط في عضلة الأضراس ويشد عليه بالفم، لدرجة أنه يظهر للعيان في شكل انتفاخ بالمنطقة الموضوع فيها المخدر. وكانت هذه التركيبة تصنع من أوراق طابا والرماد، قبل أن تتطور لتحقيق تأثير أقوى بخلطها بمواد أكثر تخدير، تحقيقا للغرض نفسه، وحاليا شاع استعمالها بين الشباب تحت مصطلح "الكالا"، إذ توضع بين عضلة الأسنان وعضلة الشفة ويكون دور العضلة الخارجية محاصرة المخدر داخل الفم. أما المعجون، فشاع استعماله في الأحياء الشعبية، بل تحول تناوله إلى عادة لدى بعض الأسر، لتحقيق نشوة متميزة والمشاركة في جلسات الهزل والمزاح، ولم تكن الوصفة التي يتكون منها تخرج عن مواد تقليدية من قبيل عشبة معروفة باللسان العامي بـ "الكوزة" بمقدار معين، تخلط في عجين حلويات، وتهيأ بها حلوى تقدم مع الشاي لتخلق النشوة المنشودة والتي تزيد من متعة السمر وتجاذب أطراف الحديث للهزل والبسط. أما اليوم فتغير مفهوم المعجون وتحول إلى تجارة مخدرات، بعد أن أضيفت له مواد أخرى، أكثر خطورة وترفع درجات التخدير بنسبة كبيرة. فأصبح يخلط بحبوب الهلوسة وبمحلول الشيرا وغيره من المخدرات، التي يكون لها تأثير خطير على الصحة العقلية والجسدية لمتناولها. المصطفى صفر

الكيف ... طريق الصوفية إلى الترقي

تاريخ المخدرات ... "الدوخة من بكري"

مقالات ذات صلة

أنتم تستعملون حاجب إعلانات