مقاهي الشيشة تؤثث أحياء البيضاء

حملات أمنية انتقائية تخلف ردود فعل سلبية لدى أرباب المقاهي والزبناء حيثما تجولت في دروب وأزقة وشوارع الدار البيضاء فكن على يقين أنه، وإلى حدود الفترة التي سبقت شن المصالح الأمنية بالمدينة حملة شعواء على المقاهي التي تقدم الشيشة "حلالا طيبا"، فلابد أن تلتقط خياشيمك رائحة مميزة، لكنها لم تعد غريبة عن الأوساط المغربية، سواء تعلق الأمر بالمراهقين أو الشباب أو اليافعين، بحكم الانتشار الواسع الذي أصبحت تعرفه "النارجيلات" على نطاق واسع، خاصة في الأحياء الشعبية والفقيرة. رائحة تتنوع بين نكهة العنب والتفاح والنعناع... أصبحت تغزو الأنوف من مسافة تقترب أحيانا من خمسين أو مائة متر. "الصباح" تجولت في عدد من أزقة حي المعاريف، حيث عاينت، رغم الحملة الواسعة للاعتقالات والمصادرات التي استهدفت معدات الشيشة بعدد من أحياء العاصمة الاقتصادية، مجموعة من المقاهي المؤثثة بأسلوب أنيق ويبعث على الراحة والرغبة في الاستلقاء والاسترخاء والإمساك بخرطوم يضخ دخانا أبيض وكثيفا ويصدر زمجرات وشخيرا مائيا.الكراسي المنتشرة بهذه المقاهي تشبه كثيرا الأرائك المتكومة على نفسها في مجموعات من ثلاثة كراس أو أكثر. ويكفي أي شخص لديه فضول معاينة أثر الحملات التي تم إطلاقها أخيرا أن يتجول ببعض أزقة حي المعاريف ليعاين مقاهي، في قلب تجمعات سكنية، تقدم الشيشا لزبائن يمكن ان تجدهم في الصباح أو الزوال أو المساء... مستلقين على تلك الكراسي يمسكون في أيديهم خراطيم النارجيلات ويبثون في فضاء المقهى سحبا من الدخان الأبيض التي تجعل، في بعض الأحيان، الرؤية مستعصية.. ومن جملة هذه المقاهي هناك واحدة تقع بالمعاريف. فباب هذه المقهى مشرع والزبائن يمتصون خراطيم الشيشة بلا توقف، حتى إن الموائد التي تقدم عليها الشيشا توجد مباشرة عند مدخل المقهى، أما رائحة الشيشا المنبعثة منها فبالإمكان شمها من مسافة أمتار.وغير بعيد توجد بالمعاريف دائما، مقهى أخرى بالتأثيث نفسه مع اختلاف في المساحة وفي ألوان الكراسي الشبيهة بالأرائك، ومن هذه المقهى تنبعث كذلك روائح المعسل المغرية للكثيرين، والفارق بين هذه المقهى والأولى هو أن جوف الثانية يحجبه ستار لا تتسرب منه إلا الروائح المشبعة بنكهات الفواكه المختلفة.وغير بعيد عن هذه المنطقة وعلى الجانب الآخر من حي المعاريف، توجد مقهى أخرى للشيشة، بأشهر من نار على علم يعرفها القاصي والداني. بمجرد أن تدلف إلى جوف هذه المقهى ستجد أول ما يستقبلك موائد وكراسي شبيهة بالأرائك وسحب من الدخان الأبيض يغطي سقف المقهى شاسعة المساحة. ففي زيارة خاطفة إليها زوال أول أمس (الخميس)، كان أول ما صادفنا هو مائدة عند المدخل، الذي يُترك مواربا، تجلس إليها امرأتان تدخنان المعسل بشراهة بادية، وما أن تتقدم إلى الداخل حتى تجد نساء أخريات وشبابا يتناوبون على خراطيم نارجيلات تبث في الفضاء أدخنتها الفواحة. وإذا كانت الحملة الأخيرة لم تثن مقاهي الشيشة بالمعاريف عن تقديم هذه الخدمة التي أصبحت ضرورية في حياة الكثيرين، شأنها شأن أشياء أخرى، فإن إحدى المقاهي بشارع 2 مارس بالدار البيضاء اتخذت إجراءات "احترازية" متمثلة في تعليق خدمات الشيشا إلى حين انجلاء سحابة المداهمات والاعتقالات والمصادرات، إذ أكدت مصادر تقطن مباشرة فوق هذه المقهى أنه مع انتشار خبر المداهمات والاعتقالات على صفحات الجرائد الوطنية سارع أصحابها إلى توقيف نشاطهم إلى حين عودة الأمور إلى طبيعتها.وأوضحت المصادر ذاتها أن هذه المقهى كانت تشكل إلى حدود الأسبوعين الماضيين أرقا كبيرا للسكان المجاورين، الذين سبق لهم أن وجهوا عدة مراسلات وشكايات إلى السلطات المحلية لتخليصهم من المعاناة اليومية التي تتسبب فيها روائح المعسل المنبعثة من هذه المقهى، إلا أن ذلك، تضيف مصادرنا، لم يثمر أي تحرك من الجهات المعنية. ولم تكن الروائح وحدها ما يقض مضجع السكان، بل كذلك بعض الممارسات والسلوكات التي يُقدم عليها المترددون على هذه المقاهي والتي يعتبرها السكان تدخل في خانة "الانحرافات وتخدش الحياء"، علاوة على استقبال هذه المقهى لمراهقين ومراهقات يأتون إلى الفضاء حيث يكثر تعاطي الشيشا وإعداد وتدخين لفافات الحشيش. واعتبر المصدر ذاته، والذي لم يرد الإفصاح عن هويته، أن الحملة الأخيرة "خلصت سكان العمارة الواقعة فوق المقهى والعمارات المجاورة من معاناة كبيرة". محمد أرحمني

مقاهي الشيشة تؤثث أحياء البيضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الشيشة... رحلة الوصول إلى المغرب

3 أسئلة: الحملات الأمنية تنبني على سياسة جنائية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات