نجح المدافعون عن استمرار التقدم والاشتراكية في التحالف الحكومي، في امتصاص الغضبة التي شعر بها رفاق بنعبدالله، بعد إعفاء شرفات أفيلال وإلغاء منصب كتابة الدولة المكلفة بالماء من التشكيلة الحكومية. ويتجه أغلب قادة الحزب في المكتب السياسي، بعد الاجتماعات التي جمعتهم بقيادة العدالة والتنمية، والتأكيد على تشبثهم بالتحالف الاستراتيجي بين الحزبين، إلى تغليب خطاب المصلحة السياسية، ومنطق الربح والخسارة في مواجهة دعاة الانسحاب من الحكومة. وتفيد العديد من المصادر أن المكتب السياسي كان من الضروري أن يعبر عن غضبه بالقوة التي بدت في تصريحات وبلاغات المكتب السياسي، بالنظر إلى الطريقة التي دبر بها ملف الخلافات بين أفيلال واعمارة، ومفاجأتهم بإعفاء القيادية، دون إخبار الأمين العام للحزب بالموضوع. وقال مصدر قيادي لـ"الصباح" إن حالة الغضب التي سادت نبرة بلاغات المكتب السياسي لا تعني الحسم النهائي في مسألة الانسحاب من الحكومة، لأن الأمر يتطلب التوفر على المزيد من المعطيات حول الموضوع، وهو ما طالب به المكتب السياسي رئيس الحكومة، من أجل اتضاح الصورة قبل اتخاذ أي موقف. واستبعد المصدر القيادي ذاته أن يسير اللجنة المركزية في اتجاه اتخاذ موقف الانسحاب، لأن هناك توجها عاما داخل الحزب يدافع عن استمراره في تدبير الشأن العام، وعدم التفريط في الجهود الإصلاحية التي ساهم فيها من موقعه في الأغلبية الحكومية الحالية، رغم ما لحقته من خسارات، بسبب تداعيات منارة المتوسط، التي عصفت بموقع أمينه العام وعدد من الوزراء في الحكومة. وأوضحت المصادر ذاتها أن ما يعزز توجه اللجنة المركزية نحو الاستمرار في الحكومة، هو المكاسب التي تحققت للحزب من مشاركته الحكومية، وهو ما يدافع عنه أغلبية أعضاء اللجنة المركزية والمنتخبون في المجالس المحلية والجهوية، ناهيك عن الاستفادة القوية في تعيين أطره وكفاءاته في المناصب السامية وعدد من المؤسسات. وقال عضو قيادي، فضل عدم ذكر اسمه، ردا على الآراء التي تقول بأن التقدم والاشتراكية غير مرغوب فيه في الحكومة، بسبب مواقفه وتقاربه من العدالة والتنمية، أن هذه القراءات مغلوطة، مشيرا إلى أن جهات في مركز القرار بالدولة أكدت لمسؤولي الحزب، أن إعفاء شرفات أفيلال جاء باقتراح من رئيس الحكومة، ولا يحمل إي إشارة في اتجاه التخلي عن الحزب في الائتلاف الحكومي، مستدلا على ذلك، بتعيين خالد الناصري، عضو المكتب السياسي، سفيرا للمغرب في الأردن، مع منح مناصب سامية لعدد من الوجوه القيادية من رفاق بنعبدالله. وما يعزز هذا التوجه، هو أن الوزيرة أفيلال، التي مسها قرار الإعفاء، امتصت غضبها، وأعلنت رفضها لمطلب الانسحاب من الحكومة، لأن الحزب لا يمكن أن يعارض برنامجا حكوميا ساهم في وضعه. وحذر قيادي في الحزب من مخاطر ركوب نبرة الغضب، في مقاربة موضوع التحالفات الإستراتيجية، مؤكدا أن قراءة متأنية للوضع السياسي تفرض عليه الاستمرار في تحمل المسؤولية في معركة الإصلاح من موقع الحكومة، وتحمل تبعات قراره السياسي المستقل، معتبرا أن ممارسة السياسة بمنطق ردود الفعل والانفعال، ستضر بسمعة الحزب. وسيبدو قرار الانسحاب غير مقنع وغير مؤسس على تحليل سياسي، وكأن ما يهم هو فقط المناصب، ناهيك عن أن الحزب لم يتخذ موقف الانسحاب، حين أعفي ثلاثة وزراء من قيادييه من الحكومة، وعلى رأسهم الأمين العام. برحو بوزياني