الأمة والبديل الحضاري… من الاختيار الإسلامي إلى ملف بليرج

خرجا من رحم التيارات الإسلامية وفترات من شد الحبل مع السلطات والانشقاقات ألقى نجاح ثورة الخميني في إيران بظلاله على المشهد السياسي في المغرب، ففي 28 أكتوبر 1981، أعلن عن الجمع التأسيسي لحركة الاختيار الإسلامي بالرباط والتي عرفت فيما بعد بحزبي البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة حسب أبجديات الحزبين فإن بدايات التأسيس لم تكن سهلة، خصوصا مع الظروف التي شهدها المغرب، آنذاك، ومحاولة الدولة احتواء أي عمل سياسي جديد، إلا أن حماس المؤسسين دفعهم إلى قطع آلاف الكيلومترات عبر التراب الوطني محملين بأفكار جديدة تعد ببناء اتجاه «إسلامي» جديد بعيد عن جمعية العدل والإحسان و بقايا الشبيبة الإسلامية، وباقي الحركات الأخرى، إلا أن سنة 1984 ستشكل منعطفا في تاريخ المولود الجديد، ففيها نظم أعضاء الاختيار الإسلامي منتدى للفكر والحوار بهدف التعريف بقضية المعتقلين الإسلاميين، وهو ما اعتبر آنذاك منعطفا مهما في الانسجام الفكري للحركة إذ سيكون من نتائجه المباشرة إصدار «الأرضية التوجيهية» التي ستلعب دورا كبيرا في التوجه الفكري للاختيار الإسلامي.دخلت الحركة في سبات منذ ذلك الوقت، لأسباب غير معلنة، وتحدث بعض المتتبعين عن اختيار أعضاء الحركة السرية في عملهم، خصوصا أمام الحملات الأمنية المكثفة وسعي المصالح الأمنية لاختراق كل التنظيمات السرية، ولم تعلن عن نفسها إلا سنة 1990 بمدينة طنجة، إذ انعقد مؤتمرها الأول الذي سيطرح «أهمية تشكيل جبهة إسلامية عريضة وضرورة خوض مرحلة العمل العلني... شهورا بعد ذلك سينطلق مشروع تشكيل الجبهة مع أربعة أطراف إسلامية أخرى، سيتحول بعدها إلى مشروع وحدة وسيتوج بتأسيس حزب الوحدة والتنمية سنة 1992. ومثل أي حركة جنينية، فقد أدت التناقضات بين مكوني الحزب الجديد إلى الفشل، ففي سنة 1992، عقدت حركة الاختيار الإسلامي، المؤتمر الثاني بفاس الذي بنى استراتيجيته على البعد الإعلامي من خلال تأسيس جريدة الجسر، والبعد الطلابي بتأسيس فصيل طلبة الميثاق، والبعد الجمعوي من خلال تأسيس الجمعيات، فيما اختص البعد السياسي بإعلان عن الرغبة في تأسيس حزب سياسي.حسب بعض الناشطين في الحركة فإن مؤتمر فاس فتح المجال أمام شبابها من أجل استقطابات جديدة، إذ عاشت أزهى فتراتها ونجحت في اكتساح بعض الثانويات وواجهت جماعة العدل والإحسان، بل أصبحت في بعض المراكز الجامعية القوة الثانية، إلا أن هذا النجاح الظرفي لم يخف استمرار التناقضات داخل قيادتها، سيما في الجانب السياسي.في سنة 1994، انعقد المؤتمر الثالث للحركة بتمارة الذي شكل بداية تصدعها، ثم أعلن فيما بعد عن فصل بعض القياديين وإعلان جمعية البديل الحضاري.ما ميز السنوات الموالية استمرار النقاش الداخلي الحاد بين مكونات الاختيار الإسلامي سابقا وجمعية البديل الحضاري، إلا أن سنة 2000 شكلت بداية الوضوح السياسي، إذ عقدت جمعية البديل الحضاري جمعها العام الأول تحت شعار «من أجل تنظيم رسالي قوي وأمين»، ودخلت في مواجهة مع السلطات حول رفض تسليم وصل الإيداع القانوني، ثم صدر بيان المجلس الوطني للجمعية سنة 2003 الذي اعتبر أن «التضييق الذي يطول جمعيتنا هو تضييق يمس مصداقية المؤسسات الرسمية أولا وأخيرا، وتضييق سياسي يقوم على خرق القانون وخرق الدستور، وتضييق يستهدف أفكارنا ورؤانا وتصوراتنا ومن تم فهو يستهدف حريتنا في الرأي والتعبير وفي الوجود التنظيمي الذي نرتضيه لأنفسنا في إطار القوانين المعمول بها وهو في النهاية تضييق يستهدف الحد من فعاليتنا وأدائنا ومساهمتنا في تأطير المواطنين».. إعلان كان بمثابة تحول وقطع مع أهداف الاختيار الاسلامي سابقا وقبول باللعبة الديمقراطية.في 2001 وجهت جمعية البديل الحضاري بمعية تنظيمات وفعاليات يسارية «نداء الديمقراطية»، وفي 14 يوليوز سنة 2002 أعلن عن تأسيس حزب البديل الحضاري، الذي قوبل بتعنت السلطات، ثم عقد سنة 2004 بالمقر المركزي لحزب اليسار الاشتراكي الموحد بالدار البيضاء مؤتمرا استثنائيا.ومن رحم الاختيار الإسلامي خرجت أيضا حركة من أجل الأمة وشرع في التأسيس القانوني لهياكل حزب الأمة منذ 2006، ثم تعرض للمنع بدوره على يد وزارة الداخلية في غشت 2007.مسارات متشابهة للحزبين معا، إذ سجن زعيماهما، محمد المرواني، ومصطفى المعتصم، بتهمة الانتماء إلى "خلية بليرج»، وعرفت قضيتهما بقضية «المعتقلين السياسيين الستة» التي انتهت بالإفراج عنهما خلال السنة الماضية. خالد العطاوي

الأمة والبديل الحضاري… من الاختيار الإسلامي إلى ملف بليرج

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العدالة والتنمية... من الدعوة إلى الحكومة

"البام"... وافد خلخل المشهد السياسي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات