دي ميستورا يضل الطريق

المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة يغرق الحل السياسي في مناورات حقل ألغام الانفصال فشل ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، في تنزيل الحل الواقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، ألا وهو الحكم الذاتي، إذ لم يتمكن من إقناع نظام العسكر الجزائري بالكف عن المناورات التي حاكها في كل المحافل الدولية، على مدى نصف قرن، والرامية إلى قطع جزء من الأقاليم الصحراوية عن ترابها المغربي. عبث في أوراق ملف الصحراء إحاطة تدس السم في عسل الحكم الذاتي وتحيي ذاكرة الحرب الباردة لا يمكن أن يجادل أحد في أن المغرب استرجع أراضيه بالمسيرة الخضراء السلمية في 1975 من المستعمر الإسباني، ولأن نظام القذافي الليبي، والهواري بومدين الجزائري، كانا تابعين للمعسكر الشيوعي، بدت لهما أهمية إنشاء "بوليساريو" لأجل قيادة الانقلاب على نظام الملك الراحل الحسن الثاني، انطلاقا من الجنوب، على غرار ما وقع في دول كثيرة عربية منها على الخصوص والتي ما تزال تعاني تداعيات قلب الأنظمة الملكية إلى نظام عسكري مغلف بمصطلحات جمهورية وديمقراطية واشتراكية. وعوض أن يترافع دي ميستورا عن مقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب منذ 2007، والذي يعتبر خطوة إيجابية نحو الحل النهائي، قدم عرضا باهتا أمام أعضاء مجلس الأمن في جلسة مشاورات مغلقة تناولت مستجدات الوضع المتعلق بالنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، برئاسة فانيسا فرايزر، المندوبة الدائمة لدولة مالطا لدى الأمم المتحدة، التي تقود المجلس طيلة أبريل الجاري، والتي لم تتمكن من عقد ندوة صحافية في هذا الشأن. واستمع أعضاء مجلس الأمن الدولي، خلال الجلسة المغلقة، إلى الإحاطة الخاصة بستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ونتائج مشاوراته مع الأطراف المعنية والفاعلين الدوليين في هذا النزاع الإقليمي. و قدم الروسي ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمم المتحدة ورئيس بعثة "مينورسو"، إحاطته التي لخصت مستجدات الوضع الميداني المتعلق باختصاصات البعثة الأممية، في مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 1991 تحت إشراف الأمم المتحدة. ودعم أعضاء مجلس الأمن الدولي، مهمة ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، لاستئناف العملية السياسية، ولمهمة بعثة "مينورسو"، وحث الأطراف على التعاون مع الوسيط الأممي، والتشديد على الدور الحاسم الذي تلعبه بعثة الأمم المتحدة في الصحراء في ضمان الاستقرار. ورغم أن المبعوث الأممي دعا إلى استئناف العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة بهدف إيجاد حل سياسي واقعي لنزاع الصحراء المغربية، ضمن آلية الموائد المستديرة، في ظل تباين مواقف الأطراف المعنية بها، أي النظام العسكري الجزائري، فإنه لم يدع هذا النظام إلى التحلي بالواقعية والقبول بمقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب منذ 2007، والذي يعد الحل الوحيد والسقف الأعلى من التنازل الذي يقدمه المغرب، علما أن المناطق الصحراوية هي تحت سيادة المغرب، وتشهد تنمية اقتصادية كبيرة، ويشارك سكانها في تقرير مصيرهم عبر انتخاب من يمثلهم في المجالس المحلية والجهوية والبرلمان، بنسبة مشاركة كبيرة. والغريب أن الجزائر التي مولت ميليشيات "بوليساريو" لأجل فصل الصحراء عن التراب الوطني المغربي، بمبرر دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، كان عليها أيضا تقرير مصير من يقطن صحراءها، من منطلق واحد هو فصل كل أقاليم الصحراء في 80 دولة في العالم، بناء على مبدأ تقرير مصير " شعوب الصحراء" بما فيها أمريكا نفسها في صحراء نيفادا. وحاولت الجزائر التأثير بصفتها عضوا غير دائم بمجلس الأمن الدولي، ولم تفلح لمواصلة المغرب حصد العديد من المكاسب الميدانية والدبلوماسية على صعيد تعزيز وحدته الترابية، وتكريس سيادته على أقاليمه الجنوبية. وقرر دي ميستورا إلغاء الندوة الصحافية التي كانت مبرمجة بعد انتهائه من تقديم إحاطته أمام أنظار أعضاء مجلس الأمن الدولي، وهو ما يطرح تساؤلات عديدة حول الغموض الذي يكتنف مدى نجاح مهمته الأممية. وجاء فشل دي ميستورا بسبب تجريبه طريقة الألغام التي أبعدته تماما عن الحل، عبر إجراء مباحثات مع دول مناهضة لوحدة تراب المغرب وعلى رأسها جنوب إفريقيا غير المعنية بملف الصحراء المغربية، والتي تشتغل وفق أجندة النظام العسكري الجزائري، فانحرف عن توجه الحل السياسي الذي زكته دول دائمة العضوية في مجلس الأمن وغيرها من الدول المعنية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي أقرت بمغربية الصحراء، وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرها من الدول المؤثرة في دعم الحكم الذاتي باعتباره مقترحا ذا مصداقية وجدية. أحمد الأرقام غياب السياسة الواقعية كان من المفروض على دي ميستورا التركيز في محاورته الجزائر، على تنزيل الحكم الذاتي خطة سياسية أممية لإنهاء النزاع، ومع الأسف ظل المبعوث الأممي يقدم إحاطات إخبارية بالأحداث، دون تقديم حلول سياسية، واقعية وعملية،. وعلى المسؤولين الأمميين، العودة إلى بيتر فان فالسوم، المبعوث الأممي الأسبق، الذي أغلق مسلسل إجراء الاستفتاء لأنه عمليا يعد آلية مستحيلة بحكم وفاة أغلبية الشيوخ الذين أحصتهم اسبانيا الاستعمارية والتي غيرت منظورها الإستراتيجي بدعم مقترح الحكم الذاتي، علما أن عملية الاستفتاء وإن أرادوا تطبيقها يجب أن يشارك فيها كل الشعب المغربي من طنجة إلى لكويرة، ومغاربة العالم. وأكد فان فالسوم أنه من المستحيل عمليا وواقعيا إنشاء دويلة جنوب المغرب، ومن ثم فإن النقاش يجب أن ينصب على مقترح الحكم الذاتي في ظل سيادة المغرب على كافة أراضيه.

دي ميستورا يضل الطريق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"طوطو" و"دروس" يشوقان جمهورهما

التحقيق مع شرطيين بتهمة الابتزاز

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات