تعتبر عيادات الأطباء مكانا خصبا للمواقف الإنسانية، تتنوع بين ما هو حزين ومضحك. قصص علقت بذاكرة أطباء، وحكايات مؤثرة لا تنسى مع مرضاهم. في الحلقات التالية، سلسلة حوارات قصيرة، أجرتها "الصباح" مع أطباء في عدة تخصصات، تكشف عن الجانب الإنساني للأطباء في علاقتهم مع المرضى. أجرى الحوار: مصطفى شاكري الحلقة 1 ... المانوزي: مريض طلب مني تكاليف "الفيزا" قال إن امرأة طلبت منه مساعدتها في العثور على ابنتها المختفية < ما طبيعة علاقتك مع المرضى؟ < اسمي عبد الكريم المانوزي، اختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي. تجمعني علاقة ثقة وصداقة مع المرضى، الذين اعتدت الاستماع إلى معاناتهم بشكل يومي، كما أتواصل معهم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، بهدف التخفيف من مشاكلهم. ويشكل التواصل 50 في المائة من عملية العلاج، ما يدل على الأهمية التي يحظى بها، لذلك ينبغي إعطاء الوقت الكافي للمريض والتريث في علاجه، وتفادي السرعة في الفحص الطبي، حتى يدقق الطبيب في طبيعة المرض، إذ أسأل الزبون عن العديد من الأشياء الشخصية الأساسية قبل العلاج، من قبيل إدمانه على المخدرات أو شربه للكحول وفرضية توفره على السوابق الجنائية. < ما هي أبرز الحالات التي صادفتها في عملك؟ < أمتاز بخصوصية فريدة في وسط الأطباء، تتمثل في اشتغالي بالمجال الحقوقي والمجتمعي، ونعلم أن عددا قليلا من الأطباء يهتمون بهذا الجانب، إذ ترأست سابقا الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، والتي أشغل كاتبها العام في الوقت الحالي. من خلال عملي الحقوقي، اكتسب مزيدا من الشهرة في وسائل الإعلام، نتيجة القوافل الطبية التي تنظمها الجمعية وترافعها عن ضحايا سنوات الجمر والرصاص، الأمر الذي انعكس على عملي في العيادة، إذ يأتي إليها العديد من المرضى الذين يطلبون مني يد العون في حل المشاكل التي لها طابع مجتمعي. توجد حالات كثيرة، ففي إحدى المرات طلب مني أحد الأشخاص أن أساعده في الحصول على التأشيرة، وطلبت مني امرأة أن أساعدها في العثور على ابنتها المختفية، وسألني رجل عن إمكانية مساعدته في إعالة ابنه المعوق والحالات كثيرة في هذا الصدد. < حدّثنا قليلا عن طفولتك؟ < ترعرعت في عائلة مناضلة معروفة في "تافراوت" بمقاومتها للاستعمار، والتاريخ يشهد على أن هذه البلدة الصغيرة لم تتمكن سلطات الحماية من احتلالها إلا في 1934. اختفى والدي لمدة طويلة، ليطلق سراحه في نهاية المطاف، بينما مازال أخي الحسين المانوزي مجهول المصير إلى حدود اليوم، في حين أعدم عمي إبراهيم المانوزي خارج القانون، بعدما أقحم في أحداث الصخيرات، وقد اعترفت بذلك هيأة الإنصاف والمصالحة. آمنت عائلتي بأن العلم هو السلاح الوحيد للترقي الاجتماعي، لذلك اخترت تخصص الطب، الذي تعمقت في دراسته بفرنسا، وبعد عودتي إلى المغرب رفقة بعض الأطباء، قررنا إنشاء هذه الجمعية التي تعنى بالدفاع عن ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.