ركز خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 19 لتوليه العرش، في نظرنا، على ثلاثة محاور أساسية: المحور الأول يتعلق بالتذكير بالوحدة الوطنية و استمرار التشبث بالثوابت الوطنية، وفي هذا الصدد أعطى جلالة الملك إشارات الى أصحاب إشاعة الفوضى والفتنة من داخل وخارج الوطن ، مذكرا بالتضامن والوحدة التي تجمع المغاربة رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد في بعض الأوقات. كما دعا الأحزاب السياسية للقيام بدورها في تأطير المواطنين والانفتاح على النخب الشابة، خاصة أن هناك جمودا عاما في الفعل السياسي والعمل الحزبي الذي يعرف فقط تحركا موسميا عند اقتراب الانتخابات. المحور الثاني يتعلق بالملف الاجتماعي، الذي يعتبره جلالة الملك من الأولويات منذ اعتلائه العرش. وفي هذا السياق جاء جلالة الملك بمشروع اجتماعي إستراتيجي طموح، وهو السجل الاجتماعي الموحد، عبارة عن برنامج وطني لتسجيل الأسر عبر اعتماد معايير موضوعية بآليات تكنولوجية حديثة، سيمكن من إعادة هيكلة برامج الدعم الاجتماعي مع اعتماد مقاربة تشاركية، بعيدا عن الاستغلال السياسي والحزبي، كما حصل في السنوات الماضية في كثير من الملفات الاجتماعية الكبرى، التي استغلتها أحزاب في حملاتها الانتخابية. هذا المشروع الاجتماعي الاستراتيجي سينكب على قطاعات اجتماعية أساسية: برامج التمدرس وبالخصوص برنامج تيسير للرفع من قدرات التمدرس الأولي أساسا ومحاربة الهدر المدرسي وإطلاق النسخة الثالثة من المبادرة الوطنية للتمية البشرية، وأيضا تصحيح الاختلالات التي عرفها نظام "راميد" في القطاع الصحي، وهذا يقتضي إعادة النظر في هذا النظام لعدم استجابته لطموحات عدد كبير من الأسر المعوزة والفقيرة وأيضا لمحدودية خدماته، وأخيرا إنجاح الحوار الاجتماعي باعتباره واجبا حكوميا يساهم في بلورة ميثاق اجتماعي جديد وحماية السلم الاجتماعي والنهوض بأوضاع الشغيلة، سواء في القطاع العام، أو الخاص، و كذا خلق فرض للشغل. أما المحور الثالث فيتعلق بالملف الاقتصادي، وركز جلالة الملك في هذا الإطار على الجانب المتعلق بالاستثمار، حيث دعا إلى اعتماد ميثاق جديد للاستثمار واعتماد أيضا نصوص قانونية في هذا المجال، وأن يكون هناك تنسيق بين مختلف الإدارات لتجاوز العراقيل والمساطر البيروقراطية التي تعيق الاستثمار ببلادنا. وموازاة مع تشجيع الاستثمار ووضع له القوانين اللازمة و المتطورة، أكد العاهل المغربي على تشجيع المقاولات المتوسطة والصغرى والتنسيق بين الادارات و القطاعات الحكومية حتى تتمكن المقاولة من الانخراط في النسيج الاقتصادي الوطني. د. خالد الشرقاوي السموني: مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية