الحركة الانتقالية لرجال السلطة … العقاب لوحده لا يكفي

كيف تنظرون إلى إجراءات الداخلية بشأن تدبير الحركة الانتقالية والتأديبات المتخذة في حق عدد من رجال السلطة؟ تنـدرج هـذه الحركــة فـي سياق وطني يتسم بــدينـاميـة وحراك اجتمـاعــي بمطــالب حساسة تسائل المسؤولين في الإدارة الترابية، وتضعهـم فـي وضعيـة المحاسبة. ويبدو أن الجهود المبذولة في مجال الاستثمار والمشاريع الاقتصادية الهادف إلى تنمية مجالية، لم تحقق كل الأهداف المرجوة منها ليس بسبب طبيعة البرامج، وإنما لاختلالات في التنزيل والمتابعة، بل وتعثر عدد منها، والتي كانت وراء اندلاع احتجاجات شعبية. والمؤكد أن مسؤولية الإدارة الترابية بمختلف مستوياتها، قائمة في هذا الوضع، لأن المشكل هو في تتبع التنفيذ وتعبئة الموارد البشرية والمالية في الجهات، وهنا تكمن مسؤولية العمال والولاة باعتبارهم منسقي عمل القطاعات الحكومية، والساهرين على حسن تدبير المشاريع. والحال أن التجربة أبانت عن وجود مشاكل في الإدارة الترابية، اقتضت الانتقال من إدارة يحكمها الهاجس الأمني، إلى إدارة منتجة قادرة على تحقيق فعالية أكبر وترشيد أمثل للموارد البشرية، من خلال تكريس معايير الكفاءة والاستحقاق في تولي مناصب المسؤولية. حملت القرارات الجديدة ترقية رجال سلطة بناء على مسطرة جديدة. ألا يعتبر ذلك إقرارا بفشل المقاربة السابقة في إسناد المسؤوليات؟ الأكيد أن تجربة الإدارة الترابية لعقود ظلت تراكم العديد من الاختلالات في إسناد المسؤولية، بناء على علاقات المحسوبية والزبونية، في الوقت الذي أكد الدستور الجديد على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعميق المفهوم الجديد للسلطة، بما يقتضي ذلك من عمل القرب والإنصات وتعزيز ثقافة الإشراك، بهدف تحقيق مصالح المواطنين، ومواجهة المشاكل بجرأة ومسؤولية. فلا بد من تغيير المنطق الذي ساد في إسناد المسؤولية، واعتماد منطق الكفاءة والاستحقاق، للانتقال إلى الإدارة الترابية المنتجة، والمحققة لأهداف التنمية والاستقرار، وهي مواصفات تقتضي اليوم رجال سلطة ببروفايلات جديدة تقوم في البداية على شفافية الاختيار. اتخذت عقوبات تأديبية في حق رجال سلطة. هل تكفي مقاربة العقاب في تحسين الأداء في ظل الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها الإدارة الترابية؟ الأكيد أن ربط المسؤولية بالمحاسبة التي أسس لها دستور 2011، تتطلب إعمال مبدأ المحاسبة بشكل مستمر، وفي جميع المسؤوليات، حتى تصبح ثقافة وسلوكا في الممارسة اليومية، بعيدا عن الحملات المناسباتية، والتي تستهدف فقط امتصاص الغضب. وأظن أن ما صدر من قرارات في حق عدد من رجال السلطة، يظل مبادرة محمودة، لأنها تحمل إشارات إلى جميع المسؤولين، وتفتح المجال أمام كفاءات وفرز نخب جديدة من رجال السلطة، قادرين على رفع التحديات التي تواجه الإدارة الترابية، وتحقيق النتائج، عوض الاعتكاف في المكاتب. إن منطق العقاب لوحده لا يكفي لترشيد أداء الإدارة الترابية، لكن يبقى ضروريا باعتباره آلية لتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتقييم أداء رجال السلطة. أجرى الحوار: برحو بوزياني

الحركة الانتقالية لرجال السلطة … العقاب لوحده لا يكفي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفساد يلتهم ميزانية بناء 150 مستشفى

محاربة التطرف ... الوصفة "الصويرية"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات