الفقيه البصري… تفادى الموت 18 مرة

بـصــمـــات 9 ترك العديد من الأشخاص بصمتهم في تاريخ المغرب، سواء في السياسة أو الرياضة أو العمل الجمعوي أو الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، "الصباح" تسلط من خلال هذه البورتريهات الضوء على أهم هذه الشخصيات... اعترف مرة أنه نسق مع الجنرال أوفقير لإسقاط الطائرة الملكية في ثلاثة أيام، فقط، حقق الراحل الفقيه البصري أحلام سنوات طويلة من المنفى. ثلاثة أيام، بعد عودته من المنفى في 1996، عانق "الجماهير الشعبية" التي ظلت تنتظر ساعات بمطار محمد الخامس وسط حراسة أمنية مشددة، ثم استقبلته استقبال الأبطال، فشعر بالاطمئنان، لأول مرة في حياته، فقد أدين بالإعدام أكثر من مرة، وتفادى الموت 18 مرة. في يوم عودته إلى المغرب، اعتلى شرفة منزل صديق له بحي الألفة بالبيضاء، وحيا "الجماهير الشعبية" مرة أخرى، وهتف مع الحشد: "موت موت يا لعدو... البصري عندو شعبو"، ثم بدأت الأفواج من مقاومين ومناضلين تحل بالبيضاء، فيخصص لها لقاءات أرهقته جسديا، لكنها أعادت إليه الحياة، فتأكد أن سنوات المنفى لم تقطع شعرة معاوية مع مناصريه. يوما بعد ذلك، توجه إلى جريدة الحزب، التي امتنعت عن نشر خبر عودته من المنفى، وجلس في قاعة فسيحة وسط شباب الحزب يستمع إليهم ويجيب عن أسئلتهم، ثم يوجه رسائل إلى من يهمه الأمر بأن عودة البصري ليست بريئة، بل مسار جديد لحزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية". لخصت ثلاثة أيام سيرة رجل أغاظ نخبة سياسية وتململ بعضها خوفا من قيمة الرجل؟ لكن من هو الفقيه البصري؟ لا تتجاهل أي وثيقة تاريخية أو شهادة شفاهية حول تاريخ المغرب دور الفقيه البصري، فالشاب الذي ولد في 1925 بمنطقة دمنات مقاوم وسياسي، وأحد قادة جيش التحرير، الذي قاوم الحماية الفرنسية، وشارك في تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، بعد انشقاقه عن حزب الاستقلال، وتولى إدارة جريدة "التحرير" الناطقة بلسان الحزب، وعارض بشراسة الحسن الثاني، واعتقل وعذب وحكم عليه بالإعدام غيابيا، وقضى 30 عاما في المنفى. في مذكراته يروي قصة مستعمر فرنسي ظل يجلد مغربيا أمام الملأ، ويحكي بطش الاستعمار واستحواذه على ممتلكات المغاربة، ويتذكر جشع باشا مراكش التهامي الكلاوي الذي كان يمنع الفلاحين من لمس غلتهم، حتى تتحول غلته هو إلى زيت... فثار الفقيه في كل هذه الحكايات وواجه بنادق المستعمرين بشجاعة. ظل الملك الراحل محمد الخامس يعتبر الفقيه البصري مثل ابنه، لكن ذلك لم يمنعه من التشكيك في المعاهدات الفرنسية، واعتبر نيل الاستقلال شكليا، فامتنع عن تسليم سلاح جيش التحرير، قبل تحرير جميع التراب الوطني والجزائر... ما جر عليه سنوات طويلة من المواجهات مع الملك الراحل الحسن الثاني ومحاولات الانقلاب عليه. في 2000 سرب الفقيه البصري رسالة إلى مجلة "لوجورنال" يشير فيها إلى أنه كان مشاركا في العملية الانقلابية في 1972، وأنه نسق مع الجنرال أوفقير لإسقاط الطائرة الملكية، حينها "انقلبت" الأوضاع في المغرب ووجد حزب الاتحاد الاشتراكي نفسه في ورطة. الفقيه البصري... رجل هادئ، يهمس أكثر مما يتكلم، يحسن قراءة الأحداث، ويستطيع أن يصنع الحدث السياسي، فذاكرته القوية وعلاقاته الدولية والوطنية ودهاؤه السياسي تجعله أحد الشخصيات الأكثر تأثيرا في تاريخ المغرب الحديث. خالد العطاوي

الفقيه البصري… تفادى الموت 18 مرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سقطوا قبل ساعة الصفر ... كبير المجندين

رفيقي: لا دليل على حدوث المعراج

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات