البورنوغرافيـة … التربيـة الجنسيـة الجديـدة

الولوج إلى الصور الإباحية سهل ومجاني وشيوعها بين المراهقين يثير النقاش لم يكن إلى عهد قريب الولوج أو الاطلاع على صور خليعة أو فيديوهات بورنوغرافية سهلا، كما هو الأمر الآن، بفعل شبكات التواصل الاجتماعية، إذ أصبحت هذه الصور والفيديوهات، مبادرة رئيسية تحرك العملية الجنسية لدى المراهقين. لكن الخطير في الأمر أن الظاهرة أضحت منتشرة في أوساط الأطفال كذلك، الذين يشاهدونها بشكل كبير، ويلجون لها بحرية، ذلك ما أكده تحقيق أجرته شركة "أبينين واي" للاستطلاعات والأبحاث السياسية والدراسات الإشهارية بفرنسا، التي صدرت في الحادي عشر من أبريل الماضي. ذكرت يومية "لوموند" الفرنسية، أن التحقيق شمل 1179 شابا، تتراوح أعمارهم بين 18 عاما و30، وصرحت نسبة 62 بالمائة من المستجوبين أن أول المشاهد البورنوغرافية التي شاهدوها على الأنترنت، كانت قبل بلوغهم 15 سنة، فيما 20 بالمائة منهم شاهدوا فيديوهات وصورا خليعة بين 11 عاما و 12، بينما 11 بالمائة ولجوا إلى المواقع والمجموعات الإباحية على وسائل التواصل الاجتماعي قبل بلوغهم 11 عاما. وأكدت نسبة 52 بالمائة من الشريحة المستجوبة أنهم صدموا مما رأوه خلال زياراتهم الأولى لتلك المواقع، 34 بالمائة منهم رجال، و66 بالمائة نساء. النقاش تحول إلى رقعة السياسيين، خصوصا بعد خطاب الرئيس الفرنسي "إمانويل ماكرون" ضد العنف الممارس على النساء، في نونبر 2017، الذي قال فيه "إن هناك من يجعل الجنس مسرحا للإهانة والعنف الممارسين على النساء حتى وإن كن لا يمانعن ويوافقن على مضض". حماية الأطفال قالت "صوفي جييل"، أستاذة محاضرة بجامعة باريس 8، والمتخصصة في الإعلام والتواصل، "إن ما يراه الأطفال في تلك الصور والفيديوهات الإباحية يختلف تماما عما يراه فيها المراهقون"، مضيفة أن "طبيعة المحتوى الإباحي الذي يمكن أن يطلع عليه الطفل يختلف باختلاف رفقتهم ومسارهم الدراسي وعدد أصدقائهم على مواقع التواصل الاجتماعي". وليس كل مرتادي المواقع الإباحية أو الصفحات الفيسبوكية التي تضم محتويات جنسية، يلجون إليها بتخطيط مسبق، إذ أن جزءا كبيرا منهم يجدون أنفسهم أمام تلك الصور والمحتويات الخليعة، من خلال تلك الإعلانات والروابط الجنسية المروجة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو مواقع الأفلام والمسلسلات، أو حتى محركات البحث، عند كتابة كلمات تحمل معنى مزدوجا أو أسماء فتيات. وقالت "ماريون هازا"، اختصاصية نفسية، وخبيرة بمركز الأبوة والتربية الرقمية، إن الأطفال عندما يشاهدون تلك المحتويات الجنسية تثير لديهم عددا من المشاكل، مثل القلق، واضطرابات في النوم، لأنهم يشعرون بالذنب، لأن أعضاءهم التناسلية تكون غير مكتملة النمو، وهذا يثير مشاكل نفسية لديهم، على عكس المراهقين، الذين لا تشكل عليهم تلك المحتويات خطرا كبيرا، لأن الجنس يكون أكثر المواضيع التي يفكرون فيها، في تلك المرحلة، ومادام الاطلاع لم يتحول إلى مستوى إدمان وهوس، فإن الأمر لا يشكل خطورة كبيرة. وكشفت دراسة نوعية، أجريت في أكتوبر من العام الماضي، شارك فيها حوالي 100 مراهق، بين 15 سنة و18، من أوساط اجتماعية مختلفة، رصدت خلالها باحثة فرنسية، ردود أفعال مختلفة حول الأفلام الإباحية، إذ أكدت أن بعض المراهقين، يعتقدون أن تلك المشاهد الخليعة، لها علاقة بالواقع، وأنهم مستعدون لتكرار تلك الأساليب والحركات الجنسية في علاقاتهم المحتملة. الراشدون في حاجة إلى مساعدة جودة الحوار داخل الأسرة، عامل مساعد على إبعاد تلك الصور والفيديوهات عن محيط الأطفال، لأن التصورات والأفكار الجنسية التي يتوفر عليها المراهقون، تختلف مصادرها، لكن الأهم هو أن يعلم هؤلاء المراهقون أن تلك المحتويات والصور الإباحية، لا تغدو سوى أن تكون صناعة وخيالا. ويقول طوماس رومر، خبير في الإشكاليات والتحديات المرتبطة باستعمال الأنترنت، إن آليات المراقبة التي يحاول بعض الآباء فرضها على أبنائهم، ليست فعالة بما يكفي، إذا ما تمت مقارنتها بالحوار، موضحا أنه يجب مساعدة الآباء لإيجاد طرق مناسبة، من أجل فتح نقاش مع أبنائهم في موضوع الجنس، دون السقوط في مواقف محرجة. وأعلنت وزيرة الصحة الفرنسية، أنيس بوزين، بداية مارس الماضي، عن انطلاق مجموعة عمل ستنكب على جعل المواقع البورنوغرافية ممنوعة على الأطفال دون سن 18، كما أنه تم الإعلان عن عملية منع الهواتف على التلاميذ داخل الأقسام، في الدخول الدراسي المقبل، كما أن الدولة شرعت في تحسيس الآباء بخطورة الموضوع. ومن جانبها تؤكد صوفي جويل، أنه يجب التركيز خلال عملية التحسيس على خطورة استعمال الأنترنت داخل الأقسام، دون الحديث عن البورنوغرافية، لأن هذه الكلمة تصنف في خانة الطابوهات، ومن شأنها أن تضعف انخراط جزء من الآباء فيها. عصام الناصيري

البورنوغرافيـة … التربيـة الجنسيـة الجديـدة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

انتحار طبيب نفسي بالبيضاء

متابعـة نشطـاء أوطـاط الحـاج

مقالات ذات صلة