سوق القريعة … الفوضى

اختناق مرور بسبب احتلال المحلات والعربات الملك العمومي تعيش منطقة "القريعة" على وقع فوضى عارمة، بسبب تمادي أصحاب المحلات التجارية في احتلال أمتار من الملك العمومي، خصوصا تلك التي تطل على الشارع، إذ لم تكتف بعرض سلعها على الرصيف، بل أصبحت تحتل جزءا من الشارع، بالإضافة إلى العربات المجرورة التي تحتل أماكن مرور الراجلين، من أجل عرض الملابس والأحذية والإكسسوارات والأكلات الخفيفة. ولعل ما زاد طين فوضى "القريعة" بلة هو عشرات السيارات و"الهوندات" والدراجات ثلاثية العجلات، التي تقف أمام مدخل السوق، قصد تفريغها أو تعبئتها بالسلع التي تتوافد عليه أو تلك الموجهة إلى مدن أخرى، في وقت يشتكي فيه التجار أيضا من الوضعية التي آلت إليها "القريعة"، بسبب غياب التنظيم والمرافق الضرورية الذي يزيد من تعميق الأزمة. فرضت الوضعية التي آل إليها محيط سوق "القريعة" بالبيضاء، على الراجلين رفع مستوى تأهبهم وحيطتهم، تجنبا للاصطدام بإحدى عربات نقل البضائع أو أحد "الطربورطورات"، التي تستعد لولوج أو مغادرة السوق، وإذا خرج الراجل سالما من "خطر" ناقلات البضائع، فحتما سيوقفه أحد الحمالة أو أصحاب العربات المجرورة، أو يقرعه أحد "الفراشة" الذين يعرضون سلعهم على الأرض، إذا وطأت قدمه على سلعته من جراء الازدحام. فوضى واحتلال في الوقت الذي كان فيه جزء من التجار متظاهرين بالساحة المقابلة لمدخل سوق "القريعة"، ضد ما وصفوه "بابتزاز أصحاب الماركات"، كان جزء آخر منهم يمارس نشاطه اليومي بشكل عاد، سواء تعلق الأمر بأصحاب المحلات المطلة على الشارع، أو أولئك الذين يعرضون سلعهم بالحوانيت الداخلية، فيما اختار تجار آخرون ترك أبواب محلاتهم مشرعة، واصطفوا على طول الشارع لتعقب تفاصيل الاحتجاج، إذ كانوا يتحدثون إلى بعضهم ويضحكون وكأنهم يبعثون رسالة إلى المتظاهرين مفادها "عودوا إلى محلاتكم فلن تغيروا شيئا". وعاينت "الصباح" أشكالا من الفوضى بمحيط السوق، وخصوصا مدخله الرئيسي الذي يعج "بالهوندات" و"الطريبورطورات" و"الكوليات" و"الحمالة"، ما يسفر عن اختناق في المرور كبير، يقض مضجع كل سائق أو راجل يستعمل تلك الطريق للذهاب إلى عمله أو مدرسته، بالإضافة إلى العربات المجرورة التي تبيع الأكلات الخفيفة، إذ عاينت "الصباح" مع اقتراب زمن وجبة الغذاء، عددا من أصحاب العربات يتوافدون على المنطقة، بينهم عربات لإعداد ساندويتشات "الطون"، المحشوة بالطماطم والزيتون الأخضر والبصل. وكان شيخ يجر عربته وسط الشارع في اتجاه مدخل السوق، وكانت محملة بالخبز وعبوات التونة، وعدد من قنينات المشروبات الغازية، فيما كان شاب منهمكا في تلبية طلبات زبنائه الذين تحلقوا من حوله، لتناول قطع الحلوى المنزلية، وشرب كأس حليب بثمن لا يتجاوز 4 دراهم. وفضلا عن ناقلات البضائع والعربات المجرورة، تفاقمت مظاهر الفوضى "بالقريعة" بسبب جشع بعض التجار، الذين "ينافسون" على "لقب بطل القريعة" في احتلال الملك العمومي، إذ بلغ الوضع مستويات خطيرة، ولم يكتف التجار بإخراج سلعهم إلى أمام المحلات، بل تجاوزوه حتى أصبحوا يستولون على الرصيف بأكمله، لكن المثير أن بعضهم أصبح يحتل مترين أو أكثر من طريق السيارات، الأمر الذي يدفع الراجلين إلى الدخول وسط السيارات، ما يخلق ضجة بسبب استعمال منبهاتها. ووصلت "القريعة" إلى مستوى طبع فيه التجار مع احتلال الملك العمومي، إذ عمد عدد منهم في الوقت الذي كانت فيه "الصباح" بعين المكان، إلى جلب طاولة وعدد من الكراسي، لتناول "المسمن" والشاي وسط الطريق كأنهم يجلسون في مقهى. ومن مظاهر الفوضى أيضا التي أصبحت تتخبط فيها "القريعة"، مشهد عاينته "الصباح"، حينما كانت شاحنة محملة بالبضائع تغادر السوق، كان أربعة أطفال مشردون يلاحقونها للإمساك بأجزائها الخلفية. البال... يغزو القريعة لم تعد تقتصر حالة الفوضى العارمة على المحلات المطلة على الشارع، بل أصبح الوضع نفسه يطبع السوق بكامله، إذ تعيش المحلات الداخلية أيضا الواقع ذاته، سواء تعلق الأمر باحتلال الممرات التي يستعملها الزوار للتنقل بين أروقة السوق، أو تلك المساحات الفارغة التي تفصل الأروقة عن بعضها، والتي أصبحت محتلة من قبل باعة الملابس والأحذية المستعملة، الذين جلبوا طاولات كبيرة ووضعوا فوقها أكواما من السلع والإكسسوارات والملابس الداخلية. وعاينت "الصباح" مجموعة من الأشخاص الذين يتاجرون في سلع "البال" صعدوا فوق "الطابلات"، ويصيحون بأصوات عالية، لجلب الزوار الراغبين في التسوق، محدثين ضجيجا يضع معه الشخص إصبعيه في أذنيه من شدة الصخب، كما يضع يديه في جيوبه خوفا من سرقة أغراضه من قبل اللصوص، جراء الازدحام الذي يستغلونه لتنفيذ سرقاتهم . التجار يشتكون لم تعد وضعية الفوضى التي استفحلت في منطقة "القريعة" تؤثر على الراجلين والسائقين والسكان القريبين منها، بل طالت آثارها السلبية التجار وأرباب المحلات كذلك، جراء انعدام المرافق الضرورية، من قبيل الكهرباء العمومية، والمراحيض و"الباركينغ". كما أن التجار يشتكون من الغياب التام لمصالح المجلس الجماعي، الذي يتحمل مسؤولية تنظيم السوق، وهيكلة القطاع بعد ظهور بعض الممارسات التي تنفر الزبناء، من قبل السرقات والازدحام في الممرات وأروقة السوق. وقال جميل بلعياشي، أمين تجار الملابس بسوق "القريعة"، في تصريح لـ "الصباح"، "نحن التجار نعاني غيابا تاما للبنيات التحتية الضرورية، والتي تتمثل في انعدام الإنارة العمومية في الأزقة والممرات التي تغدو مظلمة بعد غروب الشمس، وغياب المراحيض ومواقف السيارات". وأضاف بلعياشي، أن احتلال الملك العمومي، نتيجة لغياب أبسط شروط تنظيم سوق، موضحا أن بعض الباعة لم يقتصروا على احتلال الأرصفة، بل منهم من يحتل جزءا من طريق السيارات، وهو ما يفاقم من حدة الفوضى. كما أوضح أن سبب الفوضى التي تحدثها ناقلات السلع والبضائع والدراجات ثلاثية العجلات، هو غياب "الباركينغ" ما يفرض عليها أن تتكوم أمام مدخل السوق، والكل يتنافس لقضاء أغراضه بسرعة، ولو كان ذلك على حساب تشويه محيط السوق. وأبرز عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، أن احتلال الممرات والأروقة من قبل تجار سلع "البال"، هو نتيجة لغياب التنظيم، مضيفا "ندعو التجار إلى التعفف عن هذه الممارسات وألا يخرجوا السلع إلى أروقة السوق، لأن الازدحام الذين يتسببون فيه، يتيح بيئة مناسبة للصوص، الذين ينفرون الزبناء، إذ هناك من يأتي لاقتناء قطعة ملابس أو حذاء، ويسقط ضحية أحد "الشفارة" الذي قد يسلبه هاتفه أو أمواله". وخلص بلعياشي إلى أن المجلس الجماعي غائب تماما، ولا يتواصل أبدا مع التجار، متسائلا عن دور الرئيس إن لم يكن يتواصل مع السكان والتجار وغيرهم من الفئات التابعة لمجاله الجغرافي، كاشفا أنه طلب منهم في وقت سابق، تسقيف أزقة السوق من أجل تزويده بالكهرباء العمومية، غير أنه رغم قيامهم بالمطلوب فإن المجلس لم يف بوعوده. وأضاف المتحدث ذاته، أن السوق يضم 2600 محل تجاري، فيما لا يضم سوى مرحاض واحد فقط، متسائلا أليس من العيب أن يستعمل هذا العدد الهائل من التجار المرحاض نفسه؟ إنجاز: عصام الناصيري

سوق القريعة … الفوضى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الشغل هاجس الأسر

القاطي: البولماني لا علاقة له بالذوق الفني

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات