دعوى القسمة لا تحتاج لتمديد التقييد الاحتياطي

المالك يمكنه أن يتوجه إلى رئيس المحكمة الابتدائية بطلب رفع التقييد بقلم: عبد الرحيم بن بركة * تمت المصادقة بالإجماع في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لمجلس النواب الثلاثاء 30 يناير 2018 على أول مقترح قانون برسم الولاية التشريعية الحالية، وهي العاشرة من نوعها وذلك بإضافة فقرة فريدة للمادة 316 من مدونة الحقوق العينية بالصيغة الآتية "يستمر مفعول التقييد الاحتياطي المذكور إلى حين صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به"، لأن الفقرة الأولى من الفصل نفسه التي تقضي بضرورة توجيه دعوى القسمة ضد جميع الشركاء المقيدين على الرسم العقاري، وكذا تقييدها تقييدا احتياطيا لم يلحقها أي تغيير.هل كان ضروريا سن هذه القاعدة القانونية الجديدة التي تقول باستمرار التقييد الاحتياطي الذي تم بناء على مقال دعوى القسمة إلى حين صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به؟ أم أن هناك نصا في القانون يفي بما هو مقصود بالنص الجديد؟ هذا التساؤل هو ما سأحاول الجواب عنه بعجالة في الموضوع. أولا ينبغي التذكير بالمستجدات التي أتى بها الظهير رقم 07.14 المغير والمتمم لظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري وكانت هامة وعديدة، واكتفي هنا بمستجدات التقييد الاحتياطي الذي يتم بناء على مقال تقييد الدعوى بصفة عامة، والذي كان كثيرا ما يؤرق المالكين للعقار، ويثقل الرسوم العقارية بحقوق يمكن أن تكون مجرد حقوق محتملة، ومع ذلك يستمر التقييد الاحتياطي إلى حين البت النهائي في الدعوى موضوع المقال، وقد يتم التقييد الاحتياطي بناء على نسخة من مقال يمكن أن يكون طالب الإجراء قد احتفظ به، ولم يفتح له ملف بالمحكمة، وبذلك يبقى التقييد الاحتياطي مسجلا على الرسم العقاري إلى ما لا نهاية. فكانت هذه الوضعية تخلق صعوبة للمالك وتصبح عائقا يمنع الاستثمار في العقارات التي يشملها مثل التقييد. ولتلافي هذه الوضعية اأحدث الظهير رقم 07.14 المغير والمتمم لظهير 12 غشت 1913 المذكور المراقبة القضائية للتقييد الاحتياطي، ولم يتركه بيد طالب الإجراء فقط، بل أعطى للقضاء في شخص رئيس المحكمة الابتدائية الذي يوجد العقار بدائرتها، الحق في الأمر باستمرار التقييد الاحتياطي بناء على أمر يصدره داخل أجل شهر واحد يبتدئ من اليوم الذي تم فيه التقييد الاحتياطي بعد أن يتأكد من شيئين اثنين هما أن الدعوى موجودة فعلا، وأن الطلب جدي، وإذا تبين له أن الأمر غير ذلك فإنه لا يوافق على التمديد. وهنا يطرح التساؤل الثاني، وهو: هل طلب تمديد التقييد الاحتياطي ينبغي أن يتم في جميع الدعاوى التي يكون الرسم العقاري المعني بالتقييد موضوعا لها، أم أن التمديد يقتصر على نوع خاص من الدعاوى؟ للإجابة على هذا التساؤل لابد من الرجوع إلى مقتضيات الفصل 85 من القانون المتعلق بالتحفيظ العقاري الذي يتحدث عن التقييد الاحتياطي بصفة عامة، ويظهر جليا من هذا النص أن التقييد الاحتياطي الذي ألزم المشرع تمديده، هو الذي يتم بناء على دعوى استحقاق لحق عيني عقاري كما نصت ديباجة الفصل 85 عليه والتي تضمنت ما يلي: "يمكن من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا" إلى آخر الفصل. فالمستجد الذي أضافه القانون عدد 14.07 المعدل والمتمم لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري هو كونه أعطى للقضاء حق المراقبة على التقييدات الاحتياطية التي كانت سابقا تتم بناء على مقال، وتستمر مقيدة على الرسوم العقارية إلى حين البت النهائي في النزاع. قد تكون هذه التقييدات أحيانا تعسفية، وتثقل العقار بتحملات يمكن أن تكون لمجرد حق محتمل، أو حق شخصي غير قابل بالمرة للتقييد على الرسم العقاري، فأعطى بذلك الفصل 85 المذكور لرئيس المحكمة إصدار أمر بتمديدها، بعد أن يتأكد من أن الدعوى قد سجلت فعلا، وأن الطلب يستند على أسس صحيحة، يمكن للمحكمة أن تستجيب لها. أما المستجد الثاني والذي لم يكن متوفرا في النص القديم هو أنه أعطى الحق للمالك في أن يتقدم لنفس الجهة، أي رئيس المحكمة الابتدائية بوصفه قاضيا للأمور المستعجلة، بطلب رفع التقييد الاحتياطي الذي يظهر أنه كان مجرد طلب تعسفي، وهذه الإمكانية يمكن اللجوء إليها في أي مرحلة من مراحل الدعوى. أما في موضوع تمديد التقييد الاحتياطي فقد نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 85، وهذا هو بيت القصيد، على ما يلي: "التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة تبقى خاضعة لأحكام هذه النصوص" إن القاعدة القانونية التي جاءت بها الفقرة الأخيرة من الفصل 85 والتي تقضي باستمرار التقييد الاحتياطي دون ضرورة الحصول على الأمر بتمديدها، هي التقييدات الاحتياطية التي تتم في إطار تشريع خاص، كالتي تتم مثلا في إطار مدونة الحقوق العينية، أو في إطار مدونة تحصيل الديون العمومية، أو عندما تتم في إطار الفصل 618.10 من القانون 44.00 المتمم بموجبه ظهير الالتزامات والعقود والمتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز، وهذه كلها قوانين خاصة. وبما أن مدونة الحقوق العينية هي أيضا قانون خاص فإن هذا القانون لا ينص بتاتا على ضرورة اللجوء إلى رئيس المحكمة لاستصدار أمر بتمديد التقييد الاحتياطي، وبذلك فلا حاجة لطلب تمديده لأن التقييد الاحتياطي الذي تم بناء على مقال يستمر مفعوله، كما نصت الفقرة الأخيرة من الفصل 85 المذكورة، ولا حاجة إذن للتعديل الذي أتى به المقترح المصادق عليه في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، وإنما المطلوب هو التنزيل السليم لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 85 المذكور، والتي يرجع سوء تطبيق مقتضياتها أساسا لإدارة المحافظة العقارية، لأن بعض المحافظين عند بداية تطبيق مستجدات ظهير التحفيظ العقاري المذكور اعتبروا أنه لا حاجة للأمر بتمديد التقييد الاحتياطي مسايرة للفهم الصحيح للفقرة الأخيرة من الفصل 85، بينما اعتبر آخرون أن استمرار التقييد الاحتياطي لا يمكن أن يتم إلا بناء على الأمر بالتمديد الذي يصدره رئيس المحكمة الابتدائية تطبيقا للمبدأ العام، مما حدا بإدارة المحافظة العقارية في إطار توحيد العمل بجميع محافظات المملكة، إلى اصدار دورية تلزم لاستمرار التقييد الاحتياطي الحصول على أمر بتمديده، وإلا فإنه يسقط بمرور شهر واحد كما هو الشأن في الدعاوى التي ترمي إلى استحقاق حي عيني عقاري، وكان الدافع إلى ذلك ربما هو دافع مالي محض لأن كل استمرار التقييد الاحتياطي يقتضي أداء رسم عنه قدره 600 درهم بما فيها الشهادة إذا كانت دعوى القسمة تخص رسما عقارا واحدا، إما إذا تعددت الرسوم العقارية فإن الرسم المذكور يؤدى على كل واحد منها. لاشك أن الشكايات المتعددة في هذا الموضوع هي التي دفعت إلى سن القاعدة القانونية التي جاء بها مقترح القانون، رغم أن الأمر لا يقتضي سن تشريع جديد، وإنما يحتاج الأمر إلى تنزيل مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 85 بتنسيق مع إدارة المحافظة العقارية قصد التراجع عن موقفها والقاضي بضرورة الحصول على الأمر بالتمديد في دعوى القسمة، وبذلك فلا حاجة لنا في سن تشريع جديد، فيه تكرار لقاعدة قانونية موجودة فعلا. وبذلك فإن تعديل المادة 316 كما تمت المصادقة عليه في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان هو تعديل زائد، لأن الفقرة 85 الأخيرة من الفصل من ظهير 07.14 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري تفي بالغرض. *نقيب سابق بهيأة المحامين بالرباط

دعوى القسمة لا تحتاج لتمديد التقييد الاحتياطي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاتجار في عفو ملكي بـ 400 مليون

رياضة وتحسيس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات