وصــفـات لـكــل داء

تكاليف العلاج قد تتجاوز 10 آلاف درهم لم يعد الطب التقليدي مقتصرا على الفئات المعوزة ومحدودة الدخل ومنتشرا في المجتمع القروي كما كان في السابق، بل أصبحت فئات ذات مستوى ثقافي ودخل ميسور تقبل على هذا النوع من العلاجات. وساهمت برامج في إذاعات خاصة وفيديوهات على شبكات التواصل الاجتماعي ينشطها أشخاص يقدمون أنفسهم أنهم مختصون في الأعشاب أو العلاجات البديلة ويقدمون وصفات لكل داء ويتواصلون مع مستمعين ومشاهدين لتمكينهم من حلول للمشاكل التي يعانونها. وتحظى هذه البرامج ووصلات الفيديو بنسبة متابعة كبيرة أخرجت المهنيين من صمتهم، إذ طالبت هيأة الأطباء بالتصدي لهذه البرامج، باعتبار الأطباء هم الجهة الوحيدة المخول لها تشخيص المرض وتحديد الوصفة العلاجية للمريض. ينقسم مقدمو العلاجات التقليديين إلى صنفين، الأول يعتمد على النصوص الدينية لتحديد الوصفات العلاجية للمرضى، وصفات من العسل واللسع بالنحل، وبعض النباتات التي وردت بشأنها نصوص دينية. وتقصد هذه العينة فئات اجتماعية ذات الدخل المحدود وبعض الفئات الميسورة التي لم تنفع معها علاجات الطب العصري، فتجرب حظها مع طرق العلاج التقليدية. وأوضح صاحب أحد المحلات التي تقدم العلاج بلسعات النحل أن "عيادته" تقدم وصفات علاجية بالنحل، مؤكدا أن هذه الوسيلة أثبتت نجاعتها، إذ هناك العديد من الأشخاص الذين كانوا يعانون آلم المفاصل وبعد حوالي 10 حصص من اللسع بالنحل تحسنت حالتهم، ولم يتردد في المناداة على إحدى النساء التي كانت تنتظر دورها بقاعة الانتظار ليطلب منها أن تدلي بشهادتها حول تطور حالتها الصحية بعد شهرين من خضوعها للعلاج، ولم تتردد في التأكيد على أن حالتها تحسنت بشكل ملموس وأنها لم تشعر بأي آثار جانبية. ويعرف المحل إقبالا ملحوظا، إذ يتجاوز عدد الجالسين في قاعة الانتظار 20 شخصا، البعض منهم يعاني داء السرطان في مراحله المتقدمة. بالمقابل، هناك صنف ثان من مقدمي العلاجات التقليدية يتشبهون بالأطباء، إذ يلبسون الوزرة البيضاء ويجلسون خلف مكاتب تم إعدادها على غرار المكاتب الموجودة في عيادات الأطباء خريجي كليات الطب، وتتدلى من أعناقهم سماعة الطبيب "سطيطوسكوب"، فيخال المتردد على هذه المحلات التي تقدم العلاجات البديلة أنه داخل عيادة الطبيب خريج كليات الطب والصيدلة. كما يؤثث هذا الصنف مكتبه ببعض الشهادات التي حصل عليها من جمعيات التداوي بالأعشاب على غرار دبلومات الطبيب المختص، ويستقبل المريض فيشرع في الكشف عنه باستعمال سماعة الطبيب ويستفسره حول ما يشعر به ويمكن أن تدوم الجلسة ساعة، قبل أن يشرع في تحديد الوصفة العلاجية التي تتضمن العديد من الأعشاب وبعض الزيوت. وتصل الوصفة في أبعض الأحيان إلى أزيد من ألف درهم، ويمكن أن تتكرر أربع مرات أو أكثر، أي أن كلفة العلاج يمكن أن تصل إلى 10 آلاف درهم. ويزاول مقدمو الخدمات العلاجية نشاطاتهم دون أن يزعجهم أي أحد وتحت ومرأى الجميع، ما يطرح سؤالا حول تجاهل وزارة الصحة لهذه الممارسات المنافية للقانون المنظم لمزاولة مهنة الطب، إذ ينص في المادة الرابعة أنه "لا يجوز لأي أحد أن يقوم بأي عمل من أعمال مهنة الطب بأي صفة من الصفات إلا إذا كان مقيدا بجدول هيأة الأطباء"، كما يتعين على مزاول مهنة الطب، حسب القانون نفسه، أن يكون حاصلا على دبلوم دكتوراه في الطب مسلم من إحدى كليات الطب المعترف بها. ورغم ذلك، فإن هناك العديد من الأشخاص الذين ينشرون فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي ويتوفرون على محلات يقدمون فيها خدمات ووصفات علاجية، دون أن يتعرضوا لأي إزعاج من السلطات المفروض فيها أنها تسهر على تنظيم ومراقبة مزاولة مهنة الطب. عبد الواحد كنفاوي الأطباء غاضبون تجاوزات بعض الإذاعات الخاصة، في ما يتعلق بالوصفات التي يقدمها أطباء أو أشخاص ينتحلون صفة الطبيب، دفعت الهيأة الوطنية للطبيبات والأطباء إلى الدخول على الخط، لوقف ما أسمته «العبث»، والذي تحرص بعض الاذاعات الخاصة على الاستمرار فيه، رغم التحذيرات التي تتوصل بها. يقول الحسين معوني، رئيس الهيأة الوطنية للطبيبات والأطباء إن مراسلات كثيرة وجهتها الهيأة لمجموعة من الإذاعات، وأخرى وجهتها للهيأة العليا للسمعي البصري، تشدد فيها على ضرورة الاتصال بها، في حال كان معد أي برنامج يحتاج إلى طبيب للرد على أسئلة المواطنين ومناقشة مواضيع صحية بالشكل التي توصي به أخلاقيات المهنة، وذلك لأن «الطب ليس بهرجة»، حسب قوله. وأوضح معوني في حديثه مع «الصباح»، أن اقتراح الهيأة يأتي في إطار محاولة القطع مع الكثير من التجاوزات التي تشهدها البرامج الطبية المذاعة على بعض المحطات، مشيرا إلى أن الهيأة وقفت على مجموعة من الانزلاقات، منها تقديم وصفات طبية قد تكون مضرة بصحة المريض، ومعلومات طبية خاطئة، علما أن بعض الأطباء يذهبون إلى حد الترويج لأنفسهم ويدعون المستمعين إلى قصد عياداتهم «وهو الأمر التي يتنافى مع أخلاقيات مهنة الطب». إيمان رضيف

وصــفـات لـكــل داء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العلاج بالدين... الوهم

لطفي: استهتار

مقالات ذات صلة