السيارات المشتركة … وداعا عذاب السفر

خدمة جديدة للهروب من جحيم النقل العمومي يقبل عليها عدد من المواطنين تنتشر العديد من الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، يكشف أصحابها عن مسارات سفرهم، ويقومون بدعوة من لهم الوجهة نفسها، من أجل الالتحاق بهم وتقاسم سيارتهم معهم. تشهد هذه الخدمة الاجتماعية إقبالا متزايدا من قبل الآلاف من الشباب، الذين صاروا يفضلون هذا النوع من وسائل النقل، التي تخفف الضغط عن المحطات الطرقية، سيما خلال بعض المناسبات التي تلتهب فيها أسعار النقل العمومي. "مرحبا بالجميع. أوفر خدمة تنقل من الرباط إلى مراكش الأحد المقبل، ابتداء من الساعة الخامسة مساء، والعودة بعد يوم غد صباحا. السيارة تتسع لأربعة مقاعد.مسموح فقط بأمتعة صغيرة. لا بأس في التدخين داخل السيارة. الأجواء ستكون شبابية ورائعة. الثمن رمزي لا يتعدى 40 درهما. المرجو التواصل معي على الخاص "، تدوينة لأحد نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في إحدى المجموعات، ، وهي مجموعات متخصصة في نشر إعلانات العروض أو الطلبات.التي أنشأها بعض الشباب من أجل تسهيل مهمة التنقل والسفر بين جميع مدن المغرب. خدمة بديلة السيارات المشتركة أو ما يسمى "الكوفواتيراج"، عبارة عن مجموعات نشيطة في مواقع التواصل الاجتماعي، استثمر أصحابها التطور التكنولوجي في سبيل السفر، وتقدم خدمات بديلة عن حافلات النقل الطرقي التقليدية، التي تستدعي التوجه إلى المحطة وحجز تذكرة السفر، إن لم تكن مقاعد الحافلة محجوزة سلفا. وتقوم هذه الخدمة الاجتماعية على مشاركة سيارة خاصة من قبل بعض المواطنين لهم الوجهة نفسها، مقابل تقاسم أعباء الرحلة في ما بينهم، والمتجلية أساسا في رسوم الطريق السيار والمحروقات. "أنا كنستعمل هاد الخدمة بزاف، لحقاش كتسهل السفر. عوض أنني نمشي للمحطة ونقطع التيكي، هدشي إيلا لقيتها، وترجع عاوتاني للدار، على أساس تسافر بالليل ولا الغد اللي موراه، وشي مرات كتلقا الكار عيان، مكتوصل للبلاصة اللي غادي ليها حتى كيغفر ليك الله الذنوب"، بهذه الكلمات تحدث إسماعيل، عن دوافع إقباله على السيارات المشتركة، التي ارتفعت أسهمها بين الشباب. وأضاف الشاب العشريني، بثقة واضحة في الكلمات التي يتلفظ بها، "كولشي كيعرف الوضعية د الحافلات فالبلاد. ديما الروطار.الخنز اللي تيكون فيها. صداع الراس. بنادم مدابز على البلايص. مكيقلع الكار حتى كتكره راسك، زيدون كيوقف شحال من مرة فالطريق، الشيفور تابع غير البلايص، كتوصل معطل على الغرض اللي بغيتي". راحة أكبر أكد إسماعيل، الذي يتابع دراسته في جامعة محمد الخامس بالرباط، أن السيارات المشتركة توفر للمسافر أسعارا مناسبة، لأن صاحب الإعلان يريد في غالب الأحيان صحبة يستأنس بها في الطريق، وبذلك تكون مجانية، أو أنه يقدم هذه الخدمة مقابل سعر مناسب للجميع، خاصة الطلبة، قائلا "دبا مع الكوفواتيراج وليت كنمشي لطنجة مثلا غير بـ 35 درهم، مينزلش ليك الكار على 80 درهم". من جهتها، اعتبرت مريم، التي تشتغل في أحد مراكز الاتصال بالعاصمة، أن خدمة السيارات المشتركة، توفر راحة أكبر للمسافر وبثمن أقل، مضيفة أنها أصبحت تقبل عليها منذ سنتين، ولم تعد تستعمل الحافلة أو القطار، باستثناء بعض الحالات القليلة التي تكون فيها على عجل. ثمن أقل يختار عشرات المغاربة هذه الخدمة الاجتماعية خلال تنقلهم صوب المدن، سيما في بعض المناسبات، التي تشهد فيها المحطات الطرقية ضغطا كبيرا، يصعب معه العثور على تذكرة السفر، بسبب المضاربات التي ترفع الأثمنة بشكل مضاعف. ويؤكد جمال أنه صار يؤمن بخدمة السيارات المشتركة، لأنها توفر له الأنيس خلال مدة سفره الطويلة، خاصة أنه يقطع مسافات كبيرة للوصول إلى عائلته، التي يمضي معها جميع المناسبات مثل عيد الأضحى وعيد الفطر، معللا بالقول "أنا أعمل في البيضاء، وينبغي أن أقضي العيد رفقة والدي في تنغير، الأمر الذي يستدعي قطع أكثر من 700 كيلومتر، أي إحدى عشرة ساعة من السفر". وأوضح جمال أن السفر يكلفه على الأقل 600 درهم ذهابا إذا سافر لوحده بسيارته، وإن فضل استعمال حافلة النقل العمومي فستكلفه حوالي 400 درهم في ظرفية المناسبات الاجتماعية، التي تشهد فيها أسعار التذاكر صعودا صاروخيا، وفي الفترات العادية فإن الكلفة تصل إلى 200 درهم. وأبرز المتحدث ذاته، أن تقاسم سيارته رفقة أربعة أشخاص آخرين يوفر عليه 450 درهما، لتكون الكلفة ذهابا لكل شخص هي 150 درهما، أي أرخص بأكثر من النصف، "دون إغفال أن هؤلاء الأشخاص يشكلون رفقة تؤنس طريقك الطويل، بل نتناوب أحيانا على السياقة"، يقول جمال. تحرش جنسي لا تخلو ظاهرة السيارات المشتركة من العديد من السلبيات، التي يعبر عنها يوميا مستعملو هذه الخدمة في مواقع التواصل الاجتماعي، من قبيل تأخر صاحب السيارة عن الموعد المتفق عليه، ثم التحرش الجنسي، الذي تشتكي منه بعض الفتيات اللواتي سبق لهن أن استعملن "الكوفواتيراج". تقول ندى التي لجأت إلى السيارات المشتركة مرارا وتكرارا، لكنها لم تعد تستعمل هذه الخدمة بسبب المشاكل التي ترتبت عنها، خاصة ما يرتبط بالتحرش الجنسي من قبل الذكور، معلقة بالقول "كنت أريد السفر إلى أكادير من أجل قضاء غرض خاص، لذلك وضعت إعلان طلب الخدمة في مجموعة "فيسبوك". لم أنتظر طويلا. سرعان ما رد علي أحد الشباب بأن له المسار نفسه، أي من الرباط إلى أكادير، اتفقنا على السعر الذي كان مناسبا، لكن بمجرد وصولنا للوجهة المقصودة بدأ يتودد إلي، وطلب مني تناول وجبة العشاء معا". أبدت ندى انزعاجها من السائق، الذي تجاوز الخطوط الحمراء، ووصل إلى درجة التحرش بها، مضيفة أن خدمة السيارة المشتركة تجربة رائعة ومريحة، وتتيح السفر بكلفة أقل، لكنها نبهت إلى بعض الأشخاص ذوي العقلية الذكورية، الذين يستغلونها قصد قضاء أغراضهمالجنسية بالدرجة الأولى. تقليص الحوادث تساهم ظاهرة السيارات المشتركة في تقليص حوادث السير المرتفعة بالمغرب، إذ عوض أن تستعمل عائلتان مثلا سيارتيهما الخاصتين في التنقل والسفر بين المدن، يكفي أن تشتركا في سيارة واحدة، الأمر الذي سيخفض من عدد حوادث السير، خاصة في أوقات الازدحام والضغط بالطرق السيارة، من قبيل العطل المدرسية والصيفية وعيد الأضحى وغيرها. وتتيح هذه الخدمة الاجتماعية كذلك تخفيض نسبة التلوث البيئي، التي يمكن أن تنتج عن استعمال السيارات داخل المجال الحضري والقروي. مصطفى شاكري

السيارات المشتركة … وداعا عذاب السفر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غليان بالهيأة الوطنية للصيادلة

نشرة خاصة ... رياح قوية وأمطار رعدية في جل مناطق المملكة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات