أطباء الحراسة … انتفاضة التعويضات

لا تتجاوز 5 دراهم لكل ساعة و600 درهم حدا أقصى شهريا وهجرة جماعية صوب القطاع الخاص قبل بضعة أسابيع صادق المجلس الحكومي على مشروع مرسوم أعده الحسين الوردي، وزير الصحة، قبل قرار إعفائه، يهم الحراسة والخدمة الإلزامية، اللتين كانتا موضوع احتجاجات ووقفات حاشدة للجسم الطبي، على مدار العشر سنوات الماضية، أخرجت حشود الغاضبين المطالبين بصرف قيمة مبالغ التعويض «على هزالتها»، بعضهم أكد أنه لم يتلقها منذ 2007، قبل أن تفرج عنها الحكومة، في الفترة الأخيرة، ما جعل العديد، أطباء وممرضين، يلجؤون، في ما يشبه الهجرة الجماعية، إلى القطاع الخاص، الذي يبدي سخاء على الأقل يصل ضعف ما يمكن أن يتلقوه مقابل مهام خاصة، يقضون خلالها ليالي في خدمة مرضى المستشفيات العمومية والوافدين إليها في حالات استعجالية. إنجاز: هجر المغلي إضافة إلى نظام العمل العادي، يزاول موظفو وزارة الصحة ومستخدمو المراكز الاستشفائية الجامعية والأساتذة الباحثون في الطب والمقيمون المعينون بهذه المراكز، علاوة على الأطباء الداخليين، عملهم وفقا لنظام الحراسة أو لنظام الخدمة الإلزامية. الأخيرة، تطرح لكافة العاملين بالقطاع مشاكل إضافية، لا تهم هذه المرة، تردي ظروف العمل، ونقص التجهيزات والأدوية ووسائل التدخل فقط، بل تخص أيضا الجانب المالي، الذي بعد أن بحت حناجر العاملين بالقطاع، للمطالبة برفع قيمته، تحولوا فقط إلى المطالبة بصرف تعويضات يحدد شروط وكيفيات منح كل منها (التعويض عن الحراسة والتعويض عن الخدمة الإلزامية)، بقرار لوزير الصحة يؤشر عليه من طرف الوزير المكلف بالمالية والوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة، لا تتجاوز قيمتها 600 درهم للأطباء و500 درهم للأطباء المقيمين، شهريا، بمعدل خمسة دراهم، حدا أقصى للساعة، فيما الممرضون، يظلون الفئة الأكثر تضررا. حكر على المقيمين أكثر المتضررين من نظام التعويضات عن الحراسة الإلزامية، هم فئة الأطباء المقيمين، باعتبارهم أكثر "المجبرين" على القيام بها، سيما في المستشفيات الجامعية. يقول عبد الهادي، طبيب مقيم بالمستشفى الجامعي ابن سينا، إنه غالبا ما يفضل الأطباء والأساتذة الالتزام بالخدمة الإلزامية، ليجد الأطباء المقيمون، أنفسهم مجبرين، على تولي هذه المهمة وملازمة المستشفى 12 ساعة ليلا، إلى حين انطلاق فترة الدوام الصباحية، أو العكس. فبموجب القانون، يقصد بنظام الحراسة الحضور الفعلي للطبيب أو الممرض بالمصالح الطبية بالنهار أو الليل لأجل الاستجابة للحالات الصحية المستعجلة وضمان استمرارية علاج ومراقبة صحة المرضى والنساء الحوامل. كما تنظم الحراسة في شكل وحدات زمنية تحدد كل وحدة منها في 12 ساعة متصلة لكل طبيب أو ممرض. غير أن نظام الحراسة ينقسم إلى نمطين، نمط 12/12 أي 12 ساعة من العمل، تليها مباشرة 12 ساعة متصلة من الراحة الإجبارية. وتنجز الحراسة بهذا النمط من طرف الأطباء المتخصصين في طب النساء والتوليد أو في التخدير والإنعاش أو في المستعجلات أو الجراحين على أن لا يزيد عدد وحدات الحراسة عن 20 وحدة في الشهر لكل طبيب متخصص، ولا يقل عدد هؤلاء عن ثلاثة في التخصص نفسه والمصلحة الاستشفائية نفسها. وفي حال ما كان عدد المكلفين بالحراسة يقل عن ثلاثة، يتم تكليفهم بالخدمة الإلزامية، التي تعني الوجود الإجباري للطبيب أو الممرض المكلف بهذه الخدمة داخل النفوذ الترابي للعمالة أو الإقليم الذي توجد فيه المؤسسة الصحية المعنية وأن، يلتحق المعني بالأمر بهذه المؤسسة فور إشعاره بالحضور. تنظم الخدمة الإلزامية في شكل وحدات زمنية تحدد في 16 ساعة ونصف في اليوم خلال أيام العمل العادية وفي 24 ساعة خلال أيام العطل، لأجل تقديم خدمة صحية مستعجلة عند الاقتضاء بالمؤسسة الصحية المعنية. لكن ونظرا للاختلالات المسجلة في الموارد البشرية، منح المشرع لإدارة المراكز الاستشفائية الجامعية، تمكين الأطباء المقيمين بها القيام بالحراسة، وفقا لنمط خاص يحدد حسب حاجيات كل مصلحة من المصالح التابعة لهذه المراكز وعدد المقيمين المعينين بها، يصادق عليه مدير المركز الاستشفائي الجامعي المعني، على أن تحدد كل وحدة زمنية للحراسة في 12 ساعة متصلة وألا يزيد عدد وحدات الحراسة المنجزة من قبل كل مقيم عن عشرين (20) وحدة في الشهر. 140 درهما للممرض بعد سنوات من المطالبة برفع قيمة التعويضات عن الحراسة، ارتأى المشــرع المغــربي رفعهــا بنسبة 50 في المائة، خلال 2012، لتبقى مع ذلك دون مستوى انتظارات العاملين بالقطاع. فبلغة الأرقام لا تتجاوز قيمة التعويض عن الحراسة الإلزامية التي يقوم بها الممرضون ومساعدو الصحة المجازون من الدولة ومساعدو الصحة حاملو الإعدادية المزاولون في المستشفيات، فضلا عن الممرضات القابلات والمولدات المزاولات في دور الولادة، 140 درهما عن كل وحدة زمنية للحراسة. تعويض يرتفع إلى 276 درهما للوحدة، بالنسبة إلى الأطباء العامين المزاولين بمصالح المستعجلات في المستشفيات والمقيمين المزاولين بالمراكز الاستشفائية الجامعية. وحدهم الأساتذة الجامعيون والأطباء الاختصاصيون في التخدير والإنعاش وأمراض النساء والتوليد والجراحة والمستعجلات وأمراض القلب والمعدة والأمعاء وأمراض الأطفال، والطب الإشعاعي والإنعاش الطبي والأنكولوجيا الطبية وأمراض الرئة والسل، من يحصلون على تعويض يصل إلى 386 درهما عن الوحدة الزمنية للحراسة. ولأن الخدمة الإلزامية، لا توجب الحضور الفعلي للطبيب أو الممرض داخل المستشفى، وتقتصر على ضرورة حضوره فور استدعائه، فإن قيمة التعويض عنها تكون منخفضة، ولا تتجاوز 96 درهما، في أفضل الحالات عن كل وحدة زمنية للحراسة، يحصل عليها الأطباء الاختصاصيون، فيما لا يتقاضى الأطباء العامون المزاولون في المستشفيات المحلية والمراكز الصحية القروية ودور الولادة، فضلا عن المقيمين، إلا تعوضا لا تتجاوز قيمته 72 درهم عن كل وحدة زمنية، فيما يحصل الممرضون متعددو الاختصاصات ومساعدو الصحة والقابلات، على تعويض لا يتعدى 69 درهما عن كل وحدة زمنية. فئة أخرى معنية بالتعويض عن المداومة، تهم موظفي وأعوان وزارة الصحة ومستخدمي المراكز الاستشفائية الجامعية، المكلفين بالنقل والإسعاف الصحي، وباستقبال المرضى والزوار والمكالمات الهاتفية واستخلاص واجبات الخدمات الصحية، بإصلاح التجهيزات التقنية والبيوطبية، وبرصد وتتبع الحالات الوبائية الطارئة.هؤلاء أيضا عليهم، الحضور ليلا أو نهارا، خارج أوقات العمل العادية، بالمؤسسات الصحية المعنية بالمداومة، مقابل تعويض لا يتجاوز 5 دراهم للساعة، و600 درهم للشهر. ويؤدى هذا التعويض من ميزانيات المراكز الإستشفائية الجامعية بالنسبة لمستخدميها ومن الميزانية العامة للوزارة أو من ميزانيات المصالح المسيرة بطريقة مستقلة بالنسبة لموظفي وزارة الصحة، حسب المؤسسة المعينين بها. جنة القطاع الخاص التعويضات الهزيلة التي يتلقاها العاملون بقطاع الصحة، في المستشفيات والمراكز العمومية، عن كل ساعة أو ليلة، قضوها في المصالح التي يتبعون إليها، إن صرفت لهم أصلا، تدفع العشرات منهم إلى هجرة جماعية في اتجاه المستشفيات الخاصة، سيما تلك المتمركزة بين محور القنيطرة البيضاء، وأكادير وطنجة ومراكش. الأخيرة، أضحت بمثابة طوق نجاة للراغبين في رفع مداخيلهم الشهرية، من خلال التعاقد مع بعض المصحات الخاصة، مقابل قضاء ليال في الحراسة النظرية بالمصحة ذاتها، إذ أكدت مصادر "الصباح"، أن الممرضين هم الأكثر لجوءا إلى قضاء ساعات الحراسة الإلزامية بالمستشفيات الخاصة، إلى جانب الأطباء الذين يزاولون أصلا بها، مبرزة أنهم يتقاضون مقابلا ماديا، يتراوح بين 250 و 350 درهما، عن الليلة الواحدة، حسب المصحة الخاصة، وتخصص الممرض، الذي بإمكانه القيام بثلاث ليال من الحراسة في المصحة أسبوعيا، تؤمن له دخلا إضافيا يناهز 4 آلاف درهم في الشهر، علما أنه لن يتقاضى في المستشفى العمومي الذي يزاول به مهامه اليومية، إلا 140 درهما عن كل ليلة حراسة. مستجدات القانون صادق مجلس الحكومة، قبل أسابيع على مشروع مرسوم رقم 2.17.445 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.06.623 الصادر في أبريل 2007، بشأن التعويضات عن الحراسة والخدمة الإلزامية والمداولة المنجزة بالمؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة وللمراكز الاستشفائية الجامعية. مشروع مرسوم الغرض الأساسي منه، تجاوز الإشكالات والصعوبات المتعلقة بتطبيق أحكام المادة الرابعة من المرسوم الصادر متم يناير 2015، بتغيير وتتميم المرسوم الصادر في أبريل 2007، بشأن التعويضات عن الحراسة والخدمة الإلزامية والمداومة المنجزة بالمؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة وللمراكز الاستشفائية الجامعية. وفيما نص المرسوم الجديد على ضرورة عدم القيام بالحراسة وبالخدمة الإلزامية بمصلحة صحية خلال الفترة الزمنية نفسها، أكد على ألا يتعدى عدد المكلفين بإحدى هاتين الخدمتين موظفا أو مستخدما واحدا من كل تخصص، مع إمكانية تكليف أستاذ باحث بالخدمة الإلزامية لدعم الموظفين والمستخدمين القائمين بالحراسة بمصلحة استشفائية تابعة لأحد المراكز الاستشفائية الجامعية، خلال الفترة الزمنية نفسها. واعتبر مشروع المرسوم ذاته أن تطبيق مقتضيات القاعدة التي تفرض عدم تجاوز مكلف واحد من كل تخصص للقيام بالحراسة، لا يراعي ولا يستجيب للحالات الصحية المستعجلة وضمان استمرارية علاج ومراقبة صحة المرضى، ولا يأخذ بعين الاعتبار أهمية العلاجات التي تقدمها بعض الوحدات المتخصصة داخل بعض المصالح الاستشفائية الجامعة، ما جعل مشرع المرسوم يقترح تجاوز الإشكال المطروح خاصة على مستوى المراكز الاستشفائية الجامعية التي تقدم خدمات مهمة في مجال التكوين والعلاج، من خلال التنصيص على السماح لأربعة أطباء مقيمين على الأكثر من كل تخصص للقيام بالحراسة، نظرا لأهمية هذه الفئة داخل هذه المراكز، على أن تحدد نوعية التخصصات المطلوبة التي يتعين القيام فيها بالحراسة بالنسبة إلى هاته الفئة، وعدد المصالح الصحية المعنية بها، وعدد المكلفين بها بجداول تعرض وجوبا على مدير المركز الاستشفائي للموافقة عليها.

أطباء الحراسة … انتفاضة التعويضات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لفتيت يهزم "بيجيدي" في البرلمان

فضاء: مليون زائر لحديقة حيوانات الرباط

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات