إلزامية التقييد الاحتياطي في دعوى القسمة

مدونة الحقوق العينية لا تدخل في زمرة التشريعات الخاصة بل قانون قائم الذات (3/3) بقلم: ذ/ عبد الحكيم خلفي* قد يخسر صاحب التقييد الاحتياطي دعواه، فلا يخفى أن من حق المحكمة إذا اعتبرت أن هذا التقييد قدم بصفة تعسفية أو كيدية أو عن سوء نية، فإنها تقضي لفائدة الوكالة العقارية بغرامة لا تقل عن عشر في المائة من قيمة العقار كما جاء في الفصل 86 مكرر من قانون التحفيظ، حقيقة أن الغرامة المذكورة ابتدعت لمحاربة جشع المضاربين في العقار الذين يعمدون لتقييد إجراءات تحفظية للمطالبة بحقوق وهمية قصد عرقلة مصالح أصحاب الحقوق الحقيقيين بغية ابتزازهم، لكن هذا الفصل لم يستثن المدعي في القسمة المضطر للتقييد الاحتياطي الوجوبي من احتمال تعرضه لهذه العقوبة المالية. ثم يثار الجدل حول من يتلقى طلبات تمديد التقييد الاحتياطي، هل المحافظ على الأملاك العقارية، أم رئيس المحكمة الابتدائية؟ أم أن الجهة التي أمرت بالتقييد هي المختصة بتمديده؟ ثم هل يقبل طلب التمديد بعد انتهاء آجال التقييد بمدة قصيرة مثل يوم أو يومين أم لا يقبل بعد مضي شهر؟ وإذا تعدد الشركاء في رسم عقاري واحد، وتقدم كل واحد منهم بمقال مستقل من أجل القسمة، وقررت المحكمة ضم الملفات لوحدة الموضوع والسبب، فهل كل واحد منهم ملزم بالتقييد الاحتياطي، أم تكفي مبادرة واحد منهم؟ وهل يحكم بقبول دعوى من قام بهذا الإجراء دون قبول دعوى البعض الآخر؟، والقاعدة أن القسمة باطلة إن لم تشمل كل الشركاء وقد يحكم برد دعوى القسمة لعيب في الشكل، فإن إعادة الدعوى تفرض على المدعي التشطيب على التقييد الاحتياطي السابق وإجراء تقييد احتياطي مرة أخرى بمناسبة المقال الجديد، لأنه لا يجوز إجراء تقييد على تقييد. وإذا تأملنا الكم الهائل من دعاوى قسمة العقار المحفظ، التي تعرض على المحاكم ويتم تأخير البت فيها إلى حين إدلاء المدعى بما يفيد قيامه بإجراء التقييد الاحتياطي، الذي سيليه التمديد الذي يعد بدعة لا ينص عليها القانون، لألفينا أن هذا الإجراء الحتمي في دعوى القسمة يهدر كثيرا من الوقت لمحكمة الموضوع، ويكلف رئيس المحكمة الابتدائية والمحافظ على الأملاك العقارية بذل مجهود إضافي يحسن توظيفه في أداء خدمات أبلغ أهمية، كما أن إجبار المدعي بالقيام بإجراء تحفظي لا طائل منه، يقف حائلا دون بلوغ الهدف الأساسي الذي دفع المدعي إلى الاستعانة بالقضاء، ويخلق مشقة زائدة لطرفي الدعوى أثناء التقييد ثم أثناء التشطيب، وهي أعباء يمكن احتواؤها بترك المبادرة للمدعى في اختيار أي إجراء تحفظي يراه مناسبا، ويبقى التقييد الاحتياطي اختياريا من جهة، وساري المفعول طيلة الوقت الذي تستغرقه دعوى القسمة من جهة أخرى، إلى أن يتم التشطيب عليه لسبب من الأسباب القانونية، أو لما يصبح الحكم بالقسمة نهائيا وينفرد كل شريك برسم عقاري مستقل عن الرسم العقاري الأصلي وفق المادة 322 من مدونة الحقوق العينية. خامسا: لا تمديد للتقييد الاحتياطي في دعوى القسمة قبل تعديل ظهير 12غشت 1913 كان ينص الفصل 86 على أنه إذا تم التقييد الاحتياطي بموجب إذن من رئيس المحكمة الابتدائية ينتهي مفعوله إن لم ينجز التسجيل النهائي خلال ستة أشهر، أو لم تقيد الدعوى ولم يقع التنصيص عليها خلال أجل شهر واحد، ولما كان النص بهذه الصيغة، فإن التقييد الاحتياطي لم يكن يحتاج إلى تمديد عكس ما جاءت به الفقرة الرابعة من الفصل 86 من التعديل. وتجدر الإشارة إلى أن تمديد مدة التقييد الاحتياطي الذي جاء به تعديل الفصل 86 من ظهير12 غشت1913، المعتبر قانونا للتحفيظ تنحصر مقتضياته على التقييد الاحتياطي الاختياري، ولا تشمل التقييد الذي نصت عليه المادة 316 من مدونة الحقوق العينية العقارية، التي عندما ألزمت مدعي القسمة بالتقييد الاحتياطي، فإنها لم تحدد لانتهائه أجلا معينا، كما لم تطالب المدعي بتمديد التقييد، ولم تحل إحدى فقراتها على الفصل 86 من قانون التحفيظ. ومعنى هذا أن التقييد الاحتياطي الوجوبي في دعوى القسمة لا يحتاج إلى التمديد، ويبقى مستمرا إلى حين انتهاء دعوى القسمة وتسجيل الحق بصفة نهائية أو بمقتضى أمر بالتشطيب. ورب معترض على هذا الرأي يقول، إن الفقرة الأخيرة من الفصل 85 من القانون العقاري، أشارت إلى أن التقييدات الاحتياطية الواردة في نصوص تشريعية خاصة تبقى خاضعة لأحكام هذه النصوص. والجواب على ذلك هو أن مدونة الحقوق العينية لا تدخل في زمرة التشريعات الخاصة وتعتبر قانونا قائم الذات، ثم إن الفصل 86 الذي حدد آجال صلاحية التقييد الاحتياطي جاء بعد هذه الفقرة والضمير يعود على ما سبق ذكره، مما يدل على أن المغزى من عبارة النصوص التشريعية الخاصة هي تلك الخارجة عن التشريع العقاري مثل التقييد الاحتياطي من أجل تحصيل الديون العمومية أو مثل ما نصت عليه المادة 24 من الظهير رقم 193-99-1 المتعلق بتقييد الرهون، الذي تجريه المؤسسات، أو مثل حالة بيع عقار في طور الإنجاز المدمج في قانون الالتزامات والعقود أو غيرها، وعلى كل حال فإن الفقرة أعلاه لا تنسحب على ما جاء في المادة 316 من مدونة الحقوق العينية. وما فتئت المحاكم تأمر المدعي بالإدلاء بما يثبت تمديد التقييد الاحتياطي بعد انقضاء شهر على التقييد الأول تحت طائلة عدم قبول دعوى قسمة العقار المحفظ، ولا نرى لهذا الأمر سندا في مدونة الحقوق العينية، ونأمل من القضاء أن يتراجع عن تكليف المدعي بتمديد التقييد الاحتياطي لعل المشرع بدوره يتراجع عن إلزام المدعي بالتقييد الاحتياطي في دعوى قسمة العقار المحفظ ويترك له الخيار. واعتبرت محكمة النقض أخيرا، أن التقييد الاحتياطي في دعوى القسمة يبقى مستمرا ولا يحتاج إلى تمديد في قرارها، الذي جاء فيه أن الثابت من شهادة المحافظة المرفوقة بالمقال أن التقييد الاحتياطي سجل بتاريخ 14/1/2015 أي بعد تقييد الدعوى المقدمة بتاريخ 24/12/2014، ما يفيد أنه بقي مسجلا إلى حين انتهاء الدعوى، ويبقى ما في هذه الوسيلة خلاف الواقع (قرار عدد : 137-1-9-2017 الصادر في الملف رقم : 516/4/1/2011). * محام بهيأة الجديدة

إلزامية التقييد الاحتياطي في دعوى القسمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السيوف

شبهة اختطاف رجل ببوزنيقة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات