أسعار المصحات… قسم الكتمان

رفض مسؤولوها إشهارها واعتبروها ضمن تعهدات أبقراط يلزم القانون رقم 131.13، المنظم للمهنة، المصحات بإعلان كل المعلومات المتعلقة بأسعار الخدمات التي تعرضها وأتعاب المهنيين الصحيين المزاولين فيها، وذلك في أماكن الاستقبال وعلى واجهة مكاتب الفوترة، وحمل مسؤولية الإخلال بهذه المقتضيات للمدير الإداري والمالي بالمصحة. ولا يتحدث القانون عن لائحة مرجعية للأسعار أو يشير إلى نص تنظيمي يصدر لاحقا لتأطير وتنظيم تعريفات الخدمات العلاجية المقدمة من قبل المصحات الخاصة، ما يجعل الباب مفتوحا على مصراعيه أمام هذه المؤسسات. ووجه الحسين الوردي، أخيرا، مذكرة إلى المسؤولين عن الوحدات الاستشفائية الخاصة لحثهم على الالتزام بمقتضيات القانون في ما يتعلق بنشر لائحة الأسعار في الأماكن المحددة في نص القانون. زارت "الصباح" بعض المصحات للتأكد من مدى احترامها لهذه المقتضيات فتبين أن أغلبها يتجاهلها أو يطبقها بطريقة لا تخلو من تحايل. إعداد: عبد الواحد كنفاوي يبدو أن أصحاب المصحات الخاصة يعتبرون التستر عن أسعار خدماتها وعدم الكشف عنها وإشهارها ضمن قسم أبقراط، إذ رغم أن القانون يلزمها بنشر تعريفات خدمات في أماكن تمكن الوافدين على هذه المصحات من الاطلاع عليها، فإن عددا منها ما زال يتشبث بالكتمان، ويعتبر الأمر سرا بينه وبين المريض يتعين عدم البوح به. وتثير الأسعار المطبقة من قبل المصحات الخاصة استياء جل المترددين عليها. مرجعات غامضة ويتساءل أغلبهم حول المرجعيات التي يستند عليها أصحاب الوحدات العلاجية الخاصة لتحديد الفواتير، خاصة أنها تختلف كثيرا عن الأسعار المرجعية المحددة من قبل الوكالة الوطنية للصحة التي تحدد المقابل المادي للاستشارة الطبية في 80 درهما لدكتور الطب العام و 150 درهما بالنسبة إلى الطبيب المتخصص، ولا تتجاوز الكلفة المرجعية لخدمة الإنعاش 1500 درهم، في حين تتجاوز في المصحات الخاصة 4500 درهم، وتبلغ تكاليف جهاز الكشف على الشبكة البصرية 500 درهم، في الوقت الذي تصل الكلفة في القطاع الخاص إلى 2000 درهم، ولا يقل الفارق بين السعر المرجعي والسعر المطبق في المصحات الخاصة عن ألف درهم في العديد من العمليات ويمكن أن يتجاوز 5 آلاف درهم، ولا تعترف مصحات القطاع الخاص باللائحة المرجعية. وتنشب صراعات بين المرضى وأسرهم والمسؤولين عن العيادات الخاصة بسبب الفواتير المبالغ بها، إذ يجدون أنفسهم مطالبين بأداء مبالغ لم يكونوا يتوقعونها، لذا ألزم المشرع هذه المصحات بالإعلان عن أسعار الخدمات التي تقدمها حتى يتسنى للمترددين عليها معرفة الفاتورة التي سيؤدونها مسبقا. لكن ذلك يظل حبرا على ورق. "إلا من رحم ربك" لاحظت "الصباح" خلال جولتها بمصحات خاصة، أن عددا محدودا من المصحات يلتزم بهذا القرار، في حين أن بعضها يتحايل على القانون، إذ يتم نشر التعريفة لكن على لوحات إلكترونية بمدخل المصحة، ما يجعل العديد من المترددين لا يعلمون بوجودها، علما أن القانون حدد الأماكن التي يجب إعلان لائحة الأسعار بها، وتتجاهل بعض المصحات القرار ولا تنشر تعريفاتها حتى يتفاجأ "الزبون" (المريض) بفاتورة خيالية وكأنه قضى عطلة في فندق خمسة نجوم. وإذا كان المواطنون يشتكون من الكلفة المرتفعة التي تفرضها المصحات الخاصة، فإن أصحاب هذه المؤسسات يؤكدون، بدورهم، أن تكلفة التطبيب تظل مرتفعة بالمقارنة مع القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المجتمع، لكنهم يوضحون أن ارتفاع الفاتورة يرجع بنسبة كبيرة إلى التكاليف الباهظة التي يتطلبها الاستثمار في هذا المجال، إذ أن القطاع لا يحظى بأي تشجيع من طرف السلطات الوصية عنه، فهو يخضع إلى العديد من الرسوم والضرائب، كما أن القروض التي يقتنيها الراغبون في الاستثمار تطبق عليها معدلات الفائدة العادية، وبناء على ذلك، يضيف الفاعلون الخواص في القطاع، فإن أصحاب العيادات يكونون مجبرين على إسقاط أقساط المبالغ الضخمة التي استثمروها على مستوى الفواتير التي يؤديها المرضى وذووهم. لكن السؤال الذي يظل مطروحا هو إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تتحاشى هذه المصحات الإعلان عن تعريفات خدماتها بكل شفافية، وتصر على أن تظل سرا محفوظا، لا يتم الكشف عنه إلا عندما يهم المريض بمغادرة المصحة، علما أنه لا يمكن أن تلج إليها إلا عندما تضع لدى مصلحة الفوترة شيكا للضمانة، رغم أن القانون يمنع ذلك. تضخيم الفواتير ويلجأ عدد من المصحات إلى تضخيم فواتيرها بإضافة مجموعة من الخدمات، مثل الأدوية والمستلزمات الطبية التي تستعمل خلال عمليات الجراحة أو التوليد، فيجد المرء نفسه مطالبا بأداء مبالغ مالية باهظة لا يمكن التأكد منها، ما دامت الأدوية قد تم استهلاكها. ويحكي أحد المكتوين بلهيب فواتير المصحات الخاصة أنه اضطر إلى اللجوء إلى إحداها من أجل إسعاف ابنه الذي ألمت به وعكة صحية خطيرة استدعت نقله على وجه السرعة إلى إحدى المصحات الخاصة، ليتم إجراء عملية على الزائدة الدودية، وعندما هم بإخراج ابنه من المستشفى بعد تحسن حالته، قصد قسم الفوترة للاستفسار عن المبلغ الذي يتعين عليه أداؤه، فتفاجأ بأن المصحة تطالبه بمبلغ 22 ألف درهم، فثارت ثائرته وطالب بمده بفاتورة مفصلة، ولما اطلع عليها لا حظ أن هناك عددا من الخدمات التي تزعم المصحة أنها قدمتها لابنه غير حقيقية، فهدد باللجوء إلى السلطات من أجل فتح تحقيق، وبعد أخذ ورد، تم الاتصال بالمسؤول عن القسم ليخبره أن هناك خطأ غير مقصود لتتم مراجعة الفاتورة وتتقلص إلى 13 ألف درهم. خلافات رغم تكرار الخلافات حول الفواتير بين المسؤولين عن المصحات والمترددين عليها، فإنها تصر على عدم الكشف عن تعريفاتها. ويمكن التأكد من ذلك من خلال زيارة بعض العيادات، علما أن هناك عيادات تعلن، تحت ضغط السلطات الوصية، أسعارها لكن، غالبا ما تكون في أماكن أو عبر وسائل يصعب التعرف عليها.

أسعار المصحات… قسم الكتمان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ديكور: حيل لتزيين الجدران البيضاء

صندوق النقد يدعم إصلاح الصرف

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات