صعوبة العودة من منفى 37 سنة

حسن مرزوق...ذاكرة "الخياط" حسن مرزوق، الملقب في صفوف المقاومة بـ"الخياط"، يروي قصة التحاقه بالعمل السياسي ضمن حزب الاستقلال في سن مبكرة، قبل أن يلتحق بصفوف المقاومة المسلحة بالجنوب الشرقي. تجربة كلها مطاردات واعتقالات. ماقبل الأخيرة مرزوق قال لضابط جزائري "إذا كان الحسن الثاني حكم علينا بالإعدام فأنتم تحكمون علينا بالموت" < كيف كنت تدبر شروط العيش في غياب دخل قار ؟ < لم يكن من السهل تدبر شروط العيش بمبلغ 100 درهم التي كما نحصل عليها من التنظيم، وهنا قررنا رفع تقرير من قبل اللاجئين الديمقراطيين إلى جبهة التحرير الجزائرية، لشرح معاناتنا والظروف الصعبة التي أصبحنا نعيش عليها، وقد سلمناهم التقرير الذي استعرض ومعاناة اللاجئين، في غياب العمل وبدون أوراق إقامة، ولا مساعدات. وأتذكر أنني خاطبت مسؤول الجبهة الذي كان ضابطا في الجيش، بالقول"إذا كان الحسن الثاني قد حكم علينا بالإعدام، فأنتم تحكمون علينا وعلى أسرنا كلها بالموت"، هذا التصريح أغضب عضو جبهة التحرير الذي نهض من مقعده، مستغربا لتصريحي، قبل أن نقنعهم بضرورة بحث الأمر بجد. بعد فترة، ستوفد الجبهة لجنة إلى وهران للنظر في ما أوردناه في التقرير، وبحث سبل تصحيح الأوضاع، وإمكانية تشغيل اللاجئين، لتدبر شروط العيش بكرامة. وقد وفر السي بختي، وزير المجاهدين آنذاك، إمكانية العمل بالنسبة إلى بعض المقاومين الراغبين في العمل، أمثال لحسن زغلول ومحمد نعيم، في الوقت الذي رفض البعض الفكرة. وقد عينت آنذاك موظفا بالصيدلية المركزية، حيث أبنت عن انضباط وجدية في العمل، في حين تخلى باقي الرفاق عن الفكرة بعد مدة. كانت مهمتي هي العمل على تكوين أطر في التعريب، وكنت أتقاضى آنذاك أجرا في حدود 800 دينار جزائري، ساهمت في تحسين شروط عيش الأسرة، وتعليم الأبناء، وهو العمل الذي قضيت به سنوات طويلة، إلى أن أصيب شقيقي مروزق المختار، المقيم بفرنسا بمرض السرطان، حيث كنت أضطر للسفر إلى فرنسا عدة مرات، ما اضطرني إلى طلب التقاعد النسبي، سنتين قبل بلوغي السن القانوني. < بعد التقاعد من الجزائر، كيف أصبحت حياتك في المنفى؟ < أحلت على التقاعد النسبي قبل انتهاء المدة القانونية سنة 1996، لأحصل على تقاعدي، وفي هذه الفترة، تفرغت لتعليم الأبناء، وملأت كل وقتي بالاهتمام بالأسرة، بعد أن أهملتها لسنوات، بسبب النضال والمقاومة والهروب المتواصل. وكان الشيء الوحيد الذي ربحته من كل تلك السنوات من النضال والمقاومة وأنواع التنكيل، هو تعليم الأبناء، حيث نجحوا في تخطي كل الظروف الصعبة، والحصول على شهادات عليا من الجامعات الجزائرية، قبل أن يعودوا إلى المغرب، حيث اشتغل عبد الفتاح في سيدي سليمان، قبل أن ينتقل إلى البيضاء، ويفتح عيادته في الطب العام، فيما اختارت كفاح الحاصلة على الدكتوراه في طب الأسنان، فتح عيادة خاصة بحي الفردوس بالبيضاء، أما إشراق، ففتحت محلا مختصا في البصريات. < كيف واجهت الحياة بعد العودة إلى المغرب؟ < كانت ظروف العودة إلى المغرب صعبة في غياب شروط العيش، حيث لا يكفي المعاش الذي أتقاضاه إلى اليوم، لتدبر متطلبات الحياة، لولا مساعدة الأبناء الذين واجهوا هم أيضا صعوبات في السنوات الأولى من العودة، بسبب مشكل معادلة الشهادات، وشروط تمويل عيادتيهما، وأواصل إلى اليوم السفر إلى الجزائر لزيارة ابنتي، التي مازالت تقطن بالشقة التي اكتريتها هناك. كانت العودة بالصعوبة نفسها التي كانت فيها مغادرة الوطن، هربا من الاعتقالات، فبعد 37 سنة، يجد الإنسان نفسه رفقة أفراد الأسرة بدون دخل قار وإمكانيات للعيش، والأكثر من ذلك، بدون مساعدة بعد العودة، في ظل الحديث عن المصالحة وإدماج ضحايا سنوات الرصاص. ولولا مساعدة ابنتي كفاح، التي التزمت بمبلغ شهري أنا في وهران، لما استطعت تدبر مبلغ اقتناء الشقة التي أقطن بها اليوم في البيضاء. أما أشواق الحاصلة على دبلوم مهندسة فيزيائية، تخصص بصريات، ففرض عليها قضاء خمس سنوات من العطالة، بسبب الصعوبات التي واجهتها في معادلة الشهادة، داخل الأمانة العامة للحكومة، قبل أن يتم حل المشكل بعد سنوات من الأخذ والرد. برحو بوزياني

صعوبة العودة من منفى 37 سنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محاولة قتل بالطريق السيار

مكالمتان بين العشيقين قبل القتل وبعده

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات