3 أسئلة

تعـدد فـي الــرؤى وليس تناقضا < كيف تقرأ الإدمان على العديد من «البليات» في رمضان، من قبيل المخدرات والشيشة والقمار وحتى الجنس؟ وهل لذلك علاقة بالصيام طيلة اليوم؟ < يمكن قراءة ما أسميته الإدمان على هذه الظواهر بردها إلى تحول في العادات وفي الزمن بحلول رمضان، أي أن هذه الظواهر موجودة على امتداد السنة، وما يوحي بالإقبال عليها في رمضان، هو أنه يجري تحويلها من النهار إلى ما بعد الإفطار. ففي نهاية المطاف، هناك احترام لطقس الصيام نهارا، وهو أمر يجب تسجيله في سلوك المغاربة. والوقت ذاته، يؤكد أن رمضان لا يقضي على مختلف الظواهر التي أشرت إليها في السؤال، لأنها عادات وانحرافات متوغلة في سلوك أصحابها وساهم فيها المجتمع، وبالتالي، فالعملية كلها، في رأيي، مجرد تحويل لزمن ممارستها من النهار إلى الليل، احتراما لإيقاع الشهر الفضيل. وعندما تتحول هذه البليات/ الظواهر من الزمن العادي طيلة السنة، إلى الاستمرار في رمضان، يبدو هناك نوع من التكثيف والتمركز حتى في ممارسة هذه الطقوس، وهو أمر عادي، لأن الزمن بعد الفطور قصير، مقارنة مع الأيام العادية، حيث لا يتعدى بضع ساعات مسموح فيها ممارسة تلك «البليات» المختلفة، كل حسب هواه. فخلال الساعات القليلة لما بعد الإفطار، تتكثف فيها كل تلك الطقوس، والتي تبدو صارخة وغير منسجمة مع طقوس التعبد والصيام والتدين، بالنسبة إلى المنظومة الأخلاقية والدينية التي تنظر إليها باعتبارها «موبقات» خارج السياق. وهنا أقول إن القراءات تتعدد بتعدد الرؤى، كما أن الاقتصار على الظاهر هو أمر خادع، في غياب الغوص في ما وراءه لفهم سلوك المجتمع في تعدده واختلاف سلوكات أفراده. < كيف تقرأ المزاوجة بين طقوس التدين من صيام وتعبد وأعمال الخير، والاستمرار في ممارسة «البليات»، هل هو نفاق اجتماعي، أم تعدد وفهم خاص للتدين؟ < أؤكد أن الأمر يتعلق بحريات الأفراد وبرؤيتهم إلى العالم، وليس شيئا آخر. فهناك فرق بين الرؤية إلى العالم وما بين التدين/ التعبد حتى لا تخلط بين الأشياء، فالمغاربة حريصون على ممارسة شعائرهم الدينية، وكما تلاحظ، فهناك إقبال على المسجد وأعمال الخير والإحسان والورع، وفي الوقت ذاته، لا يمكن إخضاع المجتمع برمته إلى إيقاع واحد، وهناك رؤيات متعددة إلى الحياة، وكيفية التمتع بها. إن المغاربة ليسوا دوغمائيين، وبالتالي يطبقون الدين وفق مستطاعهم وفهمهم. وحتى في الأيام العادية، ليس هناك تشدد في ممارسة الشعائر الدينية، فالمغاربة يؤمنون بمعتقدهم الإسلامي ويمارسون الشعائر وفق ما يقدرون عليه، وهنا لا نسمح لأنفسنا، بإطلاق أحكام في وصف هذه الممارسة، واعتبارها «نفاقا اجتماعيا وقلة دين» أو ما شابه ذلك. إن الأمر يتعلق هنا بأحكام مرتبطة بمنظومة فكرية منغلقة، لا علاقة لها بالإسلام السني والمذهب المالكي المتميز بالانفتاح والمرونة، والتي تشتغل من أجل استقطاب الناس إلى طروحاتها وفرض رؤيتها للعالم، وليس فقط لممارسة المعتقد. < يلاحظ تحول رمضان إلى شهر للإفراط في الاكل وفي الإدمان على الرياضة وارتياد المقاهي وتناول المخدرات...ما هو تفسيرك لهذا التضخم وغياب التوازن في سلوك المغاربة؟ < أعتقد أنه يجب استبعاد التناقض في فهم هذه الظواهر، لأن الأمر يتعلق باختلافات في السلوكات والتمثلات من قبل أفراد المجتمع، والتي تتكثف في شهر رمضان، الذي يتسم بالصيام وبالقيام، وأؤكد أن الأمر يتعلق بتعدد في أنماط ممارسة الحياة سواء في رمضان أو غيره، وربما المتغير الوحيد في رمضان، هو ما قلته في السؤال من حيث الإفراط في الأكل والتشهي، أما غير ذلك، فالأمور طبيعية وعادية. صحيح قد تتغير بعض الممارسات، وتطغى على السطح أكثر من غيرها، إلا أن هناك امتدادات لسلوكات وممارسات الناس للحياة، مع الأخذ بعين الاعتبار متغير رمضان. والدليل على ذلك، هو أنه بعد انقضاء الشهر الفضيل، تعود الحياة إلى طبيعتها المألوفة، بكل حمولاتها المتنوعة والمتعددة الرؤى وأنماط التفكير وطقوس التعامل الاجتماعي. أجرى الحوار: برحو بوزياني أحمد شراك: أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد بنعبد الله بفاس

3 أسئلة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فئران تجارب لكشف سر تسمم أسرة ورزازات

تأييد الأحكام في ملف عمارة سباتة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات