مولاي رشيد … تجفيف منابع الجريمة

المنطقة تستعيد عافيتها الأمنية بعد أن كانت بؤرة سوداء بعد تعيين سعيد آيت التومي رئيسا جديدا لأمن مولاي رشيد بالبيضاء، شهدت المنطقة تغييرا جذريا في الحرب على الجريمة، بعد أن كانت تعد من البؤر السوداء بالبيضاء، وساهمت هذه اليقظة في تجفيف منابع الجريمة والقضاء على نشاط عصابات روعت السكان ليل نهار، رغم الإمكانيات المادية والبشرية المحدودة. كانت بداية هذه الحملات، والتي ساهمت فيها مختلف المصالح الأمنية من رجال الشرطة القضائية وعناصر الصقور والأمن العمومي، بإعلان الحرب على تجار المخدرات والأقراص المهلوسة، وتلتها مقاهي الشيشة، وانتهت بمداهمة منازل مبحوث عنهم في مجال السرقة بالعنف، مع جولات أمنية بالشوارع المهمة على مدار الساعة، ساهمت في اعتقال عدد من الجانحين متلبسين بالسرقات. إلى جانب محاربة الجريمة، شهدت مصلحة المرور، انتعاشة في عمل طاقمها، وصرامة في التعامل مع تهور السائقين وتورطهم في مخالفات السير، إذ في مارس وأبريل فقط بلغت قيمة الغرامات الناتجة عن حوادث السير 73 مليونا، في حين لم تتجاوز في يناير الماضي سوى تسعة ملايين. الحرب على المخدرات تحولت منطقة مولاي رشيد فترة طويلة، قبلة لعدد من مروجي المخدرات، من أغلب المناطق البيضاوية بعد تشديد الخناق عليهم، مستغلين وجود فراغ أمني وقتها لترويج سمومهم. ونجح المروجون الجدد في وضع قدم بكل من أحياء مولاي رشيد والهراويين، وأقنعوا شبابا عاطلين عن العمل بالاشتغال معهم، مراهنين على كبر مساحة هذه الأحياء وخضوع بعضها لنفوذ الدرك كما هو الأمر بالهراويين، ما يسهل عملية الفرار في حال تمت ملاحقتهم من قبل الشرطة. لكن في الفترة الأخيرة، صعدت عناصر الشرطة من حملاتها الأمنية، مستعينة بمخبرين جدد، فكانت النتائج، حملات تطهير واسعة لم تشهدها المنطقة من قبل، أسفرت عن سقوط كبار المروجين للمخدرات والأقراص المهلوسة، في حين اضطر آخرون إلى الفرار إلى مناطق مجارة أو مدن أخرى بعد أن صدرت في حقهم مذكرات بحث وطنية. وتكشف لغة الأرقام، مدى النجاعة الأمنية في محاربة ترويج المخدرات، إذ في مارس، نجح أمن مولاي رشيد في اعتقال 77 تاجرا للمخدرات بجميع أصنافها، وحجز أزيد من 14 كيلوغراما من مخدر الشيرا، و747 قرصا مهلوسا، إضافة إلى أزيد من 13 كيلوغراما من الكيف والتبغ المهرب. وتواصلت هذه الحملات بقوة في أبريل الماضي، إذ أطاحت الشرطة بـ49 تاجرا جديدا للمخدرات، وحجزت ستة كيلوغرامات من مخدر الشيرا، و961 قرصا مهلوسا، و4233 سيجارة مهربة، وكيلوغراما من مخدر المعجون وأربعة كيلوغرامات من الكيف ومسحوق الطابة. هذه الصرامة الأمنية، دفعت بعض مروجي المخدرات، ممن فضل البقاء بالمنطقة، إلى ابتكار حيل لتضليل الشرطة، بالاستعانة بأطفال وقاصرين وحتى نساء لترويج سمومهم، إلا أن يد العدالة سرعان ما تطولهم. مقاهي الشيشة... المداهمات من أكبر المشاكل التي تعانيها منطقة مولاي رشيد بالبيضاء، انتشار مقاهي الشيشة، إذ رغم الحملات الأمنية عليها، إلا أنها ما زالت تواصل نشاطها، بل الأكثر من ذلك، تحول بعضها إلى مقر أفراد عصابات، يخططون داخلها لتنفيذ الجرائم. تطرح هذه المقاهي إشكالات عديدة، إذ كل مسؤول بالمنطقة يدعي أنه غير مختص بإغلاقها، وهو ما يزيد الوضع تعقيدا، سيما أنه صار من روادها قاصرون، وفسحت مقاه أخرى، المجال لممارسات مشينة، وصلت إلى حدا لسماح لروادها بتعاطي المخدرات وممارسة الجنس. لكن في الفترة الأخيرة، لوحظ ارتفاع في الحملات الأمنية على مقاهي الشيشية، إذ تمت مداهمة 12 مقهى بالمنطقة، كما تم حجز 10 كيلوغرامات من «المعسل»، وأزيد من 300 نرجيلة. لكن كما يقال رب ضارة نافعة، فإنه رغم الأثر السلبي لهذه المقاهي على المنطقة، بحكم أنها تحرض الشباب على احتراف الجريمة لتوفير المال لتدخين «الشيشة» ومجالسة المومسات، إلا أنها ساهمت بشكل كبير في الإيقاع بأفراد عصابات، إذ تستغل الشرطة وجودهم داخل مقاه معينة، فتداهمها، للإيقاع بأكبر عدد منهم، إذ بلغ عدد الموقوفين 173 مبحوثا عنهم، أحيلوا على النيابة العامة المختصة. تضحيات رغم الحضور الأمني الوازن، إلا أن منطقة مولاي رشيد تشهد حالات معزولة لمتهمين يثيرون الفوضى والرعب، ما يدفع العناصر الأمنية إلى التدخل في الحال لاعتقالهم، ما يجعلهم أمام مواجهة شرسة معهم، أسفرت في مناسبتين عن إصابة شرطيين بجروح خطيرة. كانت البداية عندما وجد عنصرا فرقة الصقور نفسيهما محاصرين من قبل أصدقاء جانح بحي مولاي رشيد، إذ أشهر المتهم سلاحه، وهدد إياهما بطعنهما، وما زاد من احتقان الوضع، أن أصدقاء المتهم، وأبناء الجيران، حاولوا نصرته في مواجهة الأمنيين، فاضطرا إلى إشهار سلاحيهما الوظيفيين، انتهى بإطلاق رصاصتين، استقرت إحداها في رجل المتهم. تهديدات المنحرفين لم تثن عناصر الشرطة القضائية لمولاي رشيد وباقي عناصر المصالح الأمنية بالمنطقة، إذ ما زالت الحملات متواصلة للحد من الجريمة بهذه المنطقة، والتي تقلصت بشكل تدريجي رغم الصعوبات التي تعترض مهمتها، بحكم قلة الإمكانيات المادية والبشرية، مقارنة مع شساعة المنطقة وكثافتها السكانية، والاكتظاظ الكبير. القضاء على العصابات اشتهرت منطقة مولاي رشيد بارتفاع السرقات بالعنف في الشارع العام، إذ لا يمر يوم دون أن تسجل أزيد من ست حالات سرقة في حق الضحايا سواء في الصباح الباكر أو المساء. هذه العمليات استهدفت على الخصوص التلاميذ والعاملات بالحي الصناعي، والتجار المتوجهين إلى سوق الجملة للخضر والفواكه والسمك والمجزرة الكبيرة. أغلب المتورطين في هذه السرقات، نفذوا جرائمهم في إطار عصابات، تتكون في مناسبات من أزيد من 10 أشخاص، من بينهم، فتيات مدمنات على المخدرات. اعتبر شارع العقيد العلام وعبد القادر الصحراوي وإدريس الحارثي، في السابق من البؤر السوداء، إذ يوميا يتعرض المارة للسرقات بالعنف، تنفذ بدراجات نارية، إذ رغم الحملات الأمنية، لم تنجح في الحد من هذه الظاهرة. لكن بتعيين آيت تومي رئيسا للمنطقة الأمنية، ومسؤولين جدد على رأس الشرطة القضائية، تم وضع خطة محكمة عجلت بمحاربة هذا النوع من الجرائم في المهد، راهن فيها الرئيس الجديد أنه ابن منطقة مولاي رشيد، وعالم بكل خباياها. أساس هذه الخطة شن ضربات استباقية لأفراد العصابات، عبر جمع معطيات حولهم، ما جعل الشرطة تعتقلهم في منازلهم أو داخل مقاه مخصصة للشيشة، أي قبل شروعهم في ترويع المواطنين. هذه الحملات، شاركت فيها مختلف المصالح الأمنية، شرطة وصقورا وقوات الأمن العمومي، إذ في سابقة بالمنطقة أوكلت مهمة الإشراف على الدوريات الليلية لأربع سيارات للشرطة، بعد أن كان العدد محصورا في واحدة في وقت سابق، وتشمل هذه الحملات جميع الأحياء الهامشية لمولاي رشيد، التي صارت مؤمنة، ساهم فيها إصلاح شبكة الإنارة عبر وضع المصابيح الوامضة والسطحية، كما أسندت لفرقة الدراجين توفير تغطية شاملة بهذه الأحياء، فكانت النتائج جد إيجابية، إذ ما بين مارس وأبريل الماضيين نجحت قوات الأمن العمومي في فك لغز 306 سرقات واعتقال المتورطين فيها، أغلبهم اعتقل في حالة تلبس. هذا الانتشار واليقظة ساهما في تراجع كبير لمستوى جرائم السرقة بالمنطقة، إذ سجلت في أبريل 80 سرقة، بعد أن بلغ عددها في مارس 128، أي أن نسبة التراجع بلغت 47.80 في المائة، ويراهن مسؤولو أمن مولاي رشيد على أن تزيد هذه النسبة في التراجع في الشهور المقبلة. هذا الرهان كشفت عنه أرقام الحملات الأمنية التي صارت شبه يومية بالمنطقة، إذ في مارس وابريل ألقي القبض على 17486 شخصا، خضع منهم 14697 لتحقيق الهوية، قدم منهم للنيابة العامة المختصة، 3556 ، من بينهم 739 مبحوثا عنهم بمذكرات بحث محلية ووطنية لتورطهم في جرائم على رأسها السرقات بالعنف والمخدرات. مصطفى لطفي

مولاي رشيد … تجفيف منابع الجريمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كواليس رشوة 50 مليونا

باعة متجولون يبدعون حلولا لمعضلتهم

مقالات ذات صلة