واقعية

فتح القرار 2351 الذي صادق عليه مجلس الأمن بإجماع أعضائه، نهاية الأسبوع الماضي، مرحلة جديدة في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء، تحمل بصمات واقعية سياسية بدأها الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وكرسها الساكن الجديد للبيت الأبيض، دونالد ترامب. وبدأ الرجلان في فك شفرة شعارات من زمن الحرب الباردة، ظلت تستعملها الجزائر لخدمة أجندة حسابات دولية، إذ لم تعد حيلة الدفاع عن الحركات التحررية تنطلي على المنتظم الدولي، خاصة أن الأمين العام للأمم المتحدة، المندوب السامي السابق لشؤون اللاجئين، يدرك جيدا خيوط عملية الابتزاز التي تتورط فيها الجارة الشرقية منذ أربعة عقود. ولا يبدو أن الرئيس ترامب أقل حرصا من غوتيريس على اقتفاء أثر الحلول الممكنة، فقد خيبت وثيقة مشروع القرار، الذي تقدمت به ممثلة الولايات المتحدة بمجلس الأمن، آمال خصوم الوحدة الترابية في العودة بالملف إلى الوراء، من خلال محاولة إشعال فتيل الحرب وإعطاء الانطباع بأن المنطقة بؤرة توتر لن تخمد نيرانها إلا باعتماد الشروط الجزائرية. رحب القرار بالجهود «الجدية وذات المصداقية» التي يبذلها المغرب من أجل المضي قدما نحو تسوية نهائية للنزاع، في إشارة إلى الحكم الذاتي الذي أصبح يلاقي الدعم المتزايد في مجلس الأمن والأمم المتحدة وحتى في الاتحاد الإفريقي. لم يكن القرار ضربة موجعة لبوليساريو فقط، بل أعاد الجزائر إلى حقيقة حسن الجوار، وحملها المسؤولية صراحة، عندما طالبها بضرورة إحصاء سكان المخيمات، والمساهمة الإيجابية في التوصل إلى حل سياسي بدون شروط مسبقة، وذلك في إشارة إلى أسطوانتي تقرير المصير وتصفية الاستعمار، التي لم يعد لها مكان في ملف جرت مياه كثيرة تحت جسوره. لقد فهمت الجزائر الرسالة ولم تجد بدا من سحب مليشياتها المسلحة «جبهة بوليساريو» من المناطق العازلة، واختفت فجأة كلمات المناطق المحررة من بلاغاتها الرسمية، وخفتت أصوات طبول الحرب التي دقها «سعيد شنقريحة»، قائد المنطقة العسكرية الثالثة لتندوف وبشار. تمكن المغرب من مجاراة مرحلة عصيبة زمن الثلاثي كريستوفر روس، المبعوث الشخصي السابق إلى الصحراء، وبان كي مون، سلف غوتيريس وباراك أوباما، الساكن السابق للبيت الأبيض، وسيكون على المغرب أن يحسن التعامل مع ثلاثي آخر تجمع بين أفراده خصلة الواقعية ويوحدهم رفض العقد الإيديولوجية، إذ لن تتكرر فرصة تصادف أمين عام للأمم المتحدة خبر لعبة المخيمات، ورئيس أمريكي يرفض لغة الابتزاز، ومبعوث شخصي من عيار رئيس ألماني سابق.

واقعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الصباح

أخنوش: لن ننتظر إلى 2021

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات