نامي اختيار العزوبية … الأطفال المشكل الأكبر لـ”العازبات”

شباش اختصاصية العلاج النفسي والجنسي أكدت تنامي اختيار العزوبية رغم أحكام المجتمع المسبقة شددت أمل شباش، اختصاصية في العلاج النفسي والجنسي، على ضرورة القطع مع استعمال مفردات من قبيل "عانس" أو "عنوسة"، لأنها تحمل خلفية سلبية وتنطوي على أحكام مسبقة سلبية أيضا على حالة اجتماعية، وتعكس في اللاوعي الاجتماعي شخصا يعيش مأساة حقيقية، ومعرضا للاكتئاب، وإنسانا فاشلا في الحياة عموما. وأوضحت أنه علاقة بهذا الموضوع، توجد فئتان عامتان، الأولى تمثلها نساء، أصبحن يخترن يوما بعد آخر عدم الارتباط في علاقة زوجية، رغم إمكانيات الزواج التي تطرح أمامهن، مقابل فئة ثانية من النساء يرغبن في الزواج، لكن فشلن في تحقيق ذلك، منبهة إلى أنه لا يمكن جمع الفئتين في "السلة ذاتها"، لأن لكل منهما مميزات وظروفا خاصة. تفاصيل أخرى عن الأسباب التي تدفع بعض المغربيات إلى اختيار العزوبة وكيفية مواجهة المجتمع ونظرة الأخير إليهن، وانعكاساتها على حالاتهن النفسية في الحوار التالي: < هل ما زال المجتمع يرى بالنظرة ذاتها ويطلق الأحكام نفسها على المرأة "العانس"، سواء كان ذلك باختيارها أم لا؟ < بداية أفضل الحديث عن المرأة "العازبة"، بدل مصطلح "عانس". وعموما سواء كانت المرأة اختارت بشكل ذاتي أن تعيش حياة العزوبية، أو وجدت نفسها مضطرة لمثل هذا الوضع، المجتمع لا يفرق بين الفئتين، لأن الأشخاص عموما لا يرون إلا النتائج والظاهر. الأخيرة يتم عكسها على مجموعة الأحكام التي يضعها المجتمع نفسه سلفا، علما أن المجتمع له انتظارات واعتقادات ونمط رغم أنه قديم، إلا أنه مازال سائدا، ويعتبر أساس السلوك الطبيعي. وعليه فإن المجتمع يعتبر أن المرأة غير المتزوجة، هي امرأة منبوذة رفضها الجميع لعيب فيها، لا يدركون ولا يمكنهم حتى وضع احتمال واحد أن الوضع الذي هي عليه ناتج عن اختيارها وقناعاتها الشخصية، بل إنهم يصرون على اعتقادهم الخاطئ أنها "ما كرهاتش غير ماجابش الله". في المقابل، هناك العديد من الحالات التي تفد على عيادتي أسبوعيا لنساء، في عقدهن الرابع، اخترن حياة العزوبية وقررن عدم الارتباط. في الغالب هن مقتنعات بخيارهن لكن المشكل الذي يطرح أمامهن يكمن في أحكام المجتمع عليهن، والضغوطات التي تفرضها العائلة والأسئلة التي لا تنتهي حول أسباب عدم الزواج التي تحيل على أحكام ب"الفشل" في الحياة لأنها لم تتزوج، علما أن الحياة أو النجاح فيها غير مرتبط مطلقا بالزواج. ومن جهة أخرى، تعاني هاته الفئة من نظرة الشفقة التي تحيط بهن وعبارات "مسكينة ما عندها زهر"، وبالتالي يصعب عليهن العيش بارتياح في ظل هذا الكم من الأحكام المسبقة، تساعد على تحديدها طريقة التنشئة والتربية التي تلقن للفتيات منذ سن مبكرة. < ما الذي يدفع بعض النساء إلى اختيار حياة العزوبية؟ < لا يمكن تعميم أو سرد جميع الأسباب والعوامل، بل فقط مقاربة أكثرها وجودا بالمجتمع المغربي. ففي أغلب الحالات يكون هذا القرار أو الاختيار مقترنا بأن صاحبته كانت شاهدة على أن الزواج تجربة تنطوي على العديد من المشاكل والمشاحنات والعذاب في نهاية المطاف، إما أن والديها كانا في حالة خصام دائم، أو لديها نموذج أو صورة سلبية جدا عن الزواج، يمكن أن تتبلور من خلال مجموعات شبكات التواصل الاجتماعي التي أصبحت مختصة في عرض مشاكل الزوجات. وبالتالي كلما كانت الفتاة على اطلاع كبير، بل تعيش مشاكل الزواج، ولا ترى إيجابياته، بل فقط السلبيات، كلما اختارت عدم الزواج. ويمكن أن يكون هذا القرار، رغبة من صاحبته في عدم خضوعها، وفق ما تتصوره لتحكم الزوج وتدمير شخصيتها، وهناك من ترى في الزواج سجنا، استنادا إلى تجارب سبق أن شهدتها لمقربين منها، وبالتالي تعتبر أن عدم الزواج، هو في هذه الحالة مرادف للحرية ولحياة سعيدة آمنة، تكون فيها هي سيدة أفعالها والمقرر الوحيد فيها. وهناك فئة ثالثة تختار عدم الزواج لأنها تعتبر نفسها مسؤولة عن وضع اجتماعي خاص، إما أن الأسرة فقدت الوالدين أو أحدهما، أو أنها المعيل الوحيد، وبالتالي تضحي بنفسها للقيام بأدوار ليست مجبرة عليها، وتعتبر أنها في حالة الزواج لن تتمكن من الالتزام بالأدوار التي رسمتها لنفسها. صحيح أن هذه الفئة يمكنها تغيير رأيها إذ انتفت هذه العوامل. < ألا يمكن اعتبار هذه الفئة الأخيرة ضمن نساء أرغمن على حياة العزوبية؟ < لا أبدا، فهذه الفئة هي التي تختار الوضع الذي هي عليه، وتختار أيضا رفض طلبات الزواج، ليس مثل من ترغب في الزواج ولا تجد من يرتبط بها، الأمر مختلف كليا، لأنه في الحالة الأولى يمكنها العودة والتراجع عن قرارها متى أرادت هي ذلك. أريد أيضا الإشارة إلى فئة أخرى تختار العزوبية، تمثلها النساء اللواتي يكرهن الرجال عموما، إما لسوء علاقاتهن بآبائهن، وربما لأنهن صدمن بفشل العديد من العلاقات في فترة المراهقة، أي عموما يكن فاقدات للثقة في الرجال. في المقابل، هناك، كما ذكرت نساء مرغمات على حياة العزوبية، صحيح يردن الارتباط في علاقة زوجية، لكن ذلك لم يتم، لعدة أسباب من بينها عدم إيجاد الشخص الذي يفكر جديا في الارتباط، أو أن سقف انتظاراتهن عال جدا، يجعل من الزواج غير ممكن. < ألا تعتقدين أن هذه الفئة من النساء تكون ضحية سهلة لشبكات تنشط في النصب على النساء واستغلالهن؟ < صحيح لأنهن في نهاية المطاف هن كائنات بشرية، تشعر بالوحدة، وبأن لا أحد يفهمهن. وكجميع البشر فهن محتاجات للحب والاهتمام. هذه الحالة تعرضهن للوقوع ضحية شبكات، خاصة أنهن في حالة "خصاص عاطفي"، علما أن هذه الحالة ليست حكرا فقط على النساء العازبات، بل حتى المتزوجات، اللواتي يقعن ضحية من يستغل الغياب العاطفي والجسماني للزوج فيوقع الزوجة في علاقة غرامية. أطفال خارج إطار الزواج < ماذا عن الحالة النفسية التي تكون عليها النساء في هذا الوضع؟ < هنا أيضا يجب التمييز بين المخيرات والمرغمات، إن كن جميعهن يعانين إجمالا أنواعا بسبب الاكتئاب جراء نظرة المجتمع كما قلنا مسبقا، وبالتالي إذا كانت هناك من رسالة يجب إيصالها، فهي ستكون أكيد التوقف عن الحكم على الأشخاص واتخاذ القرارات بدلهم واهتمام كل فرد بحياته الخاصة. ذلك أن جميع فئات النساء العازبات، يعانين أساسا بسبب نظرة المجتمع، علما أن المرغمات منهن يعشن معاناة مضاعفة، لأنهن يعتبرن أنفسهن المسؤولات عن الوضع، أو في أقل الحالات، يقللن من شأنهن وينفرن من ذواتهن لأن لا أحد تقرب منهن أو أبدى مشاعر لهن. نظرة المجتمع الأكثر قساوة هي نظرة الأسرة أولا ونظرة زملاء العمل لأنهم أكثر الناس الذين تراهم وتعيش معهم المرأة العازبة. صحيح هناك بعض الحالات نجحت في جعل بعض من محيطها يتقبل الفكرة، لكن غالبية المجتمع ينبذ هذا الوضع لأنه يرى أن الطبيعي والأصل هو أن تنجح المرأة في الزواج وإنجاب أطفال. رغم ذلك يبقى المشكل الحقيقي الذي يواجه المرأة العازبة، سيما من اختارت ذلك، وما يؤلمها أكثر هو عدم القدرة على الإنجاب واحتضان أطفالها، لأن طبيعة المرأة تتماشى مع وضع الإنجاب. وبالحديث عن الإنجاب فنحن نتحدث أيضا عن الممارسات الجنسية، التي تختلف من فتاة لأخرى، حسب قناعات وطريقة تفكير وتربية كل شخص، ففي الوقت الذي لا تجد بعضهن حرجا في ممارسة حياتها الجنسية بشكل طبيعي، ضاربة عرض الحائط الدين والأعراف، تفضل فئة أخرى الالتزام بالقواعد الدينية والقوانين والأعراف، التي تمنع على المرأة المغربية إنجاب أطفال خارج إطار الزواج، علما أن هؤلاء النساء، يمكنهن في بعض الحالات الاهتمام بأطفال قريب لهن، لتعويض هذا النقص. غير أن المشكل مرة أخرى يكمن في أن العائلات ترى في المرأة العازبة شخصا خلق لمساعدة وخدمة الآخرين وتحمل عدة مسؤوليات لأنها "مسالية وماعندها ما يدار"، وهو أمر غير صحيح لأن هذه المرأة لها حياتها الخاصة، علما أن الحياة لا تعني، أيضا، الزواج فقط. في سطور - طبيبة مختصة في العـلاج النفسي والجنسي - حاصلة على شهادة في علم النفس السريري والطب السلوكي - لها إصدارات علمية من بينها "الأزواج العرب في القرن 21" - تشارك في برامج إذاعية وتلفزيونية حول مشاكل الأزواج أجرت الحوار: هجر المغلي

نامي اختيار العزوبية … الأطفال المشكل الأكبر لـ”العازبات”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ظل رجل أو لا ظل حائط

مواجهات مع الأمن بفرنسا بعد إعلان نتائج الانتخابات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات