إشعـاع إفريقيـا مـن العاصمـة

المؤسسة الوطنية للمتاحف تحتفي فنيا وثقافيا بالقارة السمراء تحتضن الرباط من تاسع وعشرين مارس الجاري إلى ثامن وعشرين أبريل المقبل تظاهرة «إشعاع إفريقيا من العاصمة»، إذ سيكون الجمهور على موعد مع برنامج مكثف من الأنشطة الثقافية. وكشف مهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف والمؤسسة المكلفة بالتنسيق بين مختلف فعاليات هذه التظاهرة، عن البرنامج الذي سيتضمن 36 لحظة قوية ومتعة وبحوالي 18 فضاء، وذلك مجانا، والذي في إطاره سيتم تنظيم معارض تشكيلية ومواد تراثية وحفلات موسيقية وأفلام سينمائية ومؤتمرات وفنون حضرية. ويأتي تنظيم هذه التظاهرة، حسب مهدي قطبي، تماشيا مع روح الخطاب الملكي السامي، الذي ألقاه جلالته أمام المشاركين في القمة الثامنة والعشرين للاتحاد الإفريقي وستعمل على تكريم مختلف الفنون والأشكال التعبيرية بالقارة الإفريقية. في هذا الخاص تسلط «الصباح» الضوء على مختلف أبعاد التظاهرة التي تحتفي بالقارة السمراء وأبرز المواعد فيها، والشخصيات التي ستؤثثها. دلمي والعلوي وسيديبي... صور بطعم الوفاء من الفقرات المميزة خلال التظاهرة هناك الفقرة المتعلقة بتكريم فنانين غيبهم الموت في فترات متقاربة، ووحد بينهم عشق الصورة والسعي وراء التقاط مواضيعها بشد الرحال إلى أماكن بعيدة في العالم. ويحضر الفنان والمصور الفوتوغرافي الراحل عثمان دلمي، الذي غيبه الموت في دجنبر الماضي إثر حادثة سير بالهند خلال إنجازه ربورتاجا للصور الفوتوغرافية هناك، من خلال مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي أنجزها تحت تيمة «موسيقيو الحال» ستعرض بمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالعاصمة. وحصل دلمي على دبلوم في الإعلام والتواصل ناله من العاصمة الفرنسية باريس، إذ امتهن بدوره الصحافة سيرا على درب والديه عبد المنعم دلمي ونادية صلاح مالكي المجموعة الإعلامية «إيكوميديا» التي تصدر يومية «الصباح» و»ليكونوميست» وإذاعة «أطلنتيك». كما تحضر المصورة الفوتوغرافية ليلى العلوي من خلال تشكيلة من الصور الفوتوغرافية التي تنتظم تحت موضوع «المغاربة»، وهو الموضوع الذي سبق أن اشتغلت عليه المصورة الراحلة في أكثر مناسبة وبطرق مختلفة. وشاءت الأقدار أن ترحل العلوي ضحية شغفها بفنها ومهنتها، إذ كانت أحد ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف العاصمة البوركينابية واغادوغو في يناير من السنة الماضية، إذ سافرت إلى هناك من أجل التقاط صور لصالح منظمة العفو الدولية، وقد تصادف وجودها بالمطعم مع اللحظة التي اقتحمه فيها الإرهابيون في الهجوم الذي تبناه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وخلّف مصرع أزيد من ثلاثين شخصا. واشتهرت العلوي بأعمالها في مواضيع التنوع الثقافي والهوية والهجرة، وقد كانت دائمة التنقل بين المغرب ولبنان وفرنسا، كما نظمت خلال الأشهر الأخيرة معرضًا فوتوغرافيًا جمع صور أربعين شخصية مغربية، فضلًا عن نشرها أعمالها الفوتوغرافية في عدة مجلات وصحف عالمية، منها نيويورك تايمز، زيادة على عملها في تصوير المشاهير، ومنهم النجم البرازيلي نيمار. أما الاسم الثالث الذي يحضر في فقرة التكريم فهو المالي مالك سيديبي الذي غيبه الموت في أبريل الماضي عن سن 80 عاما إذ اشتهر بصور الأبيض والأسود، التي التقطها لشباب مالي في الستينات والسبعينات. كما يعتبر النقاد أن صوره لمالي في مرحلة ما بعد الاستعمار ساعدت الناس على التعرف على هذه الدولة، الواقعة في غرب إفريقيا، من زاوية مختلفة. وفي 2007، أصبح أول إفريقي يفوز بجائزة الأسد الذهبي عن إنجازاته على مدار حياته في بينالي البندقية. التشكيل بأوجه متعددة يشكل المعرض التشكيلي المعنون «حضور مشترك» واحدا من الفقرات المركزية التي تراهن عليها التظاهرة في شقها التشكيلي، وهو المعرض الذي يحتضن لوحات لكل من الفنان الفرنسي من أصل تونسي وهيب شحاتة والفنان الفرنسي من أصل كونغولي كوكا نتادي. وتعرض أعمال الفنانين بالفضاء المتحفي والفناء الخارجي لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، إذ تم احتضان هذين الفنانين من قبل مؤسسة «مونتريسو» ويعتبران ضيفين بإقامة فناني الحديقة الحمراء بمراكش. وسيكشف التونسي وهيب شحاتة، المستقر بمالي منذ ثلاث سنوات، عن تشكيلة فنية اختار لها شعار «سلسلة النهضة» يحضر فيها التشكيل والتصوير الفوتوغرافي، تتجاور فيها المرجعية التاريخية لتاريخ الفن مع الحضارة الإفريقية الأكثر إشراقا وهو ما يسعى هذا الفنان إلى إبرازه عبر مجموعة من الصور الفوتوغرافية. أما كوكا نتادي وهو فاعل بحركة الهيب هوب، وخريج مدرسة الفنون الجميلة فضلا عن تعلقه الخاص بثقافة الرحل، فقد عمل على استثمار هذه المعطيات ليبدع أعمالا تجمع بين الصورة والنص، ويتساءل من خلال لوحاته عن الهوية والازدواجية. وسيسعى نتادي، من خلال أعماله المقدمة خلال التظاهرة، إلى استعادة أربع سنوات من البحث التصويري في موضوع محاربي البانتو، وهي خلاصة لعدد من المحطات الفنية التي شارك فيها الفنان الإفريقي، منها إقامة الحديقة الحمراء بمراكش وبينالي دكار بالسنغال وغيرها. مهرجان المدارس السينمائية يتمثل البعد السينمائي للتظاهرة من خلال مهرجان المدارس السينمائية والسمعية البصرية لإفريقيا الذي تنظمه المؤسسة الوطنية للمتاحف بشراكة مع المركز السينمائي المغربي ووزارة الاتصال والمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما في الفترة ما بين 10 و15 أبريل المقبل. وسيتم عرض العديد من الأفلام الإفريقية ضمن مسابقة أفلام المدارس، كما سيتم تنظيم دروس وموائد مستديرة. وفي يوم الافتتاح سيخصص تكريم للعديد من الأسماء الإفريقية الرائدة في مجال الفن السابع مثل المغربي سهيل بنبركة والبروكينابي غاستون كابوري والمالي بيير ياميوغو. ويشارك في التظاهرة أحد عشر فيلما تمثل دولا مختلفة منها تشاد وبوركينا فاسو والسنغال والكونغو ومدغشقر والكامرون وإثيوبيا وجنوب إفريقيا. موسيقى بألوان القارة السمراء تفرد التظاهرة جانبا خاصا بالحفلات الموسيقية الموزعة على العديد من الفضاءات، منها فضاء فيلا الفنون بالرباط الذي سيحتضن أربع حفلات موسيقية الأولى يوم 7 أبريل المقبل بمشاركة المجموعة الإفريقية «كيسوني سيسي» وحفل 14 أبريل المقبل الذي تحييه المجموعة الفولكلورية السنغالية «أفريكا بيكي»، أما الفنان الكناوي المغربي مجيد بقاس فيقدم يوم 21 أبريل عرضا فنيا بعنوان «المشروع الإفريقي» يجمع فيه بين فنانين من البنين وكوت ديفوار والمغرب وتونس، إضافة إلى حفل آخر لمجموعة «الوحدة الإفريقية» وهي ائتلاف يجمع موسيقيين من جزر القمر والمغرب. كما يحتضن مسرح محمد الخامس بالرباط السهرة الافتتاحية للتظاهرة يوم 28 مارس الجاري بمشاركة مجموعة «جوكو» وهي فرقة موسيقية خماسية تشكل حلقة وصل ما بين المغرب والسنغال والموزمبيق والكوت ديفوار منهم المغربيان بوحسين فولان والمهدي ناسولي والإيفواري علي كيتا والموزمبيقي تشيلدو توماس والسنغالي سيكا سيك. ويحضر الفنان المغربي عزيز سحماوي خلال الأمسية الختامية يوم 28 أبريل المقبل، بالفضاء نفسه، وهو أحد مؤسسي الأركسترا الوطنية باربيس بفرنسا، خلال التسعينات، ويواصل حاليا الاشتغال ضمن تجربة موسيقية جديدة تنهل من فن كناوة والجاز والشعبي والهيت الإفريقي. التفكيـر بصيغـة الجمـع يحضر الجانب الفكري خلال تظاهرة «إشعاع إفريقيا من العاصمة» عبر مجموعة من الندوات الفكرية والأدبية المبرمجة، خاصة الفقرات المنظمة بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وأكاديمية المملكة المغربية والوكالة المغربية والجامعة الدولية للرباط. ويحتضن متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر في 6 أبريل المقبل، يوما دراسيا حول «التراث المشترك لإفريقيا» ستقدم فيه العديد من المداخلات من قبل أساتذة وباحثين ومختصين في الشأن الإفريقي. وسيقدم عالم الآثار البوركينابي سيساو آلان جوزيف مداخلة في موضوع «نبذة عن التراث المشترك للمغرب وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء، حالة الأدب والفن والثقافة والهندسة»، فيما سيناقش المالي عبد القادر حيدرة موضوع «العلاقات الثقافية بين المغرب وتومبوكتو ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر وأثرها على الإنتاج العلمي لتومبوكتو»، إضافة إلى مداخلة السنغالي كا ثييرنو، مدير المعهد الإسلامي لدكار، في موضوع «دور الأدب الروحي في التعاون ما بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء.. السنغال نموذجا». أما الباحث الموسيقي المغربي أحمد عيدون فيتطرق إلى موضوع «الإيقاع... العنصر المحوري بعلوم الموسيقى المقارنة ما بين المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء»، فيما سيلتقط الباحث المغربي عبد العاطي لحلو «بعض مظاهر التراث الثقافي الشعبي لبلدان شمال غرب إفريقيا»، بينما يناقش الباحث أحمد شكري «الأبعاد الحضارية للمغرب العربي الإفريقي» ويتطرق الباحث يحي أبو الفرح «دينامية التحول المغربي ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء». وفي 13 أبريل يحتضن مدرج متحف محمد السادس للفن لقاء، طيلة اليوم من العاشرة صباحا إلى السادسة مساء، موضوع «إفريقيا تتحرك: الهجرة والشتات والحركية» بمشاركة مجموعة من الباحثين والمهتمين بالموضوع. ويحضر الأدب من خلال تظاهرة «أصوات نسائية»، في 20 أبريل بمدرج متحف محمد السادس، بمشاركة أديبات وشاعرات من قبيل الرواندية سكولاستيك موكاسونكا والسنغالية خادي هان، والمغربية ليلى أبو زيد والتونسية رابعة عبد الكافي والمصرية ميرال الطحاوي والإيفوارية فيرونيك تادجو والكاميرونية ليونارا ميانو والنيجرية هيلين أوييمي والجزائريتين وسيلة تمزالي وميساء باي وأخريات. كما تشرف أكاديمية المملكة المغربية على تنظيم لقاء تكريمي، في 27 أبريل، بعنوان «على خطى ليوبولد سيدار سينغور» الذي يعد واحدا من الشخصيات الإفريقية المعروفة وهو مؤسس حركة الزنوج في عشرينات القرن الماضي وشاعر وأول رئيس لجمهورية السنغال، كما عينه الراحل الحسن الثاني عضوا بأكاديمية المملكة، إذ سيجري تكريمه بحضور العديد من أصدقائه وبعض الجامعيين من إفريقيا وبقية دول العالم. ومن المشاركين في الاحتفاء بسينغور هناك الوزير السابق محمد بنعيسى ورموالدو فونكوا، مدير المركز الدولي للدراسات الفرنكفونية بجامعة باريس السوربون، ورافاييل ندياي، مدير مؤسسة سنغور، ومن المغاربة الكاتب الطاهر بنجلون والباحث عبد الله حموتي وآخرون. عزيز المجدوب

مسؤول عسكري فرنسي هام في زيارة للمغرب

شاب يقتل زوج أخته بسيدي بنور

مقالات ذات صلة