الفساد ونهب المال العام: ملايير الدولة في خبر كان

عدم الحسم في استرجاعها يؤكد أن المحاكمات مجرد مسرحيات في كل تقارير المجلس الأعلى للحسابات، أو تقارير لجان تقصي الحقائق، يظهر مشكل الاختلال وسوء تدبير المال العام، ويتحول في بعض منها إلى اختلاس وضياع للمال العام يستوجب المتابعة الجنائية التي تشرف عليها النيابة العامة بتعليمات من وزير العدل والحريات الذي يتلقى من الوكيل العام للمجلس الأعلى للحسابات حسب الفصل 111 من مدونة المحاكم المالية الملفات التي تحمل الطابع الجرمي، وتستوجب متابعة جنائية . في تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2012، أكد أنه أحال على وزير العدل والحريات ستة ملفات كذلك، قد تستوجب عقوبة جنائية تهم 37 شخصا. وهي الملفات التي فتحت بخصوصها النيابة العامة، تحت رئاسة وزير العدل والحريات، بحثا لمعرفة مدى تناسب الفعل الجرمي مع الأفعال المرتكبة، وفي حال ثبوت تلك الأفعال تحال على المحاكمة، وبعدها قد تصدر أحكام بالإدانة أو البراءة كما في ملفات سابقة، لكن في كل مرة يبقى المال العام هو المتضرر من تلك المحاكمات التي لا تخرج عن طابع الإدانة وإجراء خبرات محاسباتية لتحديد حجم الضرر الذي طال المال العام، وتبقى رهينة رفوف من عهد إليه إجراؤها أو رهينة عدم وجود وثائق وغيرها من الأسباب. منذ عهد محكمة العدل الخاصة التي ألغي العمل بها 2004، كانت الدولة دائنة لمختلسي المال العام، وحسب تصريح المرحوم محمد بوزبع وزير العدل الأسبق أمام البرلمان أن مجموع الأموال المختلسة والتي يجب استرجاعها تقدر قيمتها ب 142 مليار سنتيم لم تسترجع منها سوى 4 ملايير، لتبقى 138 غير مسترجعة، في 645 ملفا كانت معروضة على المحكمة نفسها، في حين أن مصادر أخرى تتحدث عن 900 ملف من تركة محكمة العدل الخاصة لم تحدد قيمة المبالغ المختلسة أو المبددة فيها. إن قصور الدولة في استرجاع أموالها المختلسة والمبددة، من تركة محكمة العدل الخاصة، واستمرار الوضع نفسه في الملفات التي أحيلت على القضاء بعد ذلك جعل المتتبع يجزم أن مثل تلك الملفات مجرد مسرحيات تعرض على المواطن المغربي في غياب معالجة حقيقية لها، إذ لم تسفر تلك المحاكمات عن إعادة ما تم الاستيلاء عليه، وأضحت تلك المحاكمات أنها تشكل في غالبيتها "مسكنا للمواطن"، هذا المسكن ربما أعطى مفعوله في البداية، إلا أن تكرار السيناريوهات نفسها أفقده مفعوله وأثار الشك في مصداقية إثارة هذه الملفات والغاية من إعلان الحرب على الفساد، إذا ما كانت ستعالج بالانتقائية في التعامل والمحاسبة. ما الغاية من اعتقال مختلسي المال العام ومحاكمتهم إذا لم يتم استرجاع المال المختلس؟ والحديث عن ملفات جديدة تحمل الشبهة الجنائية في التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، لن يفيد في شيء إذا لم تتحمل الدولة مسؤوليتها في تطبيق ما تضمنه الدستور من خلال إقران المسؤولية بالمحاسبة، وتظهر مدى قوتها في استرجاع الأموال المنهوبة، لأن نجاحها في مهمة محاربة الفساد يتمثل في استرجاع ما تم نهبه أولا، وغير ذلك سيرجعنا إلى الحملات الموسمية. كريمة مصلي

الفساد ونهب المال العام: ملايير الدولة في خبر كان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مغربي ضمن منفذي اعتداء كندا الإرهابي (إشاعة)

غسان شربل: عشرة أيام هزّت العالم

مقالات ذات صلة