الشريـك يدفـع ثمن جـرم مشتـرك

المشرع المغربي أقرن في الجريمة إجراء المتابعة بشكوى الزوج المهان لم تتوحد الاجتهادات القانونية بشأن المتابعة من عدمها في جرائم الخيانة الزوجية، في حال تنازل الزوج أو الزوجة عن المتابعة. ورغم أن الفصل 492 من القانون الجنائي واضح في تلك المسألة باعتبار تنازل الزوجة أو الزوج يوقف المتابعة، بل إن ذلك الفصل ذهب أبعد من ذلك حينما منح إمكانية وضع حد للمتابعة، إذا وقع التنازل بعد صدور حكم غير قابل للطعن، فإن المتابعات التي ترد في هذا الشأن تشوبها اختلالات كثيرة، ويتيه المتتبعون بين الأحكام المتضاربة التي تصدر عن محاكم المملكة، لدرجة يخالون أن كل ولاية أو جهة تتمتع باستقلال في تفريد العقاب والاختلاف في الاجتهاد، في غياب رؤية قانونية واضحة ومشتركة. وضوح النص تقابله في حالات معينة أحكام مخالفة تقرر المتابعة رغم التنازل. التباين في تطبيق القانون فسره المهتمون بأن القضاة يحاولون الاعتماد على التفسير الواسع للنص وذلك بالنظر إلى طبيعة تلك الجرائم وخصوصياتها. وفي هذا الإطاريرى محمد العربي المجبود الرئيس الأول الأسبق للمجلس الأعلى، في مقال له بمجلة المحامي أن أحكام القانون الجنائي بخصوص الخيانة الزوجية، تتطلب بعض الملاحظات، التي تبرز غرابتها وتنعكس سلبا على الحقل التطبيقي والعملي. ويؤكد المجبود أن المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات أراد في جريمة الخيانة الزوجية، ألا تجري المتابعة إلا على أساس شكوى الزوج المهان، اعتبارا منه أن تحريك الدعوى العمومية دون إرادة المجني عليه يؤدي حتما بعلنية المحاكمة إلى فضح ما لحقه من عار وأساء بسمعة شرفه. لكن المشرع حسب القاضي السابق لم يدرس جميع الاحتمالات خاصة تلك المتعلقة بالفقرة الأخيرة من الفصل 492 من القانون الجنائي، التي تقضي بأن تنازل الزوج أو الزوجة لا يستفيد منه المشارك، إذ أن المشرع لم يراع احتمال الخيانة الزوجية البسيطة التي يكون فيها المشارك غير متزوج. وفي الحالة التي يكون الرجل والمرأة اللذان ساهما في اقتراف الفعل الجرمي متزوجين فإن تطبيق الفصل 491 لا يخلو من صعوبات في حالة تقدم زوجة الرجل بشكاية الخيانة الزوجية في حق زوجها ومشاركته فإن هذه الأخيرة تصبح متورطة في المتابعة رغم تنازل زوجها والعكس صحيح ما يجعل الفصلين 491 و492 فارغين من محتواهما بسبب أن المشرع لم يصب الهدف المقصود. ويعتبر المجبود أن هذه الحالة تتشعب أكثر عندما يتنازل كل من الزوج المهان والزوجة المهانة عن شكواهما، فإن المتهمين بالخيانة الزوجية يستفيدان من التنازل بصفتهما الرئيسية لكن تبقى المتابعة جارية بوصفهما شريكين، ما يجعل أن التنازل في مثل هذه الحالات غير ذي جدوى. كما أن عدم استفادة الشريك من التنازل يجعله وحده يدفع ثمن جرم مشترك، وتبعاته القانونية بخلاف الآخر الذي استفاد من التنازل. غرابة موقف المشرع عند المجبود لا تقف عند هذا الحد بل تصل إلى أحكام الفصل 491 التي لا تتلاءم مع مقتضيات الفصل 490 من القانون نفسه التي تعاقب على جنحة الفساد، إذ أن أحكام هذا الفصل لا يجوز تطبيقها على المتزوجين الذين تجري متابعتهم بأحكام خاصة التي لها امتياز على الأحكام العامة، ما يجعلهم في مأمن من أي متابعة ما لم تقدم ضدهم شكاية. ويرى المجبود أنه إذا كان المشرع يعتبر الخيانة الزوجية لا تلحق ضررا بالمجتمع بل بالزوج المهان فقط، فإن الفساد لا يلحق ضررا بأي أحد وحسب هذا المنطق يجب عدم اعتباره جريمة وحذفه من القانون الجنائي. كريمة مصلي

الشريـك يدفـع ثمن جـرم مشتـرك

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الوجوه الانتخابية المألوفة تعود للتنافس بالجديدة

تمويل التكوين المهني... العبء الأكبر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات