موسم الهجرة إلى الشمال يستنفر السلطات

مؤسسة محمد الخامس للتضامن اعتمدت نظاما جديدا لتدبير مرور الحافلات وتحسين ظروف العبور في الموانئ دخلت عملية "مرحبا 2016" منذ 17 غشت الماضي، مرحلتها الثانية مع عودة أفراد الجالية المغربية في الخارج إلى بلدان الإقامة. حركة عبور مكثفة في ميناء طنجة المتوسط بلغت ذروتها نهاية الأسبوع الماضي، وتماهت مع عنوان أشهر روايات الكاتب السوداني الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال"، بالنظر إلى الأعداد الكبيرة للعابرين إلى الضفة الأخرى من المتوسط، الأمر الذي استنفر جميع المتدخلين المنوط بهم تدبير أحد أكبر عمليات العبور في العالم، من أمن وطني ودرك وجمارك وسلطات مينائية، وكذا مؤسسة محمد الخامس للتضامن، المتدخل الإستراتيجي في العملية، الذي يضطلع بمجموعة من الأدوار، ذات الطابع الاجتماعي والإنساني، في مواكبة أفراد الجالية وتحسين شروط عبورهم من وإلى المملكة، عبر التنسيق بين الفاعلين المذكورين، من أجل إيجاد حلول جديدة لتحقيق هذه الغاية، كان آخرها نظام حديث لتدبير ولوج الحافلات إلى الميناء المذكور. بدر الدين عتيقي (موفد الصباح إلى طنجة) شمس الظهيرة ألهبت إسفلت الطريق السيار الرابط بين البيضاء وطنجة، وأجبرت أغلب المهاجرين المتوجهين للعبور إلى الضفة الأخرى على التوقف في المطاعم ومحطات الوقود المحاذية للطريق، وكذا باحات الاستراحة العمومية، خصوصا باحة طنجة المتوسط، التي لم تكن الغاية من التوقف فيها، بالنسبة إلى عدد كبير منهم، الاستظلال فقط من لهيب الصيف، وإنما إنجاز المعاملات الإدارية الخاصة بالعبور قبل بلوغ ميناء طنجة المتوسط، في إطار الاستفادة من نظام جديد للتحكم في ولوج الحافلات إلى الميناء، تم اعتماده خلال موسم العودة الحالي، بعد إخضاعه للتجربة خلال المرحلة الأخيرة من العودة، ضمن عملية "مرحبا 2015". باحة الاستراحة طنجة المتوسط الكبيرة، فضاء تنفيذ النظام الجديد لتدبير مرور الحافلات، تحوي مجموعة من المرافق، التي تتوزع بين مقهى ومطعم، وكذا محل تجاري وفضاء للألعاب، إلى جانب وحدة طبية وفضاء للراحة، يتحول إلى مكان لمبيت بعض الأسر المسافرة من أفراد الجالية، ناهيك عن مساجد ومراحيض، إضافة إلى مكاتب إدارية وخدماتية وشبابيك لبيع تذاكر البواخر، سرعان ما غصت بالزوار مع توالي ساعات الزوال، وهو التطور الذي يصفه فؤاد الزرفي، مسؤول محطة بالسلطة المينائية طنجة المتوسط، بالعادي، بالنظر إلى استقبال بين 30 حافلة و60 يوميا خلال هذه الفترة من عملية العبور، موضحا أن النظام الجديد للتحكم في مرور الحافلات، جاء ليستجيب لمطلبي الزمن والراحة، ذلك أنه قلص مدة الانتظار بالنسبة إلى المسافرين، فساعة واحدة كافية لمعالجة معاملات حافلة واحدة، فيما تحسنت وضعية الانتظار بوجود مرافق حيوية، كان المسافرون يفتقدونها داخل الميناء، إبان النظام القديم للمرور. "جيستيون أوطو كار" تتلخص خدمة التحكم في مرور الحافلات أو "جيستيون أوطو كار"، بلغة المسؤولين بالمكان عينه، في إيقاف الحافلة بباحة الاستراحة، واستخلاص جواز سفر السائق والركاب الذين يرافقونه، ونقل بياناتهم إلى النظام المعلوماتي، قبل إصدار تصريح خاص، يستعين به المسؤول رفقة المكلف بالحافلة، اللذين يتجهان إلى شباك الشركة البحرية، المرغوب التنقل عبر إحدى بواخرها، ليحصلا على رقم حجز تذكرة السفر، الذي يتم تأكيده في المكان عينه، فيما تصدر السلطات المينائية بعد ذلك، بطاقات الإركاب، التي تختلف عن البطاقات الصادرة عن الناقلين، ذلك أن الحافلات لا تستطيع ولوج ميناء طنجة المتوسط، دون التوفر على "بطاقة السلطة المينائية"، التي تتضمن المعلومات الشخصية للمسافر، من اسم ورقم جواز سفر والشركة البحرية التي سيعبر معها. عند الانتهاء من هذه العملية، يحتفظ المسؤول بجوازات السفر، التي تظل مرتبة في شكل مجموعة، إلى حين الاتصال بالسلطات في الميناء، والتأكد من ملاءمة الوضع هناك لمرور الحافلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أجلا زمنيا تتراوح مدته بين ساعة وساعة ونصف ساعة، من أجل انطلاق الحافلة من الباحة وبلوغها الميناء. يحمل المسؤول نفسه جوازات السفر إلى شباك خاص في ميناء طنجة المتوسط، إذ تعمد السلطات إلى اعتماد ملصقات خاصة في تنظيم الجوازات، تمنح رقما واحدا لكل مجموعة وحافلة، بما يسمح بتجنب حالات الارتباك التي يقع فيها عدد من المسافرين في الميناء، خصوصا عند الوصول إلى الجزيرة الخضراء. "انتظار فايف ستار" جولة في باحة الانتظار طنجة المتوسط، تظهر بسرعة حجم العمل الذي تضطلع به عناصر مؤسسة محمد الخامس للتضامن، في مواكبة أفراد الجالية المغربية في الخارج، وتحسين ظروف عبورهم بين الضفتين، إذ ينتشرون عبر 17 موقعا داخل المغرب وخارجه، فيما تتألف بنية الاستقبال من مسؤول عن الموقع، مهمته التنسيق بين المتدخلين في المكان عينه، من مصالح قنصلية وجمارك وشرطة، وكذا مسؤولين آخرين عن الخليتين الاجتماعية والطبية، ضمن منظومة متكاملة يدبرها المكتب المركزي للتنسيق. عناصر مصلحة الإعلام والخدمات الاجتماعية، تتجول في الباحة مستعدة لتلبية نداء أي مسافر والإجابة عن استفساراته، الأمر الذي عاينته "الصباح"، من خلال حالة تهم مشاكل في حجز تذاكر باخرة العبور، واجهتها إحدى الأسر. "المشكل إن شاء الله غادي يتحل"، بهذه العبارات المتفائلة، رد الحسين، مهاجر مغربي في إيطاليا، تعليقا على استفسار حول تفاصيل المشكل الذي يواجهه وأسرته. بالنبرة نفسها، تتحدث مسؤولة الخدمات الاجتماعية في الباحة، موضحة أن عملهم يستمر داخل الفضاء على مدى 24 ساعة متصلة، في إطار نوبات عمل من 12 ساعة. أما المصلحة الطبية بباحة الاستراحة، التي تضم أربعة أطباء متطوعين، وثلاثة ممرضين، فتستقبل 80 حالة يوميا من الزوار المرضى، يؤكد الطبيب المشرف على المصلحة، موضحا أن أغلب الحالات مرتبطة بأمراض وتعفنات الجهاز الهضمي، وكذا الضغط الدموي، إضافة إلى مضاعفات بعض الأمراض المزمنة، بسبب عدم احتياط المصابين بها خلال السفر لمسافات طويلة، مثل السكري وأمراض القلب. 59 عنصرا حولوا ظروف الاستقبال في باحة الاستراحة طنجة المتوسط إلى "انتظار فايف ستار"، وفق تعبير أحد المهاجرين المغاربة. رعاية ضحية انقلاب تركيا أفادت مسؤولة التنسيق المركزي في مؤسسة محمد الخامس للتضامن، برعاية المؤسسة، في إطار التحملات الطبية التي تمنحها لمغاربة الخارج، جثمان الشاب المغربي، ضحية الانقلاب العسكري في تركيا، إذ تكفلت المؤسسة بنقله إلى المغرب. وتحدث فريد طنجاوي، مدير القطب الإنساني بالمؤسسة، عن حالة مميزة استدعت تدخل المؤسسة خلال موسم العبور الحالي، من خلال تكفلها بعلاج أحد المهاجرين المغاربة المقيمين في فرنسا، الذي تعرض لأزمة قلبية، واستقبل من قبل عناصر المؤسسة، إذ تم إسعافه قبل نقله إلى مستشفى محمد الخامس في طنجة، حيث أجريت له عملية، وظل موضوع تتبع إلى غاية بلوغه مسكن ذويه في طانطان، جنوب المملكة. 30 قاصرا يسافرون دون إذن أفادت الإحصائيات الصادرة عن مؤسسة محمد الخامس للتضامن، أنه إلى غاية 26 غشت الجاري، تم تسجيل عبور مليونين و290 ألفا و981 شخصا من مجموع نقط العبور بالمملكة، خلال عملية "مرحبا 2016"، إذ تطور مجموع الوافدين بزائد 3.37 % مقارنة مع السنة الماضية، فيما بلغ عدد العابرين من النقط البحرية ما مجموعه مليون و379 ألفا و527 شخصا، بزيادة نسبتها 60.2 %. وأفادت معطيات خاصة، أن المؤسسة تتكفل في إطار عملية العبور أيضا، بالأشخاص الممنوعين من العبور، بناء على مذكرات بحث أمنية لأسباب مختلفة، وكذا القاصرين المسافرين دون إذن ذويهم، إذ تم رصد 30 حالة في هذا الشأن منذ انطلاق العملية في يونيو الماضي.

موسم الهجرة إلى الشمال يستنفر السلطات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مجلس بركة يرصد معيقات التشغيل الذاتي

700 ألف مستفيد من "شواطئ نظيفة بالبيضاء"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات